يواصل السودانيون احتجاجاتهم ضد قرارات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان التي أطاحت بالشركاء المدنيين في العملية الانتقالية من الحكم، فيما أعلنت إعادة فتح مطار الخرطوم بعد ظهر أمس الأربعاء.
وبعد أن تعالت أصوات في العالم خلال الساعات الأخيرة للمطالبة بالإفراج الفوري عن رئيس الوزراء السوداني المقال عبد الله حمدوك، أعلن مكتبه الثلاثاء أنه عاد الى منزله بعد أن كان معتقلا في مكان مجهول مع زوجته، وأنه "تحت حراسة مشددة".
لكنه أشار الى أن "عددا من الوزراء والقادة السياسيين لا يزالون قيد الاعتقال في أماكن مجهولة".
وكان البرهان أعلن الاثنين حل مجلس السيادة والحكومة وفرض حالة الطوارئ. كما تضمنت قراراته حل جميع الكيانات النقابية والاتحادات المهنية. وأثار ذلك موجة احتجاج في البلاد. ولا يزال المتظاهرون لليوم الثالث على التوالي في الشارع، وقد أغلقوا العديد من الطرق بالحجارة وجذوع الأشجار كبيرة.
وحاولت الشرطة السودانية الأربعاء إزالة العوائق التي أقامها المتظاهرون من شارع الستين، أحد أبرز الشوارع في شرق العاصمة، ونفذت حملة توقيفات شملت عددا من الشباب الذين كانوا في المكان، وفق ما افاد مصور لوكالة فرانس برس.
ومساء الثلاثاء، أطلقت الشرطة السودانية الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين في منطقة بحري شرق الخرطوم في محاولة لتفريقهم وإزالة العوائق من الشوارع.
وكانت لجنة أطباء السودان المركزية التي قادت الاحتجاجات ضد الرئيس المخلوع عمر البشير، أعلنت عبر "فيسبوك" مقتل أربعة "ثائرين بإطلاق نار من قوات المجلس العسكري الانقلابي"، خلال احتجاجات.
من جانبهم أعلن عمال شركة سودابت النفطية الحكومية والأطباء في السودان أمس الأربعاء أنهم سينضمون إلى حركة الاحتجاجات على الانقلاب العسكري.
وكانت جماعة من لجان الأحياء في الخرطوم أعلنت خطة لإقامة مزيد من المتاريس وتنظيم الاحتجاجات تصل إلى ذروتها يوم السبت في "مسيرة مليونية".
وأبدى عمال شركة سودابت الحكومية للنفط أمس الأربعاء دعمهم للحكومة المعزولة.
ونشر تجمع المهنيين بيانا من اللجنة التسييرية لنقابة العاملين في سودابت جاء فيه "تعلن لجنتكم التسييرية الدخول في العصيان المدني الشامل وقوفا مع قرار الشعب الداعم للتحول المدني الديمقراطي حتى تحقيق هذا المطلب".
كما أعلن الأطباء أنهم سيشاركون في الإضراب.
وقال المكتب الموحد للأطباء المؤلف من نقابات مختلفة إن الأطباء سيبدأون إضرابا عاما في مختلف أنحاء السودان عملا بوعد سابق بالإضراب في حالة وقوع انقلاب.
على صعيد آخر، أعلن مدير الطيران المدني ابراهيم عدلان استئناف العمل بمطار الخرطوم الأربعاء عند الساعة 16,00. وكانت السلطات قررت الثلاثاء تعليق جميع الرحلات من وإلى البلاد حتى نهاية الشهر الجاري بسبب الاضطرابات.
وأقرّ البرهان في كلمة متلفزة الثلاثاء بقيام سلطات الأمن بتوقيف بعض السياسيين والوزراء. وقال "صحيح اعتقلنا البعض وليس كل السياسيين أو كل الوزراء، ولكن كل من نشك في أن وجوده له تأثير على الأمن الوطني".
وأكد البرهان أن العسكريين "ملتزمون بإنجاز الانتقال بمشاركة مدنية"، مشيرا إلى أن مجلس السيادة "سيكون كما هو في الوثيقة الدستورية ولكن بتمثيل حقيقي من أقاليم السودان".

