ابوخالد
12-07-2009, 06:56 PM
تزوج الحبيبان (المحلق و تاجوج) ونظم فيها أشعارآ فملأ البوادى كلها بمنظوم شعره
يتغزل فيها ويعتز بحبه لها , ومما قاله فيها متغزلآ :
فصُ ألماظ مركب فوق مجمر
فصُ عينيك يا ام خشمآ متمر
فوق بستان تحت سالك مضمر
جليدك طاقة الكيدى (قماش) المنمر
******
وقال أيضآ :
ما بتجيك تمشى وتخب
وما دنقرت حلبت شخب
وريقاتك الفوق الصلب
جرحنى داخل القلب
******
هذا هو المحلق الذى نظم عقود اللآلى وتوج بها رأس تاجوج الحمرانية ,
وحلى بها عنقها وجيدها , أضحى صريع غرامها ومريض هيامها كمن سبقوه من العشاق الذين أودى بهم شعرهم وغناؤهم الذى كانو يتوددون به لحبيباتهم
ويُتوجوهن به عن سائر أترابهن لكى يحظوا ببعض الجزاء الجميل منهن والتشجيع من الأقران , ولكى ينال العاشق وعشيقته الشهرة بين القبائل التى يرى بعضها
أن الشعر يسئ إلى السمعة كما حدث لصاحبنا (المحلق) , فقد إلتقى ذات يوم
بأحد أبناء عمومته الذى يقال له النور بن اللَمم الذى عنف المحلق أشد تعنيف على
إشهار حبه لتاجوج , التى ذكرها فى شعره حتى صار غناء الفرد والجماعة فى
البوادى والحضر , وأصبحت هى مضغة الأفواه تلوكها الألسن , وعرف إسمها
ووصفها القاصى والدانى .
فأجابه المحلق " والله يا إبن اللمم لو رايتها لعذرتنى وإلتمست لى المبررات
ولو كنت بعلها مكانى لما فارقتها لحظة , ولبقيت أسير حجليها " .
فقال النور " أنا لم أرها , ولكن يجمل بمن فى منزلتك أن يخفف من غرامه
وأشعاره " .
فأجابه المحلق " إننى حاولت ذلك وكننى لم أطق , فتعال معى إلى الخباء
كى أريك إياها فى غفلة منها " .
وكانت هذه الدعوة كافية لأن تظهر اللوثة التى أصابت المحلق من جنون حبه ,
وأنه أصبح لا يعرف ما يصح ومالا يصح , لقد أضحى مجنونآ ما فى ذلك شك , فسارا
معآ , ثم ثقب المحلق الخباء من خلفه , وأوقف النور أبن اللمم , ودخل داره ظنآ منه
أن تاجوج حقيقة غافلة لما ثقب خباءها , فأخذ قسطآ من الراحة , ثم طلب منها أن
تقف أمامه وترقص .
فتعجبت من طلبه , ولكنها صبرت وتجلدت , وقالت سمعآ وطاعة , ولكنى أشترط
عليك أن تجيب طلبى بعد تنفيذى لرغبتك , وأن تقسم بالطلاق مقدمآ على تنفيذه ,
فرضى المحلق ظنآ منه أنها مهما طلبت فلن تتعدى مطالبها مراحات الإبل والبقر .
فلما ضمنت منه تنفيذ طلبها رضيت بما أئتمر عليه مع النور , فطلب منها أن ترقص
أمامه على ضوء النار إذ كان الوقت ليلآ , ورجاها أن تتمايل فى رقصها يمنة ويسرة ,
وتتثنى وتتوسد شعرها , وأن تشبك أصابع يديها ثم تردها إلى الخلف عن طربق
رأسها , وكان هو يغنى لها عدة أغانى , ثم قال لها كيف ترقصين إذا مت , فأجابت
رغبته دون أى إمتعاض أو تزمر , وتمنطقت بثيابها كما تفعل النساء فى ساعات النواح
وفعلت أشياء أخرى إعتادت النساء فى ذلك العصر الإتيان بها فى العويل والبكاء ,
ولما إنتهت من رقاصاتها على أصوات العرضة والنقارة كان الفرح قد تملكه , والهيام
أسكره و فشكرها وطلبب منها أن تزكر مطالبها .
فنظرت إليه طويلآ وجسدها يرتجف , وقالت له بصوت فيه صرامة وألم وجراح
" طلبى واحد وهو الطلاق والفراق الأبدى " .
فصعق حين سمع طلبها , وإنزعج إبن اللمم وولى هاربآ من وراء الخباء بعد أن
دمر عامرآ حلالآ , وشتت قلوبآ وأجسامآ طالما عاشت فى حياة هنيئة , وعيشة رغيدة.
وأخذت تاجوج ما كان بيدها من دثارها , وخرجت الى بيت أبيها والمحلق يتوسل إليها بكل عزيز لديها , ويتشبث بأطراف ثوبها راجيآ مستجديا بدون جدوى , وخجل النور عما
بدر منه , وتجنب المجالس والإجتماعات , وقيل إنه رحل من القرية إلى قرية أخرى
بعيدة عن قرية آل المحلق .
