متون الرهق والهذيان

 

 

 

  للقاص :عبد الباسط آدم مر يود

 

[ وانه كان رجالَ من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ] قراَن كريم

     الإنس والجن ثنائية يموج بها الكون اللا متناهي ، حيث لكليهما كوناً مختلفاً وقد يكون مختلطاً ، فللجن وظائف عضوية منها الحب وبالذات حب جنس البشر والجن نوع من الخمور يخاطر العقل فيجن ، أليس المحب الذي تمني أن يجن ويزيد في الجن مجنوناً ؟ ولم تكن الزوجة الوفية لهذا الرجل المجنون تدرك إلى مدي جن ولكنها لم تفقد الحيلة في مداواته بالبخور واللبان

: يا عين يا عينية يا كافرة يا نصرانية اخرجي .. بخرتك باللبان من مس الشيطان وبخور التيمان من الجن وعيون النسوان ..

: الجن وعيون النسوان هذه لن تكبح ما دمت أسير برجلين ولي راس فوق كتفين .

: طاوعني ولا تعاند فلنذهب إلى الطبيب

     جلس للطبيب الذي مدده علي طاولة أنيقة تحيطها ستائر مخملية بعيدة جداً عن المكان و روائحه الخانقة من المطببات بينما جلست هي غادي لكنها ليست ببعيدة عنه تستطيل أذنيها فيلتقطان خطرفاته التي استلها الطبيب من عرصات دواخله الخبيئة وهو كالنائم .

1/ متن الزوج هذيان أول

     هن حوريات ثلاث .. جنيات استأنستهن .. بنات نعش هن في حياتي، اقبر لديهن رهق الحياة وهصرها لي الموصول ، هن راضيات تدلن من عواليهن إلى سلسفيلي قانعات، أولاهن إلتقيتها حين عصرتني الوظيفة وقبرتني حياً ففكرت وتدبرت أمري مع أم العيال واستقطعنا من المصروف الشحيح مبلغاً لدراستي العليا بالتقسيط في الزمن والمال، وكنت فقط ألوح بالفكرة لكنها المدهشة باركت الفكرة واستعجلتها .

: شهادتك العليا تدخلنا الاستاف الجامعي ويدونا بيت بحديقته ويتوفر حق مواصلات العيال وأنت تنحل من شغلانية المصانع والورديات الليلية ويبعثوك لبلاد بره .. هونت الولية الموضوع فبعنا التلفزيون الملون لسداد القسط الأول كما هونه صديق بالجامعة شاداً علي يدي

: لا تضيع الفرصة وعملك في المصانع بالورديات يوفر عليك الكثير من الزمن ومعملي تحت تصرفك

في كدي وجدي بمعمله حتى أوقات متأخرة أتأمل و أعالج وابحث عن كنه الاقلاء والأحماض الدهنية وبنت خالتها الأمينية وتوفرها بقيم مدهشة لثمار الحميض الذي ما فتأ صبية ودجعيكيك المتودة في الرمال يروون بديقره ظمئهم في أوائل الرشاش زمان الشوقارة وشقت الشدر ويمتصونه عصيراً حامضياً غني بالسكاكر والفايتمينات من ثمره إذا اينع ثم يأكلونه جره بعدما تجتره حيواناتهم في مقيلها ومبيتها .

     في ذلك الجو المشبع بروائح الكحولات والاقلاء والغازات الخانقة والنتنه أحياناً، التقيتها حوريتي الأولى كانت تظهر لي عند انفرادي فتقف أمامي غادة قصيرة بأرداف بدينة وشعر اثيث حالك السواد واسنان براقة حلوة التبسم ، كانت خرطوميه متفرنجة تضاهي الإفرنجيات في انجليزيتها لكثرة تجوال أسرتها في أوروبا ، متفلهمة علي إقليميتي القحة وتهزأ من تمسكي بذلك وتتفجر استنكاراً لاكلنا جراد الفرار وساري الليل المقلي بزيت البق فينطلق لسانها ويفوح أسى

