تؤكد تصريحات ترمب انحصار المؤامرة الخبيثة ضد المملكة، بعد تلميحاته أن المملكة تختلف عن أي دولة بالعالم، حيث كان الهدف الأبرز من وراء المؤامرة الكبرى عليها من وراء قضية خاشقجي، هو محاولة تعطيل جهود النمو والتقدم التي تسير فيها المملكة، من خلال تدشين المشروعات العملاقة وانتهاج استراتيجية تنويع مصادر الدخل، والسعي إلى تحويل البلاد إلى مركز إنتاجي صناعي إقليمي، والمضي بخطى ثابتة في تحقيق رؤيتها الطموحة 2030، إضافة إلى وقوفها بجانب الدول العربية وتحطيم أحلام الفرس وأطراف إقليمية دأبت على محاولة إسقاط الدول العربية، لكن المملكة سرعان ما أثبتت أنها عصية على التآمر من خلال انتهاجها لسياسات مالية جديدة، واستراتيجيات مختلفة، وتحالفات إقليمية ودولية*تحقق توازن العلاقات الدولية لها. إلا أن أطراف إقليمية لا تزال تسعى في تسييس القضية، اعتقاداً منها أنها ستكون مفتاح دمار المنطقة.
«ضربة قاصمة»
وجاءت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخيرة بشأن قضية خاشقجي ضربة قاصمة لأعداء السعودية وتأكيد على أن المملكة دولة عظمى عصية على الانكسار، حيث أثبتت أن المخابرات الأميركية ونظيراتها الدوليين، لا تملك أي دليل جديد بالقضية سوى ما أفصحت عنه النيابة العامة السعودية، الأمر الذي جعل الولايات المتحدة الأميركية التي لم تتردد في فرض عقوبات على العديد من دول العالم وبينها روسيا، تتبع الحذر وتتراجع عبر رئيسها عن بيانات سابقة، في ظل عدم الوصول إلى تأكيدات بشأن مزاعم أطراف إقليمية حول تورط مسؤولين سعوديين كبار بالقضية، وبالتالي فقد نسفت تصريحات ترمب أهواء أعداء الأمة في فرض عقوبات على المملكة أو تدمير علاقاتها الخارجية، في حين أن جميع المعطيات تؤكد أن قضية خاشقجي لم تخرج عن إطار خطأ فردي أفضى للقتل دون علم قيادة المملكة، وحصول الاستخبارات على تقرير مضلل بشأن ماحدث في القنصلية السعودية باسطنبول.
ويأتي ذلك في وقت تحمل خلاله المملكة العديد من البدائل للعب على الساحة الدولية، وإمكانية تغيير السياسة العالمية بأكملها في الشرق الأوسط، حال استشعارها بخطر حقيقي على مصالحها، وهذا ما أظهره رد المملكة على المؤامرة التي نسجت لها بقضية خاشقجي، إذا سبق وأن صرح مصدر مسؤول بالخارجية السعودية، قائلاً: «إذا تلقت المملكة أي إجراء فسوف ترد عليه بإجراء أكبر، وأن لاقتصاد المملكة دوراً مؤثراً وحيوياً في الاقتصاد العالمي، وأن اقتصاد المملكة لا يتأثر إلا بتأثر الاقتصاد العالمي».
«الثقل الاقتصادي»
وتثبت تصريحات ترمب للعالم أن العبث مع المملكة خط أحمر، حين قال إنه «لن يدمر الاقتصاد العالمي بالتشدد تجاه السعودية في قضية خاشقجي التي لا يعلم عنها جميع الحقائق»، وذلك لما تمثله المملكة من ثقل في الاقتصاد العالمي، فهي عضو بمجموعة العشرين التي تتحكم باقتصاد الكرة الأرضية، وأكبر مصدر للنفط الخام في العالم، وتمتلك ثاني أكبر احتياطي للنفط، وسادس احتياطي غاز عالمياً، كما يمثل إنتاجها من النفط نحو 32 بالمئة من إجمالي نسب إنتاج دول أوبك المصدرة للنفط مجتمعة، هذا وبلغت الأصول الاحتياطية للمملكة بالخارج نحو 510 مليارات دولار خلال العام الجاري، والتي تشمل الاستثمارات في الأوراق المالية، والودائع الخارجية، والذهب النقدي، ونسبة الاحتياطي لدى صندوق النقد الدولي.
