أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الإعلام في جمهورية السودان د. أحمد بلال عثمان أن المملكة كان لها دور محوري في رفع العقوبات الأميركية عن السودان.
جاء ذلك خلال استضافته من قبل هيئة الصحفيين السعوديين في ندوة أقيمت في مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر بالرياض، بحضور عدد من أعضاء مجلس إدارة الهيئة، ورؤساء التحرير وكتّاب الرأي وصحفيين من وسائل إعلامية مختلفة.
وقال د. عثمان: نحن فخورون بالعلاقة بين السودان والمملكة في ظل رعاية خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، إذ شهدت العلاقة نوعاً من الازدهار والتقدّم بصورة كبيرة جداً، وتخطت عقبات البروتوكولات والرسميات، وأصبح فيها شكل متواصل من الزيارات المتبادلة، مما سهل كثيراً من تقوية هذه العلاقة.
وأضاف: الحقيقة، أتيت للمملكة بناءً على دعوة كريمة من أخي وزير الثقافة والإعلام د. عواد بن صالح العواد، وهذه الدعوة تأجلت بعض الشيء بعد أن التقينا في مؤتمر وزراء الإعلام العرب في القاهرة، واتفقنا على تبادل الزيارات، ولكن هذا التأخير صادف مناسبات عديدة هي بالنسبة لنا مفرحة، وخصوصاً مناسبة رفع الحظر عن السودان، وهذا بالنسبة لنا مناسبة مشتركة.
وأردف: أكرر الشكر الجزيل لكم على هذا اللقاء، وهذه العلاقة الكبيرة التي تأسست الآن، علاقة هي أصلاً موجودة بالتأكيد منذ زمن طويل، ولكنها في هذا العهد تشهد الكثير من الازدهار والتفاهم، ونحن بالنسبة لنا المملكة عمق إستراتيجي.. ولا شك في ذلك، والسودان مطلوب منه أن يؤمّن ظهر المملكة وأمن البحر الأحمر.
واسترسل د. عثمان قائلاً: لذلك في كل القضايا التي يعانيها إقليمنا المضطرب والمأزوم يحتاج منا الكثير من التقارب والتفاهم حتى وإن كان ذلك ليس من خلال العمل الدبلوماسي، أو الحراك السياسي.. وإنما قد يكون من خلال دخول المعارك في هذا الأمر، كما حدث في عاصفة الحزم، نحن علينا أن نكون جاهزين لذلك.
وتابع أن حملات التشكيك والاتهامات الموجهة لدول التحالف العربي التي تسعى لإعادة الشرعية في اليمن يجب أن يواجهها صوت يكافحها لذا فإن الجانب الإعلامي يقع عليه دور كبير في التعامل مع مثل هذه الأمور، كما يجب أن يتم تنظيم حملات إعلامية لتقوية الجبهة الداخلية الممتدة من قوى التحالف، من حيث تبادل المعلومات، والتصدي لمثل هذه الشائعات المغرضة التي تحاول أن تفتت عضد التحالف القوي، ويتطلب ذلك منا الكثير من الجهد، خاصة أن الأزمات لم تتوقف، والاضطرابات في ازدياد.
وشدد د. عثمان على أن هذا التحالف هو الضمانة الوحيدة للاستقرار، وأيضاً بذات الجهد والمعنى نسعى في الجانب الاستثماري، وتبادل المنافع، فالسودان أرض فيها الكثير من الخيرات، وكلنا درسنا في المدارس أن السودان (سلة غذاء العالم العربي)، وهذه السلة يجب ألا تكون فارغة، فالأرض متوافرة، والمياه كذلك، والمناخ مناسب، لذلك نعتقد أن الدفع والحماس والاستعداد النفسي الذي نراه جاهز، ليدر خيراً علينا جميعاً.