           :        OH MY GOD VERY PREMETIVE   

وتستنكر علينا ذلك وتسأل عن الشفقة والرحمة لهذه الحشرات، وهي إذ تلوكني وتهصرني بصدرها المرجرج  اقتربت مني اكثر فدنوت منها وهي آمنة مطمئنة لطيبتي وعفويتي فما فتأت تبحث عن حقائق الأزواج عندي فتشتعل في عينيها الرغبة الجنيه المكتومة فتحمر العينين وتبرقان ويتلاثق اللسان بمفردات سرياينة لا افهمها وينتكش الشعر واقفاً وتتصاعد ابخرة الصندل وتتشكل سحباً وتتلاصف أنوار بلورية وتتهيأ أرائك وثيرة للاتكاء وتصدح موسيقي حالمة لا انسيه وتكون هي جمال فوق جمال ، وعندما أكون قاب قوسين او ادني من جنتها أم نعيم تذيقني رحيقها المختوم فاستفيق لأحماضى وتفاعلاتي الكيميائية حتى صرنا أصدقاء كما تقول هي 

REAL FRIENDS

     سائلتها عن جدوي صداقة السالب والموجب والتقاء المارج الناري بالصلصال الفخاري سوى التجاذب فالتكهرب والافتراع  فلم تشف غليلي بفلسفتها الجنية أنها تودنى قنطرة لمعرفة الرجال من الإنس

كانت تظهر لى في انفرادى بنفسي حتى في الأماكن التي يفترض فيها الانفراد وتغار على حتى من زوجتي وتماحقها أحيانا كأن تندلق عليها كباية الشاي او تجرحها سكين فتظهر أمامي شامتة .. تلاقينا كثيرا  تكاشفنا  بأسرارنا ، غنيت وحمحت لها ذات مرة

: (  حبك يالمربوع خضر عملو فروع طلق النار في قلبي ذي الصغير موجوع ) .. فاستهزأت بإقليميتي ،                                                              

وظهرنا للعيان فتسائلوا عن جدوى ركضها المحموم خلفي وأنا زول أبو عيال ، فتفلسف الأمر لذويها من الجن بأنها صداقة .

     كرت الأيام والشهور فمرت سنواتي البحثية ، فعادت أسرتي بهدية ساعة يحتضنها طائرين جميلين ويتحلقان حولها ، كانت تعرف أسرتي فرداً فرداً  وكل خصوصياتهم ، استأذنتني في زيارة أسرتها بعد لأيها لاقناع والدها بزيارتي للتعارف فكنت حالماً أغمضت عيناي وطرنا فوق ثبج الغمام علي بساط الريح تغمرنا الأجواء المبهرة حتى ولجنا قصرهم المنيف ، فانفتح باب كرستالي لماع ثم حشم في ملابس زاهية انحنوا لنا بإيماءات ، كانت ترد عليهم بمثلها ومشينا على بساط احمر قاني والثريات المتدليات يشع منهن نور لاصف وروائح الأبخرة تعبق ، وفي أريكةٍ عالية موضونة أجلستني ، هنيهة اطل علينا نور ساطع غمر عيني فهمست : الوالد

     فتكامل أمامي محيا بجمال وبهاء وما تركت من أبيها مغدىً ولا مراحاً ، ثم تبعته أنوار أخرى للوالدة والاخوة والأخوات تآنسنا وتساقينا النبيذ الحلو عقب لحوم الأطيار الشهية فأكلت وشربت كأني لم آكل واشرب من قبل ، فباركني الوالد وعمدني صديقاً بطقوس خاصة ..

    كانت تأخذني بضمة بين جناحيها الذهبيين إلى ديارها تحت لجة البحر الميت صيفاً واحياناً فوق فنار ميناء الإسكندرية شتاءً ، فندلف من بهرج إلى بهرج ومن معارج نور إلى أخرى فتريني مطامر من الذهب والياقوت وصنوف من الطعام وسط الأنوار البلورية بلونها اللازوردي وخصلات شعرها اللامعة المتدفقة ضياءً ، والوجه النوراني والعنق المشع أريجاً من صندل والجسد الملائكي اللدن ينز بدهون لا اعرف لها مثيل وبتهماس سحرٍ خلاب تدغدغ دواخلي وترج مشاعري رجاً ، أدنو منها فلا أراها سوى بهارج من نور     ( وتسري اللذة في كخمرة باخوس الندية ) ولكن بارتعاشات لا إنسية واغرق في غابة الفرح .

