بدأت الثلاثاء محاكمة الرئيس السوداني السابق عمر البشير أمام المحكمة في قضية الانقلاب على حكومة منتخبة في عام 1989، وهو يواجه عقوبة إعدام محتملة في حال إدانته.
وبعد وقت قصير على انطلاقها، رفع رئيس المحكمة القاضي عصام الدين محمد ابراهيم الجلسة حتى 11 أغسطس.
وجلس قربه في قفص حديدي سبعة وعشرون متهما آخرين.
وبين المتهمين نائبا بشير السابقان علي عثمان محمد طه والجنرال بكري حسن صالح، ومسؤولين تقلدوا مواقع وزارية ومناصب حكام ولايات وقيادات عسكرية أثناء حقبة حكم البشير للبلاد.
وقال رئيس المحكمة القاضي القاضي عصام الدين محمد ابراهيم بعد افتتاح الجلسة: "لدينا ثمانية وعشرون متهما"، مضيفا "هذه المحكمة ستتيح لكل شخص الفرصة ليقدم دفوعاته ويعرض قضيته وستقف على مسافة واحدة من الجميع".
وأضاف، "هذه القاعة لا تتسع لكل محامي الدفاع (عددهم 199). لذلك، قررنا رفع هذه الجلسة لاتخاذ تدابير أفضل، والجلسة القادمة ستكون يوم 11 أغسطس القادم".
وأوضح المحامي معز حضره، أحد ممثلي الاتهام في القضية، أن "المتهمين يقدمون للمحاكمة بموجب المادة 96 من القانون الجنائي السوداني لسنة 1983، المتعلقة بتقويض النظام الدستوري، والمادة 78 من القانون نفسه، الاشتراك في الفعل الجنائي".
وحرّكت الدعوى مجموعة من المحامين، وتولّى النائب العام لاحقا تشكيل لجنة تحقيق في انقلاب 1989، وتشكيل هيئة اتهام مشتركة بين النيابة العامة ومجموعة المحامين.
ورفض البشير الكلام خلال التحقيق.
وأطاح الجيش بالبشير في 11 أبريل 2019 بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية المطالبة برحيله. وتمّ توقيفه على الأثر.
والبشير هو أول رئيس سوداني وصل الى السلطة في انقلاب عسكري يقدّم للمحاكمة منذ استقلال السودان في عام 1956. وشهد السودان بعد ذلك ثلاثة انقلابات عسكرية قادها ابراهيم عبود في 1959 وبقي في السلطة حتى 1964، وجعفر نميري 1969 الى 1985 ثم البشير 1989 الى 2019.
واستولى البشير على السلطة من حكومة منتخبة برئاسة الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة، أكبر الأحزاب السودانية.
كان ذلك في 30 يونيو. أعلن الانقلاب عبر الإذاعة. وأغلق الجيش المطار، وأوقف أبرز المسؤولين السياسيين وعلّق العمل بالمؤسسات، لا سيما البرلمان.
وبقي البشير في السلطة 30 عاما.
وقال أحد ممثلي الاتهام "لدينا أدلة وبينات قوية في مواجهة المتهمين".
وأضاف "المحاكمة توجّه رسالة الى كل من يحاول تقويض النظام الدستوري بأن الأمر يجرّم، وهذا يمثل حماية للديمقراطية".
وتحكم السودان اليوم مجلس سيادة وحكومة من عسكريين ومدنيين تسلمت السلطة في صيف 2019 بعد تواصل الاحتجاجات إثر سقوط البشير للمطالبة بالديموقراطية، وبعد فضّ اعتصام شعبي أمام مقر وزارة الدفاع بالقوة، ما خلّف عشرات القتلى. وتلت ذلك مفاوضات بين العسكريين الذين كانوا تسلموا السلطة بعد سقوط البشير وقادة الاحتجاجات انتهت الى الاتفاق على مرحلة انتقالية من ثلاث سنوات تنتهي بانتخابات.
والبشير مطلوب أيضا من المحكمة الجنائية الدولية التي تتهمه بارتكاب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية خلال النزاع في إقليم دارفور في غرب البلاد الذي اندلع في العام 2003، وتسبّب بمقتل 300 ألف شخص، وبنزوح الملايين.
وأعلنت الحكومة الحالية استعدادها لتسليم البشير والمتهمين الآخرين في هذا الملف الى المحكمة الجنائية.
ويؤكدّ دفاع البشير أن المحاكمة التي بدأت اليوم "سياسية".
وقال أحد محامي الدفاع هاشم الجعلي: "رؤيتنا للمحاكمة أنها محاكمة سياسية أُلبست ثوب القانون، كما أنها تجري في مناخ عدائي للمتهمين من جانب أجهزة تنفيذ القانون".
وأضاف "هذه الوقائع سقطت بالتقادم، إذ مضى على وقوعها أكثر من عشرة أعوام".
واعتبر الجعلي أن المحاكمة تريد "وصم الحركة السودانية بالإرهاب، لكن لدينا من الأدلة ما يدحض ذلك بأنه افتراء".
في المقابل، يعبّر ضابط الشرطة المتقاعد صلاح مطر الذي كان لدى وقوع انقلاب البشير مديرا للأمن الداخلي، عن سعادته إزاء بدء المحاكمة.
ويقول الضابط الذي أحيل الى التقاعد بعد أسبوع واحد من وصول البشير الى السلطة، "قبل ستة أشهر من وقوع الانقلاب، رصدنا اجتماعات وجبهة البشير القومية كانت تعد لانقلاب على الحكومة المنتخبة. أعددنا تقريرا وسلمناه الى وزير الداخلية وقتها مبارك الفاضل المهدي، ولكنه تجاهل التقرير".

---
جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/1832863]لقراءة الخبر كاملاً فضلاً اضغط هنا[/url]