كأنما أزمة اليمن الحالية جاءت لتثبت عقم المؤسسات الدولية والمنظمات الإنسانية في معالجة الصراعات العالمية، وفي مقدمة هذه المؤسسات، الأمم المتحدة. تلك المنظمة التي ما فتئت، تقدم كل يوم الدليل تلو الآخر على عجزها وتراخيها وعدم حياديتها، وارتهانها لقوى عالمية، ومقررين غير معنيين بإنهاء الصراعات والبحث عن سبل لتحقيق السلام والأمن العالميين.
ليس هذا وحسب، بل وتمعن هذه المنظمة الدولية بالتراخي عن قصد أو بسبب بيروقراطية قراراتها أو فسادها في اتخاذ المواقف القوية المؤثرة، في الأزمات الدولية الإنسانية، التي يبدو أنها تمثل مناسبة للمكاسب بالنسبة لبعض القوى الكبرى، المهيمنة على الأمم المتحدة.
فيما يبذل التحالف العربي لنصرة الشرعية في اليمن قصارى جهده، بقيادة المملكة العربية السعودية ويبذل النفيس والغالي لمساعدة الأشقاء في اليمن، وإعادة الأمور إلى نصابها، ودرء مخاطر التدخلات الأجنية فيه، تقف المنظمة الدولية عاجزة عن تقديم دور فاعل في هذه الأزمة وإنهائها وحلها بالطرق الدبلوماسية، ووقوفها صامتة ولعب دور المتفرج، أو تبادر بتصريحات كلامية أو مواقف خجولة لا ترقى إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقها.
ولعل أخطر ما في الأمر، هو تعامل الأمم المتحدة مع عصابات الحوثيين، وكأنهم يمثلون جانب الشرعية في اليمن، وهي تدرك جيداً أن الحوثيين ليسوا إلا ميليشيات أغتصبت السلطة بقوة السلاح، وأطاحت بأمن الوطن والمواطن، تنفيذاً لأجندات إيران، ولم تكتف الأمم المتحدة بدورها السلبي هذا بل وحاولت بخبث أن تجمع بين القاتل المجرم، وبين المنقذ الإنسان، بتعاملها المتكافئ مع طرفي الأزمة وكأنها تساوي بين الضحية والجلاد، بهدف شرعنة مواقف الانقلابيين، والتعامل معهم كأمر واقع، وهو ما يمثل خطأ سياسياً فادحاً، لن يعرقل حل الأزمة في اليمن، وإنما سيساهم في زيادة تعقيداتها واستمرار الأزمة، وذلك أن مواقفها المائعة في اليمن، تعطي طوق نجاة للميليشيات الحوثية ومن ورائها، كلما ضاق الخناق حولها، من خلال العمل العسكري المشروع الذي يقوم به التحالف العربي، لاستئصال شأفة الانقلابيين، وهي سياسة اتبعتها الأمم المتحدة منذ تحركات الحوثي المبكرة عبر مبعوثها السابق جمال بنعمر، حيث عكست الشللية والتكتلات القائمة في الأمم المتحدة نفسها على الأرض، وأدت إلى تقاعس واضح للأمم المتحدة، ولا سيما بعد تقلد الأمين العام غوتيريس منصبه، والذي استهله بتقارير مبنية على أسس غير قانونية أو معايير دولية، ما يؤدي بالنهاية إلى إحداث حالة من الانشقاقات في المجتمع الدولي. ويلاحظ بوضوح أن في كل مرة يضيق فيها الخناق على الحوثيين بفعل ضربات التحالف العربي، تصحو الأمم المتحدة من سبات فرضته على نفسها، لتتاجر بالشعارات الإنسانية، والحفاظ على المدنيين، الذين يدرك العالم كله أنهم كانوا ومازالوا الهدف الأول للميليشيات.
ورغم كل ذلك إلا أن التحالف العربي دأب على تقديم مختلف الأعمال الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني، إذ بلغت تكلفة المساعدات المقدمة مليار و600 مليون ريال، بجانب علاج 4100 مصاب منهم في مستشفيات المملكة، والأردن، والسودان، على نفقة المملكة العربية السعودية، فضلاً عن المساعدات الإنسانية والطبية من دولة الإمارات العربية المتحدة التي دعمت الجانب الإنساني بسخاء.
أخيراً لابد من القول إن دعوة الإمارات العربية المتحدة، للاتحاد الأوروبي بالقيام بدور فاعل للحفاظ على اتفاق ستوكهولم وتنفيذه، تعني وضع العالم وتحديداً الدول الأوروبية أمام مسؤولياتها، في ظل عجز وتراخي الأمم المتحدة، وفشلها الذريع في التعامل بجدية وإخلاص لإنهاء محنة اليمن واليمنيين.

---
جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/1734325]لقراءة الخبر كاملاً فضلاً اضغط هنا[/url]