     كنا نلتقي فترمي بكل أحزانها ومواجعها عندي وارميها بحجارة معاناتي وفلسي وطموحي القاتل ظلت معي قاصرة طرفها علي في رحلتي من المصانع بضجيجها وأزيز ماكيناتها إلى الجامعة وطباشيرها الذي جفف نعومة يداي ، وكنت معها وهي تتحلق من مكان إلى مكان من القاهرة بأرض الكنانة وواخنن بهولندا بلاد الطواحين الهوائية ، إلى فيينا في بلاد النمسا حتى حطت رحالها بقربي ، نلتقي نتدارس أمورها العملية ومناكفات رؤسائها ومضايقات مرؤسيها ،  و أخيراً طارت عصفورة عندما كاشفتها برغبتي الإنسية ولم ترك ، فغدوت معها غادياً وتلبستني حالة الاستسرار الداخلي وظهرت في حالتها اللا إنسية تتمرجح بين الظلال والنور وجعلت حياتي اكثر طهراً ونقاء

2/ متن الطبيب رهق الحكيم

    همت الزوجة بمقاطعة الزوج الغادي حيث فاح غيظها و أشار عليها الطبيب واضعاً سبابته علي فمه علامة السكوت  وصار كمن يهمس للزوجة

: الحالة الغادية هي حالة استسرار داخلي تظهر المعشوقات في حالة لا إنسية زاهيات يتمرجحن بين الظلال والضوء ويدخلن في أسارير النفس الإنسانية جاعلاتها اكثر طهراً ومعقولية في تقبل أن يكون للعاشق الحق في حب مجموعة  نساء وللعاشقة أن تحب اكثر من رجل وهؤلاء هم الغادون

.. وها أنت تسيخين السمع و أنت موتورة بهواجس شتي اجن زوجك أم انه يدعي الجنون ، وقد تحولت لآذان تمتص بشبق مغتمة خطرفاته وهذيانه اللذان  سللتهما من عرصات دواخله الخبيئة .. و أنا من لي بمن يسوح في غياهب روحي فيعمدني ويطيب قروحي ، وأنا الذي تلبستني الحالة الغادية زماناً سرمدياً .. دخلت غاديةً إلى عشتي فوق سطوح البناية العالية والمدينة الصاخبة البحرية تفتح ذراعيها المترهلين إلى طلاب اللهو في المقاهي والحانات ، وقد اكتحلت بآخر نسق من حمرة الغروب وكنت تعباناً ضجراً من الفلس والدرس الجامعي والغربة ، عند الغداة وجدتها هرة تبرق عينيها بوميض تغلغل إلى مسارب روحي وهمست بمواء صافي عذب اندس في شغاف قلبي ، فذهبت عني الوحشة وابتردت فدنوت منها فتمسحت بوبرها علي راحتي فأخذتها وبصبصت لها تبصيصاً ..فأتلفنا فكنت الفيها عند الباب واحياناً بين طيات الفراش نائمة تداعبني بعين واحدة نصف مغمضة ، أرى فيها كل الأكوان بألوان قزحية حتى أتى علي يوم وجدتها امرأة فاتنة متوردة بضة يكوسها النور والإشراق هالتها ، ترفل في الحرير والإستبرق وقد حولت عشتي البائسة الخربة إلى ركن بلوري لقصرٍ فسيح ، عاجلتني وقد دقت الصدمة دسرها في ، لا تخف إني أنا هرتك الأولى , أدخلتني الى عالم آخر وصارت ظلي تدخل معي قاعة الدرس فتسهل ما صعب منه وحلت كل ضائقاتي المادية أتتني بفاكهة الشتاء صيفاً وذقت حليب العصافير الفردوسية ولبستني جبه وشال ، كانت مغيارة لحد الجنون ، خاصمت عشيرتها زماناً لاجلى  حتى أقنعتهم وتزوجنا على سنتهم اللا إنسية ، تحلبت اللذة في كل بخة من نفسها وقطرة زعفران من عرقها ، جرت عليها سنوات عمري ساعات وهى الباهرة الرافلة بالأنوثة  تحيل دواخل مرضاي الى حقول فسيحة بائنة التقط منها علاتهم المتعفنة بكل يسر كهذا الذي يرقد أمامي ، فتكون هي مراتى أراهم فيها حيارى مختبلون فاطببهم فغدوت المعياً ، ولما كاشفتها  في رغبتي فى ذرارى إنسية تحفظ أحماضى النووية ، تداعت الأرض من تحتها وانشقت سماؤها .. وبعد لأي زوجتني إنسية باختيارها وهبتنى بنتاً وقصمت رقبتها بعد طوفان من المعارك كأن تمسها وهى حبلى وتجرى منها مجرى الدم سنيناً عددا حتى عافتها نفسي ثم دحرجتها فى رغاوى الاستحمام فانفصلت مخروقتها وبان عرجها ، ثم أحرقتها بنار الغاز فتشوه وجهها واخيراً اغرقتها فى شبر ماء وقلنا انتحرت ، فانفردت بي ولكنى أتوق الى إنسية تسوح في غياهب روحي فتعمدني بالبخور واللبان عل تشفى جروحي ، أتوق الى من تضمني  الى حجرها وتحدث (ثقباً في صدري وتدخل إصبعها عميقاً بين أضلعي لتفك قلبي المأسور وترتفع بي الى عنان السماء أرى وجهها بين السحب كبيراً بحجم غيمة فتكون هي الحياة والخوف والحب والموت ) 1