بلغ فراق المحلق بتاجوج مبلغآ عظيمآ حتى إن والد تاجوج أخذته الرحمة , وأدركه الحنان على إبن أخته فرثى لحال العاشق الوامق , وما آل إليه من شحوب وإصفرار
وهزال وتدهور فى الصحة , غشتركت فيه أم المحلق بالبكاء والنحيب على ما أصاب
وحيدها من آلام بسبب هجر تاجوج له .
فإشترط الوالد على المحلق أن يترك الشعر والغناء نهائيآ وهو يتكفل برد زوجته
إليه , فقال المحلق يستحيل على أن اترك الشعر لأنه أصبح حديثى وكلامى , بل
وشرابى وطعامى , فأشفق عليه الخال , وقال له " لو إمتنعت عن الإنشاد ليلة واحدة رددتها إليك " . فرضى وهو فى غاية الفرح .
فأقام عليه الخال الرقباء والشهود فى الليلة الموعودة , واظهر المحلق القدرة
على إمتلاك شعوره حتى إنتصف الليل , فصار يتقلب يمنة ويسرة كأن حية لسعته
حتى مل مضجعه , فنهض وسار جيئة وذهابآ وقد عقد ذراعيه حول صدره , وكان يشد
عليه بهما خوفآ من أن ينفجر , ثم بدأ يقعد احيانآ , ويقف أحيانآ أخرى وقد تملكه ضيق
شديد ولكنه كان يغالب نفسه , ويشدد عليها الخناق , وكانت ليلة طويلة ساكنة هادئة إذ قعد حوله الشهود وهم يصغون لكل آهة خرجت من صدره , وكل أنَة رنت من أضلاعه .
وكاد الصبح أن يلوح , وأستيقظ ديك مبكرآ قبل الديوك الأخرى , فصفق بجناحيه
ومد صوته طويلآ نافذآ فى الأفق , فأخترق مسامع الجميع , ووقع على أذنى المحلق وقعة عارمة , وحرك صياح الديك شجون المحلق , فلم يشعر إلا ولسانه يتحرك وينطق مغنيآ :
كَــر ياديك مالك تصيح
عارف حشاك مبرود جوفك نصيح
هدفت على بالليل عنـــز الشليخ
ضاق المنام ما لاى كلب النبيــــح
******
ثم أنشد ثانية :
كَــر ياديك تصيح مَاكَ البَراك تعبان
ما شفت القبيل قامت من الدخان
الصادق بيقول أريل مع الغــــزلان
والكاضب يقول خلقت بلا مصـــران
******
*
*
*
*
*
*
منقول .... ونواصل.......
يتغزل فيها ويعتز بحبه لها , ومما قاله فيها متغزلآ :
فصُ ألماظ مركب فوق مجمر
فصُ عينيك يا ام خشمآ متمر
فوق بستان تحت سالك مضمر
جليدك طاقة الكيدى (قماش) المنمر
******
وقال أيضآ :
ما بتجيك تمشى وتخب
وما دنقرت حلبت شخب
وريقاتك الفوق الصلب
جرحنى داخل القلب
******
هذا هو المحلق الذى نظم عقود اللآلى وتوج بها رأس تاجوج الحمرانية ,
وحلى بها عنقها وجيدها , أضحى صريع غرامها ومريض هيامها كمن سبقوه من العشاق الذين أودى بهم شعرهم وغناؤهم الذى كانو يتوددون به لحبيباتهم
ويُتوجوهن به عن سائر أترابهن لكى يحظوا ببعض الجزاء الجميل منهن والتشجيع من الأقران , ولكى ينال العاشق وعشيقته الشهرة بين القبائل التى يرى بعضها
أن الشعر يسئ إلى السمعة كما حدث لصاحبنا (المحلق) , فقد إلتقى ذات يوم
بأحد أبناء عمومته الذى يقال له النور بن اللَمم الذى عنف المحلق أشد تعنيف على
إشهار حبه لتاجوج , التى ذكرها فى شعره حتى صار غناء الفرد والجماعة فى
البوادى والحضر , وأصبحت هى مضغة الأفواه تلوكها الألسن , وعرف إسمها
ووصفها القاصى والدانى .
فأجابه المحلق " والله يا إبن اللمم لو رايتها لعذرتنى وإلتمست لى المبررات
ولو كنت بعلها مكانى لما فارقتها لحظة , ولبقيت أسير حجليها " .
فقال النور " أنا لم أرها , ولكن يجمل بمن فى منزلتك أن يخفف من غرامه
وأشعاره " .
فأجابه المحلق " إننى حاولت ذلك وكننى لم أطق , فتعال معى إلى الخباء
كى أريك إياها فى غفلة منها " .
وكانت هذه الدعوة كافية لأن تظهر اللوثة التى أصابت المحلق من جنون حبه ,
وأنه أصبح لا يعرف ما يصح ومالا يصح , لقد أضحى مجنونآ ما فى ذلك شك , فسارا
معآ , ثم ثقب المحلق الخباء من خلفه , وأوقف النور أبن اللمم , ودخل داره ظنآ منه
أن تاجوج حقيقة غافلة لما ثقب خباءها , فأخذ قسطآ من الراحة , ثم طلب منها أن
تقف أمامه وترقص .
