أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن تسلّم الولايات المتحدة لتعويضات بقيمة 330 مليون دولار من السودان ستدفع لضحايا وعائلات الأفراد المتضررين من تفجيرات عام 1998 في سفارتي الولايات المتحدة في تنزانيا وكينيا، وهجوم عام 2000 على السفينة "يو إس إس كول"، وقتل موظف بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الخرطوم.
وقال بلينكين: "كان الحصول على تعويضات لهؤلاء الضحايا أولوية قصوى لوزارة الخارجية، كما نأمل في أن تساعدهم هذه التعويضات في إيجاد حلول للمآسي الرهيبة التي تعرّضت لها عائلاتهم”.
وكانت التعويضات قد دفعت في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب وتم الاحتفاظ بها في حساب ضمان إلى أن يحصل السودان على الحصانة السيادية التي أكدّ بلينكن بدء الكونغرس الأميركي بإجراءات استعادتها ما سيعفي السودان من المحاكمات القانونية والعقوبات.
وقال بلينكن “إننا نقدر جهود السودان البناءة على مدى العامين الماضيين للعمل معنا لحل هذه المطالبات المعلقة منذ فترة طويلة” معلناً عن بدء عهد جديد من العلاقات الأميركية مع السودان.
العلاقات تدخل مرحلة تاريخية جديدة
يعود تاريخ التوتر في العلاقات السودانية - الأميركية إلى وقت طويل، حيث بدأت العلاقات بالتدهور منذ سبعينات القرن الماضي في ظل حكم الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري لتزداد العلاقة توتراً وتعقيداً بعد استيلاء نظام البشير على السلطة في العام 1989.
كل هذه السنوات من التوتر في العلاقة السودانية الأميركية، حملت معها ضغوطاً مستدامة جاءت غالباً على شكل عقوبات أدت إلى عزلة كبيرة عانى منها السودان على مر السنوات.
وينظر اليوم إلى التقارب التاريخي الأميركي السوداني بالكثير من التفاؤل لما قد يجلبه من منفعة اقتصادية واستراتيجية للسودان الغني بالموارد الطبيعية، فالقطيعة الأميركية مع السودان لم تكن تقتصر على الجانب الأميركي بل أخذت طابعاً دولياً.
وورث نظام البشير العداوة مع واشنطن من نظام النميري الاشتراكي الذي سبقه، لتستمر القطيعة والجفاء في العلاقة على مر التاريخ وتبلغ أوجها في عهد بيل كلينتون وتستمر حتى عهد باراك أوباما.
وعلى الرغم من الوعود الأميركية للسودان في عهد "جورج بوش" الابن برفع اسم السودان من قوائم الإرهاب وتحسين العلاقة مع الخرطوم إلا أن شيء من هذا لم يتحقق، ليأتي لاحقاً الرئيس الأسبق باراك أوباما ويكلف مندوبة أميركا في مجلس الأمن "سوزان رايس" بفتح مفاوضات جادة مع السودان إلا انها لم تفضي إلى مخرج للسودان من العقوبات والضغوطات الأميركية.
ويقول ديفيد أوتاواي، الباحث في معهد "ويلسون" أن اعادة العلاقات مع السودان من شأنه جلب منفعة كبيرة للشعب السوداني الذي عانى كثيراً بسبب العزلة التي أخذته إليها سلوكيات نظام البشير الذي كان رهن أراضي السودان في الكثير من الأحيان لصالح مشروعات منبوذة دولياً مثل مشروع "القاعدة" أو جماعات إرهابية كـ"الاخوان" وجماعات مسلحة تابعة لإيران والتي تلقى الكثير منها تدريبها في السودان في زمن البشير.
وأضاف اوتاوي، نرى اليوم كيف انهارت كل هذه الانظمة التي استخدمت هذه المشاريع لتحقيق مكاسب حزبية فمن نظام الأسد إلى البشير والقذافي، لم تورّث هذه الأنظمة لشعوبها سوى الدمار والحروب الأهلية والمعاناة الاقتصادية ومن الجدير بالذكر أن كل هذه القيادات لم تحكم دولاً "مهترئة اقتصادياً" بل لكل من سوريا وليبيا والسودان القدرة على الاكتفاء ذاتياً والعيش بكرامة الا أن المراهنة على اوراق الفوضى والإرهاب لم تخدم أي من هذه التجارب.
ويفيد اوتاوي بأن المشترك بين كل هذه الدول هو أن شعوبها لم تعد ترغب بأن تتم المتاجرة بها لأجل مشروعات كبيرة فارغة المضمون لم يتحقق أي منها، فباتت أحلام ورغبات هذه الشعوب تتلخص بالعيش الكريم ولو بالحدود الدنيا.

---
جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/1878559]لقراءة الخبر كاملاً فضلاً اضغط هنا[/url]