بدوره، رحب خالد المالك رئيس مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين رئيس تحرير صحيفة الجزيرة بنائب رئيس مجلس الوزراء وزير الإعلام السوداني والوفد المرافق له والمكون من سفير السودان الشقيق عبدالباسط بدوي السنونسي، ونائب رئيس البعثة في السفارة السودانية السفير د. أحمد التيجاني، والوزير المفوّض لجمهورية السودان المعتز إبراهيم، ومدير هيئة الإذاعة والتلفزيون بالسودان أحمد عثمان بكر، والمدير التنفيذي بمكتب نائب رئيس الوزراء وزير الإعلام محمد فضل السيد بلال.
وهنأ المالك الضيف ومرافقيه بصدور قرار رفع العقوبات عن السودان الشقيق بعد طول انتظار من قبل الإدارة الأميركية، وذلك نتيجة للتعاون المثمر بين المملكة والسودان.
وفي سؤال وجهه رئيس تحرير صحيفة "الرياض" الزميل فهد العبدالكريم حول مستقبل العلاقات السودانية المصرية، أجاب د عثمان: إن العلاقة مع عدد من جيراننا كانت متوترة، بل إنّ بعضهم جيّشوا الجيوش ضد السودان.. إثيوبيا على وجه التحديد وإريتريا وتشاد، وليبيا في زمن القذافي، وأوغندا في فترة من الفترات إبان انفصال الجنوب، والآن العلاقة أصبحت بالنسبة لنا وجيراننا أنموذجاً، حتى أننا أقمنا قوات مشتركة على الحدود المشتركة لمنع الأذى إن كان مصدّراً إلينا، أو إلى الدولة الأخرى، ولذلك العلاقات طيبة جداً، وفي ازدهار وانفتاح دبلوماسي كبير، وتظل العلاقة بيننا وبين مصر فيها نوع من الركود، ونوع من التوتر الذي سببه المشاكل الحدودية، التي تظل فيها إشكالات منذ زمن الاستعمار، ويفترض ألا يحدث فيها نوع من الاختلال والتوتر الذي يؤدي إلى القطيعة، ونحن حريصون غاية الحرص على مصالح مصر وعلى علاقتنا معها فهي العلاقة الأساس، والنيل يربطنا وهو أكبر رابط، وليست لدينا أي نية في استعمال القطيعة بيننا وبين مصر، ونحن نعتقد أنه بالعلاقة الطيبة الآن بين المملكة والسودان سيكون هناك نوع من التواصل لحل المشكلات العالقة بيننا وبين مصر.

الشعب السوداني يشكر المملكة لدورها المحوري في رفع العقوبات الأميركية
وفي رده على سؤال مدير التحرير في صحيفة "الرياض" خالد الربيش عن الزراعة في السودان وكيف يمكن استنساخ التجارب الناجحة في مجالات أخرى، خاصة وأن المملكة لم تحقق الفائدة المرجوة من قضية الزراعة في الخارج، قال د. عثمان إن الاستثمارات كانت خجولة نوعاً ما، فالعوامل التي كانت غير مساعدة للاستثمار انتفت وأصبحت المجالات مفتوحة والاستثمار حر طليق، والمرحلة المقبلة ستشهد طفرة كبيرة جداً بالذات في جوانب الاستثمار في مجال اللحوم مثلاً، الزراعة كذلك لا تقتصر فقط على الأعلاف، وإنما هناك القمح وأنواع الحبوب الأخرى، إلى جانب التصنيع الغذائي والزراعي والتصنيع التحويلي، كل هذه المجالات مفتوحة للاستثمار برأس المال السعودي، كبر أو صغر.
وقال الوزير السوداني في معرض رده على سؤال د. فهد الطياش الكاتب بجريدة "الرياض" حول التكامل الإعلامي بين المؤسسات الإعلامية السعودية والسودانية، إن جانب من زيارته للمملكة تستهدف في المرحلة الأولى التعاون والتكامل في مسألة تبادل المعلومات، وتبادل البرامج الإذاعية والتلفزيونية، والأخبار والتحليلات.
