تعهدت أقوى شخصيتين على الساحة السياسية في جنوب السودان الجمعة بعدم السماح بعودة البلاد للحرب، وذلك خلال الاحتفال بالذكرى العاشرة لمولد الدولة، بينما قال البابا فرنسيس: إنه سيقوم بزيارة إذا بذل الزعماء السياسيون مزيداً من الجهد حفاظاً على السلام الهش.
واندلع العنف في جنوب السودان في نهاية 2013 بعد عامين من الانفصال عن السودان، وذلك عندما عزل الرئيس سلفا كير، وهو من عرقية الدينكا، نائبه ريك مشار المنتمي لعرقية النوير.
ومنذ ذلك الحين أبرما العديد من الاتفاقات لإنهاء حرب أججها توتر عرقي طويل الأمد وأودت بحياة أكثر من 400 ألف شخص، ونجحا في نهاية المطاف في تشكيل حكومة وحدة وطنية في العام الماضي.
وقال كير في كلمة بمناسبة عيد الاستقلال: "أؤكد لكم أنني لن أعود إلى الحرب مرة أخرى. دعونا نتعاون جميعاً لتعويض العقد الضائع وإعادة بلدنا إلى مسار التنمية في هذا العقد الجديد".
وحل كير البرلمان في مايو، الأمر الذي مهد الطريق إلى مجلس تشريعي أوسع نطاقاً يضم 550 عضواً بحيث يمثل جميع الجماعات العرقية بموجب بنود أحدث اتفاق سلام.
وفي تصريحات أدلى بها مشار في مكان آخر في جوبا قال: إنه وكير يحملان على أكتافهما توقعات كبيرة.
وأضاف: "شعبنا يتوقع منا الكثير. العالم أيضاً يتوقع منا الكثير.. ولكي نواصل الاحتفالات (بالاستقلال) في كل مرة، لا بد أن نبقي السلام حياً".
ويعد جنوب السودان الذي يحتفل الجمعة بمرور عقد على استقلاله البلد الأحدث في العالم ومن بين الأفقر، إذ تشلّه حرب مدمّرة حصدت أرواح عشرات الآلاف.
البلد الأحدث في العالم
أعلن جنوب السودان استقلاله عن السودان في يوليو 2011 بعد استفتاء صوّت نحو 99 % من المشاركين فيه لصالح الانفصال، وجاء التصويت بعد حربين أهليتين شارك فيهما متمردون من جنوب السودان.
وقعت الحكومة والمتمرّدون الجنوبيون اتفاق سلام عام 2005، استثنى الجنوب من تطبيق الشريعة ومنحه ست سنوات من الحكم الذاتي قبل الاستفتاء على الاستقلال.
وتم تنصيب سلفا كير كأول رئيس للبلاد ورياك مشار نائباً له.
حرب أهلية أخرى
كان كير ومشار في الخندق ذاته في دعم الاستقلال عن الخرطوم، لكنهما اختلفا لاحقاً جرّاء نزاعات عرقية وسياسية.
وارتفع مستوى التوتر عندما أقيل مشار، المنتمي إلى النوير، ثاني أكبر قبيلة في البلاد، من منصب نائب الرئيس عام 2013.
واتّهمه كير المتحدّر من قبيلة الدنكا لاحقاً بشن انقلاب فاشل.
وبحلول ديسمبر 2013، دخلت البلاد حرباً أهلية شهدت مجازر عرقية واسعة النطاق وتجنيد أطفال وانتهاكات عديدة.
وبموجب اتفاق سلام عام 2015، أعيد تعيين مشار نائباً للرئيس، لكن القتال اندلع مجدداً ليفرّ مع قواته.
التقى الخصمان في يونيو 2018 وتم التوصل إلى اتفاق سلام جديد في سبتمبر بهدف تأسيس حكومة وحدة وطنية. وتأجلت الخطوة مرّتين.
وقتل أكثر من 380 ألف شخص في الحرب الأخيرة، نصفهم جرّاء المرض وعدم القدرة على الحصول على الرعاية الصحية.
وشردت الحرب نحو أربعة ملايين آخرين.
واتّهمت الأمم المتحدة القوات الحكومية ومجموعات مسلّحة أخرى بـ"تجويع" المدنيين "عمداً" عبر منع وصول المساعدات ودفع السكان إلى النزوح.
وأدى تواصل العنف إلى جعل جنوب السودان من بين بلدان العالم الأكثر خطورة بالنسبة للعاملين في مجال الإغاثة، فيما قتل أربعة منهم الشهر الماضي.
فقر وجراد
يعيش أربعة من كل خمسة من سكان جنوب السودان البالغ عددهم 11 مليوناً في "فقر تام"، وفق بيانات البنك الدولي للعام 2018.
ويواجه أكثر من 60 % من السكان الجوع الشديد جرّاء تداعيات الحرب والجفاف والفيضانات.
وتفاقمت معاناتهم مع غزو متكرر لأسراب جراد الصحراء.
وتضع هذه الظروف جنوب السودان في المرتبة 185 من بين 189 دولة على مؤشر التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة.
اقتصاد مدَمّر
بحسب البنك الدولي، يمثّل إنتاج النفط، الذي كان مصدر 98 % من عائدات جنوب السودان عند استقلاله، كافة صادرات البلد تقريباً وأكثر من 40 في المئة من إجمالي الناتج الوطني.
ومنذ اتفاق السلام سنة 2018، ازداد إنتاج النفط إلى نحو نصف ما كان عليه تقريباً قبل الحرب.
وبينما كان من المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج الداخلي إلى 7,9 في المئة العالم الماضي، تباطأ ذلك جرّاء فيروس كورونا وتواصل عدم الاستقرار، رغم أن التضخّم انخفض كثيراً عن ذروة عام 2019 عندما بلغت نسبته 170 في المئة.
يعاني جنوب السودان أيضاً من الفساد، بحسب منظمة الشفافية الدولية، التي تضعه في المرتبة 178 من 180 على مؤشرها.
مستنقع وسافانا
يعد جنوب السودان موطناً لأنواع برية متنوعة بينها ظباء وفيلة وزرافات وأسود، وأكبر نظام بيئي للسافانا في منطقة شرق إفريقيا.
كما أن منطقة السُّد الشاسعة تعد أكبر منطقة مستنقعات في العالم حيث تعيش مئات الأنواع من الطيور وسط حقول أوراق البردي والنباتات المائية.

---
جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/1895513]لقراءة الخبر كاملاً فضلاً اضغط هنا[/url]