ما إن أعلنت الدول العربية المناهضة للإرهاب القطري بقيادة المملكة العربية السعودية، قائمة الشخصيات والكيانات الإرهابية القطرية الجديدة، حتى ساد شعور عارم بالارتياح في الاوساط الليبية حيث تم إدراج عدة كيانات ليبية يرى الليبيون أنها كانت مسؤولة بالدرجة الاولى وربما الحصرية عن ما شهدته ليبيا من تدمير تنموي وبشري خطير، كاد ينسف وجود الدولة الليبية بعد الاطاحة بالرئيس الليبي معمر القذافي، بدعم إعلامي ولوجستي وعسكري من دولة قطر.
وبدأت قصة هذه الكيانات المنفذة لأجندات قطر المشبوهة مع الثورة على نظام القذافي حيث دخلت قطر على الخط وزرعت طابورها الخامس بقيادة الزعيم السابق للجماعة الليبية المقاتلة عبدالحكيم بلحاج، والأخوين علي وإسماعيل الصلابي، والقيادي المتطرف المهدي الحاراثي، وتشير تقارير ليبية أن بلحاج أعلن من مدينة الزنتان الليبية ما يسمى بالمجس العسكري وظهرت لديه إمكانيات مادية ومعدات عسكرية هائلة ولافتة للانتباه، خاصة أن أوضاعه المادية الصعبة معروفة لجميع الليبيين، لكن مصدر الأموال والسلاح انكشف بسرعة لليبيين بعد ظهور بلحاج يوم اقتحام باب العزيزية، وهو يقف الى جانب ضابط الاستخبارات القطري حمد بن فطيس المري، ليتضح للجميع أن دولة قطر هي مصدر أموال وسلاح الرجل.
ويذهب مراقبون إلى أبعد من ذلك ليؤكدوا أن قطر جلبت للرجل مليشيا من المرتزقة الأجانب للقتال إلى جانبه، وتشككت الأجهزة الأمنية الليبية حينها هذه المليشيات المريبة و وصفتها بأنها (جسم غريب مجهول الهوية والتبعية).
ويؤكد عضو مجلس النواب الليبي، إدريس المغربي في تصريحات إعلامية له، أن "قطر تورطت في جلب مرتزقة من حركة العدل والمساواة السودانية، ومن جنوب السودان، وتشاد، ودفع أموال لهم وإيواء قياداتهم فيها، ليدعموا مجلس شورى ثوار بنغازي الجناح العسكري لمجموعة الإخوان المسلمين حيث تضررت ليبيا كثيراً من جراء هذا التدخل القطري".
ويرى نائب رئيس المجلس الانتقالي الليبي السابق عبدالحفيظ غوقة، أنَّ "قطر قامت عبر الجماعات المتطرفة التابعة لها في ليبيا بالسيطرة على مفاصل البلاد، ونشر الفوضى الأمنية، وإطالة أمد الحرب، وكشف "غوقة" في تصريحات إعلامية مؤخرا أنَّ المجلس الوطني الانتقالي الليبي، أرسل سنة 2011 وفدا إلى قطر ليطلب رسميا من أميرها الكف عن هذه الممارسات، ووقف أي نوع من الدعم الذي تقدمه لجماعات الاسلام السياسي المتطرف في ليبيا، لكن التعاطي القطري مع هذا المطلب كان مخيبا لآمال الليبيين، حيث تجاهلت الدوحة الطلب وكثفت دعمها وحضورها الآثم على الأراضي الليبية.
واتهم "غوقة" ومعه الكثير من الشخصيات الليبية قطر باغتيال قائد الاركان الليبي عبد الفتاح يونس، كي تنهار المؤسسة العسكرية الليبية، خاصة أن قائد الاركان القطري خلال مرحلة الثورة كان يتواجد على الاراضي الليبية.
وفي نفس السياق تكشف الناشطة الحقوقية الليبية وعد إبراهيم، أن ضباط الجيش القطري هم من كانوا يستجوبون المعتقلين الليبيين في السجون الليبية، وأن "الوجود القطري الفج في ليبيا والمدعوم من قبل عبدالحكيم بلحاج والتنظيمات الإرهابية هو عامل رئيسي وراء تدهور الأوضاع وفشل بناء الدولة من جديد"، مشيرة إلى أن قطر متغلغلة داخل مفاصل الدولة، خاصة الغرف الأمنية والسياسية، بمساعدة تنظيم القاعدة وجماعة الإخوان.
ويقول الباحث السياسي الليبي فوزي الحداد، "كنت شاهدا على الكثير من هذه الأمور والاتفاقات، وتلك الأموال التي دفعتها قطر كي تتحكم في الميليشيات، ومن ثم صنع القرار في ليبيا"، وتقدر التمويلات القطرية للجماعات المتطرفة في ليبيا بأكثر من مليار دولار ، حيث كان عملاء قطر يسافرون إلى الدوحة للتدريب على الخطط التدميرية وتلقي الأموال.