فتعجبت من طلبه , ولكنها صبرت وتجلدت , وقالت سمعآ وطاعة , ولكنى أشترط
عليك أن تجيب طلبى بعد تنفيذى لرغبتك , وأن تقسم بالطلاق مقدمآ على تنفيذه ,
فرضى المحلق ظنآ منه أنها مهما طلبت فلن تتعدى مطالبها مراحات الإبل والبقر .
فلما ضمنت منه تنفيذ طلبها رضيت بما أئتمر عليه مع النور , فطلب منها أن ترقص
أمامه على ضوء النار إذ كان الوقت ليلآ , ورجاها أن تتمايل فى رقصها يمنة ويسرة ,
وتتثنى وتتوسد شعرها , وأن تشبك أصابع يديها ثم تردها إلى الخلف عن طربق
رأسها , وكان هو يغنى لها عدة أغانى , ثم قال لها كيف ترقصين إذا مت , فأجابت
رغبته دون أى إمتعاض أو تزمر , وتمنطقت بثيابها كما تفعل النساء فى ساعات النواح
وفعلت أشياء أخرى إعتادت النساء فى ذلك العصر الإتيان بها فى العويل والبكاء ,
ولما إنتهت من رقاصاتها على أصوات العرضة والنقارة كان الفرح قد تملكه , والهيام
أسكره و فشكرها وطلبب منها أن تزكر مطالبها .
فنظرت إليه طويلآ وجسدها يرتجف , وقالت له بصوت فيه صرامة وألم وجراح
" طلبى واحد وهو الطلاق والفراق الأبدى " .
فصعق حين سمع طلبها , وإنزعج إبن اللمم وولى هاربآ من وراء الخباء بعد أن
دمر عامرآ حلالآ , وشتت قلوبآ وأجسامآ طالما عاشت فى حياة هنيئة , وعيشة رغيدة.
وأخذت تاجوج ما كان بيدها من دثارها , وخرجت الى بيت أبيها والمحلق يتوسل إليها بكل عزيز لديها , ويتشبث بأطراف ثوبها راجيآ مستجديا بدون جدوى , وخجل النور عما
بدر منه , وتجنب المجالس والإجتماعات , وقيل إنه رحل من القرية إلى قرية أخرى
بعيدة عن قرية آل المحلق .
بلغ فراق المحلق بتاجوج مبلغآ عظيمآ حتى إن والد تاجوج أخذته الرحمة , وأدركه الحنان على إبن أخته فرثى لحال العاشق الوامق , وما آل إليه من شحوب وإصفرار
وهزال وتدهور فى الصحة , غشتركت فيه أم المحلق بالبكاء والنحيب على ما أصاب
وحيدها من آلام بسبب هجر تاجوج له .
فإشترط الوالد على المحلق أن يترك الشعر والغناء نهائيآ وهو يتكفل برد زوجته
إليه , فقال المحلق يستحيل على أن اترك الشعر لأنه أصبح حديثى وكلامى , بل
وشرابى وطعامى , فأشفق عليه الخال , وقال له " لو إمتنعت عن الإنشاد ليلة واحدة رددتها إليك " . فرضى وهو فى غاية الفرح .
فأقام عليه الخال الرقباء والشهود فى الليلة الموعودة , واظهر المحلق القدرة
على إمتلاك شعوره حتى إنتصف الليل , فصار يتقلب يمنة ويسرة كأن حية لسعته
حتى مل مضجعه , فنهض وسار جيئة وذهابآ وقد عقد ذراعيه حول صدره , وكان يشد
عليه بهما خوفآ من أن ينفجر , ثم بدأ يقعد احيانآ , ويقف أحيانآ أخرى وقد تملكه ضيق
شديد ولكنه كان يغالب نفسه , ويشدد عليها الخناق , وكانت ليلة طويلة ساكنة هادئة إذ قعد حوله الشهود وهم يصغون لكل آهة خرجت من صدره , وكل أنَة رنت من أضلاعه .
وكاد الصبح أن يلوح , وأستيقظ ديك مبكرآ قبل الديوك الأخرى , فصفق بجناحيه
ومد صوته طويلآ نافذآ فى الأفق , فأخترق مسامع الجميع , ووقع على أذنى المحلق وقعة عارمة , وحرك صياح الديك شجون المحلق , فلم يشعر إلا ولسانه يتحرك وينطق مغنيآ :
كَــر ياديك مالك تصيح
عارف حشاك مبرود جوفك نصيح
هدفت على بالليل عنـــز الشليخ
ضاق المنام ما لاى كلب النبيــــح
******
ثم أنشد ثانية :
كَــر ياديك تصيح مَاكَ البَراك تعبان
ما شفت القبيل قامت من الدخان
الصادق بيقول أريل مع الغــــزلان
والكاضب يقول خلقت بلا مصـــران
******
*
*
*
*
*
*
منقول .... ونواصل.......