3 /متن الزوج هذيان ثانى  

     تحرك الزوج من على طاولته فارتجفت أوصالها بصرير اخرق ، وخالطت أنفاسه المتئدة أنات مكتومة ،في معملي بذاك المصنع ذو الرائحة الطيبة من نكهات جوز الهند والفانيلا و أرواح الموز والبرتقال وروائح السمن الهولندي الفاخر والمارجرين ، كنت أعالج تصنيع البسكويت غذاء للصغار والكبار فى زمن الإفلاس والتضخم ، يتردد على طلاب العلم فى دورات شهرية للتدريب فلا ابخل عليهم بمعرفتي كصانع وعارف حاذق بفنون الأغذية ومستجدات جودتها الكلية من برامج الايزو والهاسب ، أطلت حوريتي الأخرى فى صورة ملاك إنساني كانت حورية بزعانف وخياشيم تبدو بوجه إنساني خلاب تنبعث منه الأنوار المبهرة  وصدر تكمن فيه الفتنة وعيون تغازل ضابط النيشان سيسبانية القوام وصفصافية الشعر ، بفمٍ كالعنقود أعطيتها وما بخلت تدربت على يداي وعادة الى جامعتها متخرجة وأقنعتني بجدوى المعرفة العلمية وهى ليست ناسوتية قالت: نحن حياتنا ترتبط بالناسوت ، صفراء فاقعة على نحافة الأوروبيات بصدر متماسك بحقين صغيرين كصغرها و لدانة عودها وهشاشة طبعها وبشاشتها ، وجدت عندي العطف فكان كلما يرتمي عليها طالب تأتيني باثه أشجانها فكانوا الراغب اللاعب ، نشت عنا كثيرين لاعبين و أشرت لها على الراغبين وكانت كثيرة الرفض لهم لحاجة لم أتبينها إلا عندما جاءتني وانا حازم أمتعتي الى الغربة بأنها  ستكون في انتظاري ومسحت دمعات من عينيها بان شرعة عشيرتها تحلل لها معاشرة الإنس ودست فى يد وداعي كرت يلصف بعبارات

فاكر سنينى ولا قلبك ناسينى

الحب زاد ولا البعاد خلى الغرام

ابعد و أنساك ولا استناك

ركضت خلفي وبادلتها الركض قدمت لى عرابين غالية للألفة ، كانت تسبقني الى قاعة العملي فتحيلها الى مجموعة من اجهزة التحليل الحديثة من قبيل الكروماتغرافيا بشتى صورها  والمطيافات الضوئية وسيل من التقانة الحديثة المزودة بالحواسيب فيستسهل طلابي دروسهم ويغدون اكثر التصاقاً وحميمة بي ، وكانت تحميني من حمى حمى الانوفليس وتحيلها الى ذكران لا تحمل البلازموديوم فلا أصاب بالارتعاش والهذيان ولا أتذوق المرار فلا اسقم ولا يسقم جيبي الهزيل .