ومن أخطر الإدانات الموجهة لدولة قطر بضلوعها في تدمير ليبيا، ما جاء على لسان قائد القوات الليبية المسلحة الليبية، المشير خليفة حفتر في تصريحاته للصحافة الفرنسية الاسبوع الماضي في باريس، حيث قال حرفيا: "أنّ قطر كانت وراء كلّ أزمات ليبيا وخرّبت بلدا آمنا بدعمها لجماعات ومنظمات إرهابيّة"، قائلا "ليبيا ستتعافى وقطر عليها مراجعة نفسها".
مجلس شورى ثوار بنغازي
هذا ويشكل مجلس شورى ثوار بنغازي، المدرج على اللائحة العربية المناهضة للإرهاب القطري، القاعدة الصلبة والمرتكز الأساسي لتنفيذ السياسات القطرية المريبة والمدمرة في ليبيا، حيث تأسس في 20 يونيو 2014 كتجمع لميلشيات التطرف في مدينة بنغازي الليبية وضم العديد من التنظيمات الإرهابية الخطرة، من بينها تنظيم "أنصار الشريعة" وميليشيا "درع ليبيا"، إضافة لميليشيا "شهداء 17 فبراير" و"راف الله السحاتي".
ويتهم مجلس شورى ثوار بنغازي، بقتل وتصفية ما يربو على سبعة آلاف ليبي، وإصابة أكثر من 12 ألف آخرين بجروح بالغة، فضلا عن ترويع وتشريد الليبيين، خاصة في مدينة بنغازي.
وبعد دك الجيش الليبي لمعاقل ميليشيات "مجلس شورى ثوار بنغازي" لاذ قادته بالفرار ليعلنوا لاحقا عن تشكيل "سرايا الدفاع عن بنغازي"، بقيادة مصطفى الشركسي، المطرود من الجيش الليبي المشهور بعلاقاته القوية مع قطر.
وتكشف تقارير للأمم المتحدة أن مجلس شورى ثوار بنغازي خلال العام 2015 - 2016 قام بالقتال جنبا إلى جنب مع فرع داعش في ليبيا.
من هذه الاستعراض يتضح للقارئ الكريم خطورة هذه الكيانات الارهابية من جهة ومدى مشروعية وأهمية قرار الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بإدراجها على قائمة الإرهاب، فماذا عن هذه الكيانات؟.
الإرهابيان الساعدي والحسناوي
ضمت لائحة الشخصيات والكيانات الإرهابية المرتبطة بقطر، التي أطلقتها الدول العربية المناهضة للإرهاب القطري بزعامة المملكة العربية السعودية، إرهابيين من أخطر العناصر الليبية المأجورة لقطر، اشتهرا بتاريخهما الدموي البشع في صفوف الحركات الإرهابية في ليبيا وخارجها، ويتعلق الأمر بالإرهابيين الساعدي عبد الله إبراهيم بوخزيم وأحمد عبدالجليل الحسناوي، حيث يعتبر الساعدي المولود سنة 1986 من مؤسسي المليشيا الإرهابية المعروفة بـ"سرايا الدفاع عن بنغازي" في ليبيا، وهي أخطر مليشيا استقطبت كل مكونات الارهاب القطري العسكرية والإعلامية في ليبيا، وللساعدي رغم حداثة سنه له تاريخ حافل بالدماء والتنكيل، فقد قاتل ضمن صفوف تنظيم القاعدة في العراق حيث ارتبط هناك بزعيم القاعدة الراحل أبو مصعب الزرقاوي، قبل أن يعود الى ليبيا قائدا ميدانيا لميليشيا ما يسمى بـ"أنصار الشريعة"، كما تربطه علاقات قوية مع زعيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي الارهابي الجزائري مختار بلمختار الملقب "بلعو"، وتوجه للساعدي اتهامات الضلوع في جلب المتفجرات الى ليبيا، لتفجير المؤسسات والمرافق الحكومية والثكنات العسكرية الليبية.
وتؤكد بعض التقارير الأمنية والإعلامية، أن القوات الأميركية رصدت وجود الإرهابي مختار بالمختار في مزرعة غرب بنغازي، تابعة للساعدي النوفلي، حيث كانت تحتضن اجتماعا لقادة التنظيم الارهابي.
ولا يقل المدرج الليبي الثاني على قائمة الدول العربية المناهضة للإرهاب القطري، خطرا من سابقه فالتقارير تشير إلى أن الإرهابي أحمد عبدالجليل الحسناوي، كان هو حلقة الوصل بين قطر والتنظيمات الارهابية في جنوب ليبيا، ومنطقة الساحل الليبي، وكذلك مع "القاعدة في المغرب الإسلامي" و"أنصار الدين" في مالي، حيث حصلت هذه التنظيمات على الدعم المادي واللوجستي القطري بواسطته.
وتشير تقارير أممية أن أحمد الحسناوي اجتمع مع قادة سرايا الدفاع عن بنغازي ومن ضمنهم إسماعيل محمد الصلابي لتنسيق العمليات الإرهابية على الأراضي الليبية.