أما د. زينب الخضيري الكاتبة بجريدة "الرياض"، فوجهت للضيف سؤالاً عما إذا كان هناك بوادر لمشروعات ثقافية مؤسسية بين السودان والمملكة، فكان رده بأن هذه المشروعات كانت أساسية في زيارته فهناك رؤية وبرنامج تنفيذي مشترك لهذا العمل من أجل تبادل الخبرات، فالثقافة الآن محور أساسي.
وأجاب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الإعلام السوداني على سؤال نائب رئيس تحرير صحيفة الجزيرة عبدالوهاب القحطاني بخصوص رأيه حول مستقبل الصحافة المطبوعة خاصة بعد تدني مداخيل الإعلان والتوزيع وحقيقة علاقة الشد والجذب بين وزارة الإعلام السودانية وأصحاب المواقع الصحفية الإلكترونية، أن مستقبل الصحافة الورقية مظلم بعض الشيء، وأعداد الصحف حالياً أصبحت في تناقص، والغلاء الذي حصل في مدخلات صناعة الصحافة أصبحت عالية من أحبار وأوراق وعمالة ذات تكلفة عالية، وكل هذه عوامل تؤدي إلى خنق صناعة الصحافة.
وأردف أن هناك مقترحات عديدة لإنقاذ الصحافة مثل تكوين مؤسسات كبيرة بحيث تندمج هذه الصحف في كيانات كبيرة وتقوم الحكومة بدعمها في تسهيل التمويل واستيراد الورق والأخبار وما إلى ذلك، لافتاً إلى أن صحافتنا ما زالت صحافة أسرية تعتمد على ملاكها الأفراد، وهم من يصرف عليها، وسوق الإعلان أصبح سوقه كبيراً ولم يعد حكراً على الصحف الورقية، وبخصوص المواقع الإلكترونية لا يوجد بيننا تنازع مع أصحابها إلا أن الأمر يحتاج إلى تشريعات وعمل موازٍ وملتزم للبحث عن الحقيقة والمصداقية، ووجود مصدر حقيقي للخبر أو المعلومة.
ووجه أمين عام هيئة الصحفيين السعوديين د. عبدالله الجحلان سؤالاً لوزير الإعلام السوداني (هل ما زال المواطن السعودي يحتاج إلى التأشيرة للدخول إلى السودان؟)، فأجاب د. عثمان: للأسف ما زالت موجودة، لكن يبدو أنه لا بد أن نبدأ بالتسهيل الكامل للتأشيرة، وأرى أن يجيب السفير عبدالباسط عن هذا السؤال.
التعاون الإعلامي يساهم في مواجهة حملات التشويه.. والمرحلة المقبلة ستشهد طفرة في الجانب الاستثماري
وفي هذا الصدد قال السفير السوداني لدى المملكة: التأشيرة موجودة ولكن كأنها غير موجودة، فبالنسبة للمستثمر السعودي هناك قرار رئاسي من رئاسة الجمهورية يفيد بإعفاء أي مستثمر سعودي من التأشيرة للسودان، ولكن هناك بعض الإجراءات ربما تخص المملكة، كما أننا في الغالب نمنح تأشيرات إكرامية بصلاحية من السفير.
وأوضح د. عثمان في رده على سؤال عضو مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين سعود الغربي عن الدور الذي تلعبه وزارة الإعلام السودانية تجاه الإعلام السوداني المعارض الذي يهاجم المملكة ويشكك في مشاركة السودان في التحالف العربي، أن هذا النوع من الإعلام يهاجم الحكومة السودانية بطريقة غير منطقية ولكن بحجم صغير جداً ولا يؤثر في المزاج العام، أما من يهاجم المملكة يجد نفسه معزولاً، ويكون صوته نشازاً، وقلة من ينساقون وراء هذا الخط لأهداف محددة، ولكن الغالبية العظمى من الشعب والإعلام السوداني ليسوا مع هذه القلة القليلة.
وأضاف: ربما تقصد بذلك من يتحدث عن المملكة وقطر، إلا أن التوجيهات للدولة حازمة وقاطعة بهذا الخصوص، فالسودان مع المملكة وإعلامنا الرسمي يسير في هذا الخط، وأحياناً عندما يحدث بعض التجاوز من البعض فنحن نقوم بمعالجة ذلك.