4/ متن الزوجة ... رهق الزوجة الغادية

     عندما همت الزوجة التي جرح كبرياؤها هذيان الزوج الغادي بالوقوف مغادرة وقد اعشوشبت فكرة خيانة زوجها فى داخلها ، و تنامت الى عصبها الصوتى فبح وخنقتها الغصة وتلبستها الحالة الغادية وظلت تهذي بموجات من الاستسرار الداخلي بصوت خفيض

: كنت غادة في بواكير نسق ربيعي وفي عنفوان صباي ، تفتحت صبابة وهوى ، كنت أرى العالم في محيط جامعتي وقتها ملوناً يعج بحيوات مختلفة .. حاصرني قمحياً تالداً وسيماً ، فاهتزت عرصات فلبى الواهن واستسر قلبي فاظهره لى عاشقاً زاهياً متمرجحاً بين الظلال والضوء ، فدخل الى أسارير نفسي ، كنت سراً صامتاً صامداً أمام حصار عشقه الناري الى أن تهاويت فأحرقني واتلف عصبي عبر مخاطرات واغمطة الهجر وأعاصير الفراق، كان بعيداً جداً منى ولكنه أرضعني مباهج الجمال والمتعة من عرشه الأثير ،  كان يرغبني أن اتنفس فى اصقاعه الخالية الهواء، كان يطوف بى السهوب والوديان كالأشقر الغديد جامع الطافرات تحتضن طبيعة بافاريا وسالسبورغ ثم يغدوا بى الى أعالي الاماتونج وكلمنجاروا، كان رجلاً وسيماً اشتهته زميلاتي كما اشتهته كل امرأه قابلها  ( كان ملكاً يزور فى الظلام يفاجئ فى الدجى أحلى العذارى )2 هل كان غيماً ام ظلاً ام لا شىء .. هل كان ملاكاً ام جنياً ؟ لم يكن انسياً متحلباً من طين وصلصال كان يحاصرني فوق السحاب وعلى تخوم الجبال الراسيان ينتقل بى بطرفة عين أقاصي الدنيا، يأتيني فيحرك كل السكون حولي فترتفع أوراق الشجر الساقطة وأكياس النايلون الفارغة ، تتلاقى السمادير وبنات نعش، يتشكل مخروطياً صاعداً الى أعلى الى قبة السماء فيهتف الناس ويصرون عيونهم خائفين

: غادى غادى .. حيت محمد معنا لا تغشانا

فيغدو غادياً قمحياً تالداً وسيماً تهتز له عرصات قلبى ، فيرضعنى مباهج الجمال فى عرشه الاثيرى ثم يتلاشى , تقدم الى خطبتى همسن صديقاتي مغيارات عن جنسه  وجاهرنى والدى بذلك بعد غداتين قلت أيهمنى جنسه ،تحسس والدي الأمر بطرقه الخاصه ثم دشر كلاماً ساخناً فى وجهى 

: الزول طلع فوطاوى من ناس تلس الطوال وملس استقر جده عند أوبته من الجح بمكوار .. نزفت دواخلى المرتجة وطالنى الغداد

اهتزت الستارة السوداء لحركة للزوج على الطاولة فصرت ، فتحت الزوجة عينيها الواسعتين تبحلق فى الفضاء المعطر بالمطببات والروائح اليودية ، الطبيب ما فتأ يسجل هذيان الزوج فى دفتر أنيق 