  • انشقاق ومقاومة شرسة -

ونشرت الصفحة الرسمية لوزارة الثقافة والإعلام السودانية التي أوقف وزيرها، لكن يبدو أن فريقها مناوىء للانقلاب، على حسابها على "فيسبوك"، بيانا الثلاثاء يفيد بانشقاق سفراء السودان في فرنسا وبلجيكا وسويسرا وإعلان رفضهم الانقلاب.
وكان الجيش تسلم السلطة بعد أن أطاح في أبريل 2019 بنظام البشير الذي حكم السودان أكثر من 30 عاما بقبضة من حديد، بعد انتفاضة شعبية عارمة استمرت شهورا. لكن الاحتجاجات الشعبية تواصلت مطالبة بسلطة مدنية وتخللتها اضطرابات وفض اعتصام بالقوة سقط خلاله قتلى وجرحى.
في أغسطس 2019، وقّع العسكريون والمدنيون في ائتلاف قوى الحرية والتغيير الذي قاد الاحتجاجات، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجب الاتفاق، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين (مجلس سيادة يرأسه عسكري، وحكومة يرأسها مدني)، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة في نهاية المرحلة الانتقالية.
وحصلت محاولة انقلاب في سبتمبر تم إحباطها، لكن المسؤولين قالوا على أثرها إن هناك أزمة كبيرة على مستوى السلطة.
وبرزت إثر ذلك إلى العلن الانقسامات داخل السلطة، لا سيما بين العسكريين والمدنيين.
وأعيد حمدوك الى مقر إقامته بعد ساعات من إعلان البرهان أن حمدوك موجود معه في منزله.
وقال البرهان "رئيس الوزراء موجود معي في المنزل وليس في مكان آخر ... خشينا أن يحدث له أي ضرر". وتعهد القائد العسكري بأن حمدوك سيعود إلى منزله "متى استقرت الأمور وزالت المخاوف".

  • تعليق مساعدات مالية -

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن الوزير أنتوني بلينكن أجرى محادثة هاتفية مع حمدوك الثلاثاء رحّب فيها بإطلاق سراحه.
وقال المتحدث باسم الخارجية نيد برايس في بيان إن بلينكن "كرر دعوته للقوات العسكرية السودانية للإفراج عن جميع القادة المدنيين الموجودين قيد الاحتجاز وضمان سلامتهم".
ودانت واشنطن "بشدة" الانقلاب والاعتقالات التي طالت قادة مدنيين، داعية إلى العودة الفورية الى الحكم المدني والإفراج عن حمدوك، وقرّرت تعليق مساعدة مالية للسودان من 700 مليون دولار مخصصة لدعم العملية الانتقالية الديموقراطية.
وأسف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء "لتعدد" الانقلابات و"الإقصاء الكامل" الذي ينتهجه العسكريون.
وقال في مؤتمر صحافي إن "الانقسامات الجيوسياسية الكبيرة" التي تمنع "مجلس الأمن من اتخاذ تدابير قوية" والوباء والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية تجعل "القادة العسكريين يعتبرون أن لديهم حصانة كاملة، وأن بإمكانهم فعل ما يريدون لأنه لن يمسهم شيء".
وندّد الاتحاد الأوروبي الثلاثاء بالانقلاب وهدّد بتعليق مساعدته المالية للسودان في حال لم يعد العسكريون السلطة فوراً إلى الحكومة المدنية.
وعقد مجلس الأمن جلسة طارئة مغلقة الثلاثاء بناء على طلب المملكة المتحدة وإيرلندا والنروج والولايات المتحدة وإستونيا وفرنسا، وأفاد دبلوماسيون أن المحادثات للتوصل الى إعلان مشترك لا تزال جارية.

---
جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/1915369]لقراءة الخبر كاملاً فضلاً اضغط هنا[/url]