وهنا استأذن السفير السوداني لإضافة تعقيب على ما قاله د. عثمان فقال: إن ما تتعرض له المملكة من هجوم من هذه الفئة القليلة هو ذريعة للهجوم على الحكومة السودانية، وذلك لأن المملكة قوة إقليمية وروحية مهمة.
وفي سؤال آخر لسعود الغربي حول موضوع المد الصفوي في السودان، أكد د. عثمان أنه كتب تقريراً لرئاسة الجمهوية عن خطورة تنامي هذا المد، وكان الملحق الثقافي الإيراني لديه نفوذ أكبر من السفير الإيراني في السودان ودرجة أعلى، فكان نشاطه ودعواته مزعجة، وبدل أن يكون هناك مركز إيراني واحد في السودان وجدنا أنه أصبح ثلاثة، وبعد قرار قطع العلاقات مع إيران تم إقفال هذه المراكز لإيقاف هذا المد الخطير على السودان وجميع دول أفريقيا، وإن شاء الله سيكون هناك نشاط إعلامي عبر التعاون مع المملكة في أفريقيا ويكون مركزه الخرطوم لمحاربة هذه الظاهرة وعدم تفشيها.
وبخصوص الاستفسار الذي وجهه منصور الشهري صحفي بجريدة عكاظ وعضو مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين عن التعاون المستقبلي بين البلدين في شأن المناورات العسكرية، أفاد الضيف بأن هناك تعاون أمني وعسكري بين البلدين، وقد بلغ ذروته ومن شأن هذه المناورات أن تحقق المزيد من الترابط والفرح بين الشعبين، وكما سبق وأن قلت إن الدفاع عن أرض الحرمين بالنسبة لنا واجب مقدس، سواء كان هذا بالنفس أو بالمال.
كما وجه رئيس تحرير صحيفة المواطن الإلكترونية محمد الشهري سؤالاً للضيف (ما هي الخطوة التي يأملها السودان من المملكة بعد الدور الفاعل لسمو ولي العهد في رفع العقوبات الأميركية؟)، فكان رده على النحو التالي: إن أحد أهداف زيارته للمملكة هو حمل الشكر من الشعب السوداني لهذا الدور العظيم الذي قامت به المملكة ممثلة في خادم الحرمين وولي عهده وللشعب السعودي بأكمله، مشيراً إلى أن السودان ما زال يعاني بسبب وضعه في قائمة الدول الراعية للإرهاب رغم محاربته للإرهاب بالمعلومة والفعل وباعتراف أمريكي ونحن دولة معبر ضخم لأن السودان يؤوي الآن قرابة أربعة ملايين لاجئ من دول الجوار، لذا نطمح في الخطوة الثانية أن تساعدنا المملكة في أن يتم رفع اسم السودان من هذه القائمة.
وفي ختام الندوة، شكر المالك، د. عثمان والوفد المرافق، والحضور من الزملاء الصحفيين والإعلاميين، وقال: إن هذه الندوة مكنتنا من التعرف على الاتجاهات في جمهورية السودان الشقيق، متمنياً ألا تكون هذه الزيارة الأخيرة للمملكة، ولا اللقاء الأخير مع الزملاء الإعلاميين.
د. أحمد عثمان: المملكة عمق إستراتيجي وقوة إقليمية
ولاء حواري ود. زينب الخضيري المشاركات في الندوة
الزملاء: سعود الغربي، عبدالعزيز الجارالله، ناصر الحقباني، محمد الشهري، د. فهد الطياش، د. عبدالرحمن الحبيب، خالد الربيش، منصور الشهري
الندوة أكدت على عمق العلاقات السودانية السعودية
الوفد السوداني شدد على أهمية التعاون والتكامل

---
جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/1630385]لقراءة الخبر كاملاً فضلاً اضغط هنا[/url]