5/ متن الزوج هذيان ثالث 

     جنيتي بل حوريتي الثالثة يا دكتور اقبر عندها رهق الحياة وهصرها ، افرد أشرعتي وزادي فى عبابها، استودعها الجري والركض والمعاناة اليومية فى المعاش والنكد ، وادفن رأسي فى رمالها الناعمة ، تهدهدني ببسمها وليونتها، تهديني من خفرها الجني الراحة والسكينة ، سمراء كاكاوية كالشاى باللبن ، بأسنان حليبية وكشح هضيم شاهقة الأنوثة لا يشتكى منها قصر ولا طول ، مربوعة جدى الزنكول ، تقطن العوالى الفوق . امدرمانية ترد النيل عند الغسق والشفق للتطهر والبيعة ان لا تؤذى انيساً ابداً .. تلبس الثوب وتلاثق ماما وبابا وتراشق الجكس وتقود مرسيدس بعيون كحيلة ، تجلس خلف الحاسوب ، تدخل الانترنت ولها بريدين إلكترونيين على الياهو والهوط ميل ، يفوح منها عطر الجستتى الخلاب ، تدلت من سماواتها الى دفارنا وغبارنا وفقرنا وعوزنا ، بحثأً عن انيساً لتنسى جروح جنية.

كنت أجلسها حين آخذها الى متكأى على الدكة أدلكها بزيت السمسم الولد وتتلظى بدخان الدروت والهبيل المنخور ، وامسح تعرقها بشملة الضأن حتى يتقرح جسدها البض ، وادهن شعورها بالودك المكركر ويمشطنها الماشطات القادرية والخوضة وتتحلى بالعاج والودع والسوميت ثم تاتينى عارية الا من رهط جلدٍ يوارى سوءتها ..

     كانت البدايات الملاطفة واستعارة الاسطوانات المدمجة لوردى وكاظم الساهر ثم تبادلنا الرسائل الإلكترونية من جهةٍ لها لا اعلمها .. فأحيانا تشد رحالها من كندا الى ابو ظبى سهلت لى طرق الاتصال الفضائية ومهدت لها تمهيداً .. وعادت لى من هناك بحزمٍ دافئة من المودة .. عدتها فى دارها الفضائية استقبلتنى فى بنطال جينز وفميض هفهاف يركض صدرها المتموج وتتدلى خصلة عربيدة فوق جبينها المشرق قادتني الى الداخل وقالت هيت لك دارى سلمت على طابور إخوانها واهلها وتنادت علينا المطائب وتدلت، نامت العيون فوق العيون وارتخت الابتسامات بالخدر اللذيذ ثم الى داخل القضر المنيف تراشقنا شاي اللبن بشيء لم أتبينه اهو بسكوت ام طورته، كانت تقاطع مسرى حديثنا العذب رنات الموبايل فتخرصه ، دنوت منها وماجفلت ورميت عليها ثقلى وهمى وقلت لها دعينى احبك فاعطتنى بطاقة دخول الى مدن ما وراء نهرها .

     هن جنياتى الإنسيات يا دكتور اندغمن فى نواة ذاتى ، أجري عليهن وامسح فيهن فحيح الهموم ومما حاقات الحياة وهن بى راضيات ، نتحلق فوق ثبج الغمام وعلى الثريات العلية لدنياهن البعيدة هارباً من حياتي الإنسية لسماواتهن حاملاً معي ذاكرتي وفؤادي.

      تهدج صوت الزوج الغادي .. وانكسرت قسوته البلورية الى شيئاً كالأنين الباكي موجهاً الى الزوجة .

:كن دوماً يقفن بيني وبينك ويسيطرن على تخيلاتي فى اصطياد خيالك ورسم معالم وجهك فى ذاكرتي ، ألم اقل لك دوماً إن وجهك عصى الإمساك بذاكرتي حينما يتبدا بالتعلق بحبال ذاكرتي كن يهشن فيمسحنه بغيرتهن واكون دوماً فى دوامة هذا الصراع أنا ارسم وهن يمسحن حتى ظلت طاقة ذاكرتي صفراً،تقولين دوماً عنى احب الهدوء والانفراد ولكن هن اللاتي ينفردن بى يفضللنى وحيداً بعيداً عنك ، يرسمن لى معالم للحياة لا أستطيع منها فكاكاً يتنزلن على فى لحظات التداعي الحر فتختزل طاقتى الشعورية وتنساب نصوصاً بين أصابعي لترتسم معالم للحياة كاملة على بياض الورق .

الهوامش :-

1/ مقطع من الغولدمنديون لهيرمان هسه

2/ د . محمد عبد الحى حديقة الورد الاخيرة

عبد الباسط آدم مر يود
مونستر المانيا مايو- اكتوبر  2002 م

 

راسل الكاتب

محراب الآداب والفنون