تطابقت تقارير غربية وأفريقية على تسرب كميات كبيرة من السلاح الإيراني إلى أيدي الجماعات الإرهابية في القارة الأفريقية، ما أدى إلى توتر كبير في العلاقات بينها والكثير من دول القارة السمراء وقاد ذلك عدداً من البلدان إلى قطع العلاقات الدبلوماسية نهائياً مع طهران.
ويشير أحدث تقرير ميداني نشره "مركز بحوث تسليح الصراعات" تحت عنوانDistribiution of Iranian Ammunition in" Africa" (توزيع الذخائر الإيرانية في أفريقيا) إلى وجود نحو 14 حالة، تم العثور فيها على أسلحة إيرانية في مناطق نزاعات داخل القارة.
ويؤكد التقرير أن هذه الحالات كانت مع جماعات مسلحة غير نظامية مثل حركة كاسامانس الانفصالية في السنغال، والمتمردين في ساحل العاج، وزامبيا، وحركة إبراهيم الزكزاكي في نيجيريا وإذكاء الفتنة في الصومال.
وكانت شبكة "Fox news" الأميركية كشفت بدورها عن وجود أنشطة لشبكة تهريب أسلحة إيرانية تدعى الوحدة 190 تضم نحو 24 شخصاً، وتقوم بتهريب الأسلحة إلى جمهورية أفريقيا الوسطى واليمن، والصومال، ويقود هذه الوحدة المدعو بهنام شهرياري.
وتعتبر منطقة القرن الأفريقي والوسط والغرب الأفريقي الأكثر وجوداً للعصابات الإيرانية التي تنشط في تجارة السلاح، وبيعه لبعض المكونات القبلية، وتجنيد المرتزقة، وتهريب الألماس، ومعادن الصناعات الحديثة، وتهريب البشر، والتجارة في الأعضاء البشرية، والمخدرات، وتخزين النفايات النووية.
وتعد "مجموعة المستبصرون"، في جيبوتي أول خلية إيرانية في أفريقيا ويقودها عبدالرحمن ادن ورسمة، وينشط في نشر المذاهب المتطرفة للجيبوتيين، كأول مرتكز للميليشيات المتطرفة في الخط اللوجستي الممتد حتى جنوب أفريقيا.
وفي الآونة الأخيرة شكلت الضغوط الدولية الرامية إلى تحجيم النفوذ الإيراني في القارة تحدياً جديداً في مواجهة التوغل الإيراني، ما كشفت عنه خطوة إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية في السودان، ومشاركة بعض الدول الأفريقية في عملية عاصفة الحزم ضد الحوثيين في اليمن التي تقودها المملكة، وتأييد دول أخرى مثل موريتانيا والسنغال للعملية، بالإضافة إلى قطع السودان وجزر القمر علاقاتها مع إيران على خلفية أزمة حرق سفارة المملكة بطهران.
ولعب عنصر المخاوف من نشر المذهب الإيراني المتطرف دوراً مهماً في الوقوف في وجه التوغل الإيراني، ما اتضح جلياً في حالة المملكة المغربية، التي قطعت علاقاتها مع طهران.
وتوترت العلاقات أيضاً بين نيجيريا وإيران بسبب اتهامات لطهران بدعم حركة الزكزاكي المتطرفة، واتهامات أخرى بدعم حركات انفصالية مثل كاسامانس في السنغال.
وفي هذا الشأن قال المحلل السياسي السوداني يوسف الحسن لـ "الرياض": "إيران ظلت تسعى لسنوات طويلة لبناء نفوذ وثقل سياسي وديني في أفريقيا قبل تحويل ذلك النفوذ لقوة عسكرية تدور في فلك المصالح العليا الإيرانية، لكن السقوف المسموح بها من دول غربية تعتبر أفريقيا مجال نفوذها، لا يسمح لإيران الوجود بهذا الحجم ما أدى إلى عرقلة التوسع الإيراني ومن ثم ضموره حالياً".
ويضيف الحسن، السياسة الإيرانية تقوم على صنع خلايا متمردة تتمّ ترقيتها لعصابات، ثم لميليشيات، ثم تدمج هذه الميليشيات كواقع على الأرض في تركيبة الجيش النظامي، كما حدث مع (حزب الله) في لبنان، أو الحشد الشعبي في العراق، والحوثي في اليمن.
ويوضح أن إيران استهدفت بهذه السياسة 30 دولة أفريقية، لكنها فشلت في تحقيق أهدافها وصنعت تهويلاً لحكاية وجودها في أفريقيا.
ويشير المحلل السياسي إلى أن إيران ظلت لسنوات تروج لقصة نفوذها في أفريقيا وكذلك المؤسسات التابعة لها، لكن هذا لا ينفي الخطورة التي اكتسبها الاختراق الإيراني الطائفي للنسيج الاجتماعي بغرب أفريقيا تحديداً.
واستغلَّت إيران المنح التي تقدّمها جامعاتها للطلاب في عدد من البلدان الإفريقية مثل النيجر، وغامبيا، ونيجيريا، والكامرون، وجزر القمر لإيجاد موطئ قدم لها، وأنشأت البعثة الإيرانية في الصومال مثلاً مدرسة للتعليم الحرفي للبنات في منطقة (حمروين) جنوب مقديشو لإنشاء علاقات مع القطاع النسوي.
ويرى المحلل السياسي المهتم بالشأن الأفريقي في السودان عماد حسن، أن إيران اتبعت في أفريقيا من أجل نشر مذهبها المتطرف أسلوب إنشاء دور عبادة لمذهبهم المتطرف، وتكثيف الأنشطة في المراكز الثقافية محاكاةً وتقليداً كاملاً للأسلوب الفرنسي الاستعماري في استهداف الهوية للشعوب الأفريقية وذلك بإنشاء الكنائس وسط المناطق الآهلة بالسكان المسلمين حيث تلعب المراكز الثقافية دوراً مهماً في إحداث التواصل، واختراق البنية النسيجية للمجتمع الأفريقي مستغلة عامل العروبة واللغة الفرنسية.
ويري عماد أن إيران أصيبت بفشل ذريع في إنشاء شعوب خاضعة لإرادتها في أفريقيا رغم أنها عملت من خلال استراتيجية إلباس مذهبها المتطرف بالغطاء الإسلامي المعتدل.
ويؤكد أن الشعوب الإسلامية في القارة السمراء فطنت لخطورة هذا الفكر الغريب عن الطبيعة الأفريقية ذات النسيج المسلم خاصة بعد انكشاف دورها في كل من سورية، والعراق، واليمن، وحقيقة حزب الله وقائدها حسن نصر الله، كل ذلك ولد ردات فعل رافضة للمذهب الإيراني المتطرف.
ويستشهد بحالة الجزائر التي اندلعت فيها احتجاجات 2017 على أنشطة الملحق الثقافي في السفارة الإيرانية وكان شعارها "أطردوا الموسوي"، ثم عقبها رفض شعبي لزيارة الرئيس روحاني والتي ألغيت بسبب الضغوط الشعبية الرافضة لزيارته.

---
جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/1679610]لقراءة الخبر كاملاً فضلاً اضغط هنا[/url]