عمَّك الزين
بقلم النور محمد يوسف

كان...

كان يا ماكان

اسمه الزين...
كان رجلا مرحا...محبوبا لكل الناس...يمزح مع هذا يؤانس هذا ويؤاسي هذا...وبسيطا...لا تعنيه الدنيا بشيء...

كان رجلا عاديا....
اخو اخوان...
في كل المناسبات تجده متصدرا شهامة ورجولة وكرما...

مستور الحال... وقنوع..
يمد رجليه على قدر لحافه...
بمظهر الريفي العادي وكل الصامدين...بلا بهرجة..ولكن كل ما فيه رجولي...

عفيف....فوق البساطة الفيهو....
مافي مشكلة مستعصية الا وتجده احد اركان حلها لرجاحة عقله ولانه مهضوم من كل الاطراف في الداخل وكل مكان يمشيهو...

رزق اليوم باليوم ....ولذلك بسيط...
هي زائلة وقدر الفي ما بدورلو حساب ...بس قدر الجزلان.... شن دايربو العمار الرائح...
وديمة خربانة في نظرو ام بنايا قش...
مافيش واجب بجيب الرجال الا تلقاهو اولهم وصولا...فتلك ميادينه ...
عمياااان بيمش للختة...للبسوى والما بسوى ختَّات...
المهم...تحرك البص...
البص داك اب كراسي....وامتلا لي حدو...
ومن ضمن الركاب عمنا الزين...
وهاك يا ونسة ... مشوار

ساعتين وزيادة...وكلهم اهل...من نفس قريته...صوتو جهور...يحكي ويقص والناس سماع ونكات وطرائف....فوق الدقداق...مع شوية كتاحة ...سموماً حار...جنس طربيق ومافيش واحد في البص زهجان ..تقصير مشوار...

وطلعوا من المدينة...وفي نص الطريق...بدا الكمساري يطقطق يلم الاجرة...طرررق طررررق... حق المشوار...ياهوووي...حق الاجرة...

وكل واحد هبش جيبو...
يقيف جنب الراكب...طرررررق طررررق...خذ
طرررق طرررق ...خذ....ويمشي للثالث والرابع
الى ان وصل عمك الزين....
طرررررق طررررق...هات يا عمنا...
وعمك الزين ما خلى جنبة للجزلان ما حتاها ...عاوز حاجة تقع يتم بيها حق المشوار...ناقصلو حبيبة...شوية قريشات...ناقصالو طرادة....ربع جنيه...

ما لقى شيء...الجزلان يصوصي...مافيهو التكتح غير الطلعن ديلاك...

هاك يا ولدي...بس ناقصات طرادة..

لا يا عم...الاجرة كاااااملة...دا كلام ما بيمشي معانا...

الناس سكووووت...
والله ما عندي غيرهن..

لا...ح ننزلك هنا..يا تتمهن..
بطلوا حركات الاستكرات دي..
وبلعها عمك بس محتاج...

اقول ليك ياولدي والله ماعندي غيرهن...اصل هناك واجيبهن ليك من اي زول في القرية..

ما ينفع....ما في كلام زي دا.
وزادت الجوطة وعلا الصوت...وعمك ما خلى حاجة يطمنوا بيها انو حقو بجيهو ..

وبي تنهر ...ح تنزل ح تنزل...نحن ما شغالين لحسابك...مستهبلين بالجد...
برضو بلعها....

تِمَّهن يا والله اوقف البص..

ثم يخبِّط الكمساري... كرووو كرو على البص ...وقِّف...وقف...وقف...وقف البص دا...
وسييييييتك البص وقف...

وينزل السواق...
والسواق هو ولد سيد البص...
عمنا الزين استبشر خيرا... شاف السواق...
ولكن....للاسف
اول كلمة الى عم الزين والكمساري

بي زهج....شنو...مااالكم؟

والله عمك الزين دا هو سبب الجوطة دي... عايزنا نعفيهو ....قروشو ناقصة

ويتوجه السواق بنفس الزهجة والغلظة الى الزين...
اسمع مني انا... تدفع معناها تدفع...انت عميان؟ ما بتشوف تعبنا دا حديد وجاز وسواق ومساعدي وكمان ما نلقى الا مساخة واستكرات؟

مساخة واستكرات؟!!! دا كلام شنو يا ولدي...انتو كلامكم طعمو كدا مالو....يا اولادي هي طرادة...نصل هناك وقفني في اول دكان اديك ليها...
لا...والف لا...يا تكملهن يا تنزل..
الكلام دا عيب يا ولدي...كيف انزل وتخليني في الخلا دا ...وعشان شنو..عشان طرادة؟ والبشيلني منو مادام انتو اولادي ابيتو..

ايوة تنزل ...يا تدفع كاااامل...وعلي الطلاق ولااا قرش ما بعفيهو حتى لو جا ابوي من المقابر...

وفي تلك اللحظة يشتط عمك الزين غضبا...وعفاريت الدنيا كلها اتلمت فيهو ويستل سكينه الرابطا في ضراعو وكالاسد يهجم على السواق...وبقبضة قوية أمسك به ووضع السكين فوق رقبتو...

اسمع انت ياكلب
اسمع انت وجربوعك دا..
والتنابل المعاك ديل...
اسمع الكلام البقولو ليك دا كوييييس...
علي الطلاق طلاق تلاتة ...
طلاقا مازي طلاقك...يا تجيب كشف زواج ابوك وترجِّع لي الدفعتو ليهو نقطة في زواجو جنيه جنيه..شيل حقك وأديني الباقي قرش وااااحد ما ينقص...قرش ورا قرش يا رقبتك دي برة....وهسسسسيع ما بعدين...والدفعتو انا يجيب حق حدبدتك دي وزيادة...وانا عاوز حقي..


والجماعة قاموا مذهولين...شيشك يا الزين...على مهلك...شيشك...الكلام دا ما ياهو...ما تتهور...بتسيلك رقبة... بالذوق والهداوة الامور دي بتنحل.....استهدى بالله...

استهدأ بالله...ووينكم انتو من قبيل...ماكم سامعينو مزمجر يهين ويشتم ويتنمر...ما كنتوا رجال ساعتها؟...طرشانين ما سمعتوه كيف اهاني ورضيتو يخليني في الخلا عشان طرادة وتصلوا انتو؟
عاوز حقي...وهسسسع
وعلي الطلاق قرش من زول ما اشيلو...حقي وبس...حقي الدفعتو لابوهو في زواج امو...يخلس مشوارو ويديني الباقي...طلاق تلاتة ولا قرش ما ينقصو...وكان ما دفع اضبحو هسسسع وكفارة لي جريمتنا في مساعدة ابوه الجاب لينا تنبولاً لئيم زي دا..

ثلاااث ساعات...واقفين والسكين فوق الرقبة...والبصات تقيف والناس تنزل...والحكاية كبرت...

وما في حل...
إلا بس ناس يمشوا ويجيبوا الكشف..متعكنن يزبد...دا زيناً تاني...كعب تب...صاقعة ووقعت....
وفعلا ناس مشت...انتظروهم الى ان جابوا الكشف...واعطوا عمك الزين نقطتو كاااااملة بالجديد...وحلف حرام ما يصل معاهو...


والخبر انتشر وعم البلد...
ووصل الزين مرفوع الراس...واستقبلته القرية عن بكرة ابيها بالزغاريد....
وسواق الغفلة غلبتو العيشة ومع نظرات الناس واستحقارهم له...باع البيت ورحل ...

ماااا بيشبههم.
....مااا تنسوا الحافظاهو الدفاتر...