ولذلك أشار الرئيس الأميركي في تصريحاته إلى محورية دور المملكة في اقتصاد أميركا والعالم، والسيطرة على أسعار النفط العالمية، والجهود السعودية المتواصلة مع بلاده للحفاظ على أسواق الطاقة وأسعارها عند مستويات معقولة بعد الارتفاع الكبير في أسعارها، الأمر الذي يؤكد أن ترك المؤامرة تستفحل ضد السعودية؛ سيؤدي إلى قرارات جديدة تتسبب في أزمة عالمية في حال لجوء المملكة إلى خفض إنتاجها، وبالتالي زيادة مطردة في أسعار النفط عالمياً؛ مما سيؤثر بقوة على الاقتصاد الأميركي والأوروبي والدول المستوردة للذهب الأسود.
«الإرهاب الإيراني»
ومن أهمية المملكة لاقتصاد العالم إلى دورها المصيري في مكافحة الممارسات الإيرانية المهددة للأمن والسلم الدوليين، فلا يخفى على أحد ما بات يمثله الإرهاب الإيراني من خطر حقيقي على أمن العالم بأسره وليس فقط المنطقة العربية، في ظل تنامي التهديد الإيراني للمصالح الأميركية والأوروبية بالشرق الأوسط، ومساعي طهران للسيطرة على آبار النفط في سورية والعراق، وتسليح أذرعها الميليشياوية بالصواريخ بعيدة المدى التي يصل مداها لمختلف دول المنطقة، وتهديدها لناقلات النفط وحركة الملاحة الدولية بمضيق باب المندب على الحدود اليمنية المطلة على البحر الأحمر، فجميعها تهديدات حتّمت الشراكة الأميركية مع السعودية بمكانتها العربية والإسلامية من أجل مواجهة المشروع الإيراني التوسعي.
«آفة التطرف»
وفي احتياج آخر للمملكة، فإن الولايات المتحدة مقتنعة تماما بأهمية السعودية في ردع آفة الجماعات المتطرفة التي ضربت منطقة الشرق الأوسط خلال العقود الماضية، وهذا ما أكده الرئيس الأميركي بقوله إن «السعودية أنفقت مليارات الدولارات في قيادة الحرب ضد الإرهاب»، حيث نجحت المملكة في إنقاذ مصر من براثن تنظيم الإخوان، ومنعت وقوعها في مستنقع من الأزمات الأمنية والاقتصادية بدعهما للدولة المصرية اقتصادياً وأمنياً واستخباراتياً في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013م، كما تقود المملكة التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، الذي يواجه إرهاب ميليشيا الحوثي الإيرانية وتنظيمي القاعدة وداعش اللذين ينتشران في الجنوب اليمني، ودشنت المملكة التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب الذي يتولى مهام التنسيق بين الدول الإسلامية فيما يخص مكافحة التطرف والجماعات الإرهابية، وتتعاون مع دول العالم فيما يخص اجتثاث هذه الآفة من جذورها لحفظ الأمن والاستقرار العالمي.
عرش الإنسانية
وإلى جانب جهودها في مكافحة الإرهاب، لا تتوقف المملكة عن رعاية ضحاياه، حيث تتربع المملكة على عرش أكبر الدول التي تقدم مساعدات إنسانية وإغاثية في العالم، وبالتالي ترفع الحرج عن المجتمع الدولي فيما يخص دوره المنوط به في مساعدة ضحايا الإرهاب والشعوب المنكوبة، ففي اليمن قدمت المملكة مساعدات للشعب اليمني بأكثر من 11 مليار دولار خلال العامين الماضيين فقط، إلى جانب العديد من المشروعات العلاجية والتعليمية والاجتماعية والإيواء واستقبال مئات الآلاف من النازحين، كما دعمت العراق في حربه ضد الإرهاب وقدمت للحكومة العراقية منحة بمقدار 1.5 مليار دولار من أجل إعادة إعمار البلاد، ودشنت مجلس تنسيق اقتصادي بين البلدين، وبلغ مقدار ما قدمته للبنان منذ التسعينيات أكثر من 70 مليار دولار، وكذلك الحال بالنسبة لمصر منذ دعمها بحرب عام 1973، إضافة إلى تخصيص شحنات نفط للدول العربية في أوقات الأزمات، استفادت منها مصر واليمن والمغرب وتونس والسودان والأردن ولبنان في إطار العمل الإنساني تجاه العرب، مع دورها الإنساني تجاه بورما وعدد من الدول الإسلامية والأفريقية التي تعاني الفقر والمجاعة.
واشنطن تحبط معسكر التأليب

---
جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/1720655]لقراءة الخبر كاملاً فضلاً اضغط هنا[/url]