وكسابقه يرتبط الحسناوي بعلاقات قوية مع الإرهابي الجزائري "مختار بلمختار"، ويرى بعض المراقبين أن انخراطه في صفوف تنظيم سرايا دفاع بنغازي جاء بأمر من أميره مختار بالمختار المعروف بـ"بلعور"، وقد شكل انضمام الحسناوي لسرايا بنغازي في معركة الهلال النفطي مرحلة فاصلة في تاريخه الدموي.
"راف الله السحاتي".. كتيبة "القاعدة"
ومن ضمن الهيئات الارهابية المدرجة على القائمة العربية المناهضة للإرهاب القطري تظهر كتيبة "راف الله السحاتي" التي تحمل اسم راف الله السحاتي وهو أحد قادة الجماعة الليبية للقتال قتل في إحدى المواجهات مع الجيش الليبي، ومثلت مليشيا "شهداء السابع عشر من فبراير" النواة الأولى لتنظيم "السحاتي" قبل أن تتوسع وتستقطب الكثير من التنظيمات الإرهابية، ويقدر المراقبون هذه المليشيا بألفي مسلح تنتشر في مناطق مختلفة من ليبيا، وقد أراقت الكثير من الدماء الليبية كما عاثت فسادا في مؤسسات الدولة، وهذا ما جعل سكان طرابلس يخرجون في مظاهرات حاشدة للتنديد ببطش هذه الكتيبة بقيادة الارهابي اسماعيل الصلابي أخطر رجالات قطر على الارض الليبية بواسطة شقيقه المقيم في الدوحة علي الصلابي حيث وفر له الدعم المادي والعسكري.
وكانت وكالة "رويترز" قد وصفت الصلابي بأنه أقوى رجل في ليبيا، وله هو الآخر تاريخ طويل مع القتل وإراقة الدماء حيث قاتل في أفغانستان وسورية وليبيا.
مركز السرايا للإعلام: "مركز الرعب القطري"
يمثل مركز السرايا للإعلام في ليبيا وزارة إعلام الحرب الخاصة بمجلس شورى ثوار بنغازي، حيث يمارس هذا المركز “البروباغندا” الإعلامية بأبشع صورها، ويدافع عن السياسات الدموية لهذا التنظيم، ولا يخفي المركز ارتباطه بالأجندات الإعلامية القطرية، ويتميز الخط الإعلامي لهذا المركز ببث المشاهد الصادمة والمؤثرة، كتصفية عناصر الجيش الليبي، كما يبث الفتاوى المتشددة التي تجيز الاعتداء على حرمة كل من لا ينسجم مع رؤية أسياده، لدرجة أن الليبيين يطلقون عليه "مركز الرعب القطري".
مؤسسة التناصح للدعوة والثقافة والإعلام في ليبيا: ثقافة التكفير وإعلام الكراهية
لا تختلف مؤسسة التناصح للدعوة والثقافة والإعلام الليبية، في رسالتها الإعلامية التحريضية، والتكفيرية كثيرا عن مركز سرايا للإعلام، فهي أيضا تبث الفتاوى والخطابات التي تحرض على الكراهية والتكفير، وعلى تصفية كل مخالف للرأي.
قناة "النبأ" الفضائية: صوت الإرهابي الليبي عبدالحكيم بلحاج
مما يضاعف حنق الليبيين على قطر هو ضلوعها في كل ما يجلب الدمار لبلادهم، فلم تقتصر على الدعم العسكري واللوجستي والمادي للتنظيمات الإرهابية، وإنما أنشأت مؤسسات إعلامية مدللة بالمال القطري لبث الخطاب التكفيري الطافح بالكراهية والتضليل والتكفير وعلى رأس تلك المؤسسات تأتي قناة النبأ الفضائية المملوكة للإرهابي الليبي عبد الحكيم بلحاج واشتهرت بشراكتها الإعلامية مع قناة الجزيرة القطرية، وتميز خطها بتثمين العمليات الإرهابية، ودعم سياسة المليشيات المسلحة المنتشرة في ليبيا.
وحسب وكالة الانباء الليبية الرسمية أدرج البرلمان الليبي قناة النبأ الفضائية ضمن قائمة المؤسسات المدعومة من قطر، وهذا ما مهد الطريق لإدراجها ضمن قائمة الكيانات الارهابية التابعة لقطر.
وكالة بشرى الإخبارية: التهريج وتمجيد الإرهاب
لا تختلف وكالة بشرى الإخبارية الليبية، التابعة لتنظيم "سرايا الدفاع عن بن غازي الارهابي المدعوم قطريا عن غيرها من المؤسسات الاعلامية التابعة لماكينة الارهاب الليبي الممول قطريا، فهي تنتهج نفس الخط الاعلامي في التهريج الاعلامي والتهييج الديني ، وتمجيد الارهاب وبث الكراهية، وترسيخ الخطاب الداعشي الارهابي في المجتمع الليبي ، لذا تم إدراجها على قائمة الكيانات الإرهابية الممولة من قطر لبث الفوضى والدمار في أرجاء الدولة الليبية.

---
جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/1614999]لقراءة الخبر كاملاً فضلاً اضغط هنا[/url]