تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : محطات عبر الزمن ( متجدد)



درديري كباشي
17-08-2009, 10:51 PM
المحطة الاولى
اعتادت الطلة من سور البيت في كل صباح تقابل محطة المواصلات الموازية . مزهوة بجمالها وبخدودها المتورده وبعطرها الفواح وهي تتمايل يمنة ويسرى وهي تقابل ايتسامات الماره ورواد المحطة بابتسامه دون حياء وتسمع غزلهم المشكوف و ينطبق عليها قول شوقي

خدعوها يقولهم حسناء والغواني يغرهن الثناء

استمر هذا حالها في كل صباح تشرق فيه الشمس تجري هي وتطل من السور تتمايل وتنشر العطر والابتسامات . وبعض الماره يتعمد ان يقترب من السور حتى يناله اكبر قدر من شذاها . وراكبي البصات يشرئبون باعناقهم . لا يجرا احد ان يمد يده نحوها وهم يشاهدون رجل يلازم الجلوس على كرسيه امام البيت فهو لا يحشمها من الناس ولا يتيح لاحد لمسها . الا ان كان يوما وهي تتمايل كا المعتاد لتجد نفسها بين فكي معزة سرقت فرصة تنظرها من الزمن وهي تستغفل صاحب البيت والذي دخل بيته ليقضي غرضا . لم تنقذها صرخات الماره ولا جريهم نحوها لتتناولها المعزه هي والفرع الذي كان يتمايل بها كلما هبت الريح ومر النسيم .

درديري كباشي
17-08-2009, 10:54 PM
المحطة الثانية :
اعتادت خديجة ان تستصحب والدتها الى محطة البصات لبيع الفول والتسالي وكانت تساعدها في مناولة اصحاب السيارات وتناول قيمة مشترياتهم . وفي آخر اليوم لا تبخل عليها امها بحفنة من المال ؟ حيث كانت تدخره خديجة في مكان آمن ولا تصرف منه شي لنفسها رغبة منها في امر اسرته هي . ولم تلومها امها او تسالها لماذا لا تشتري الحلوى والمشروبات الغازية مثل اقرانها من الاطفال . بل كانت سعيدة بهذا الادخار . الى ان جاء يوم واستخرجت خديجة مدخراتها مخبره والدتها بمشروعها وهي انها جمعت راس المال الذي يجعلها مستغلة عن امها . حيث تكون لها قفتها وبضاعتها الخاصة . فرحت الام بهذا التفكير وذهبت معها الى السوق حيث اشترين مستلزمات بضاعة خديجة . وسهرت خديجة ذلك اليوم في قلي وتجهيز مبيعاتها . وفي صباح اليوم التالي بكرت متحمسة بل سبقت امها في الخروج ووضعت قفتها في راسها مزهوة بحملها الثقيل والذي جعلها في مصاف الكبار . ونادت على امها مستعجلة لها على الخروج ومتحمسة هي للعمل .
وقد كان ذلك اليوم جميلا ومغيما والارض مبللة بمياه الامطار . وكان بين بيت خديجة والشارع خور للمطر امتلاء في ذلك اليوم بالمياه . وخديجة بعد ان وضعت قفتها في راسها وهي تعبر الخور عبر حجاره وضعها ابناء الحي تزل قدمها في الطين وتسقط خديجة والقفة بحملها على الخور . وهي لم تقم من سقطتها رفعت راسها وهي تبكي محبطة لتجد حبيبات الفول السوداني والتسالي من بذور البطيخ تطفح سابحة مبتعده وكانها تلوح لها مودعة ولسان حالها يقول مالك فينا نصيب ياخديجة .

درديري كباشي
17-08-2009, 11:04 PM
المحطة الثالثة :دون سائر خلق الله كان يعجبه الجو الحار المشمس وكان يسره منظر الناس وهم يتصببون عرقا ويمسحون عرقهم بمناديل لم تفلح خامة البشاكير التي صنعت منها في تجفيف عرقهم . وكانت تطربه آهاتهم والمهم من الحر . من هو ذلك الشخص الغريب انه الطاهر الذي جعل راس ماله جركانة زيت من البلاستيك بعد ان وسع فوهتها وغسلها نظيفا كان كل صباح يملاها بالماء وعليها نصف لوح من الثلج . ذاهبا الى محطة البصات ومعه كوزين من الالمونيوم وقد كان حريصا جدا على نظافتهما. بحيث يعبيهم بالماء البارد مما يجعل شكل الكوز مغري جدا وهو يغلفه الندى .
رغما ان بضاعته هي الماء الى انه اكتسب خبرة في عرضها كما اكتسب خبرة في اختيار زبائنة . فهو يختار واحدا من الناس بعينة لصفات هو عرفها وخبرها بان هذا الشخص اهلكه العطش وهو حتما سيشتري كوب الماء باي ثمن . ونادرا ما كان يخيب ظنه . عطلته الوحيدة كانت في رمضان . حيث الناس صيام نهارا ومطخمين ليلا . لذلك في رمضان اعتاد ان يجمع غلته ويشترى مستلزمات اسرته ويسافر الى القرية ويعود بعد العيد .
وقد كان عدوه الوحيد هو السحاب والغيم او الشتاء بصورة عامة او كل ما يساهم في تبريد الجو . فهو لم يكن يقضي فترة الشتاء في بيات شتوي ولكن كان يحاول ان يجد مهنة بديلة ومؤقته . احيانا يفترش مسطبة للفواكه والخضر .
الى ان جاء يوم في يوم كان من ايامه المحببة اذا تجاوزت درجة الحرارة الخمس واربعون درجة . هذا كان المعلن منها ولكن بالتاكيد ماخفي اعظم . في ذلك اليوم خلصت جركانته خمس مرات خلال ساعة واحدة
وفي المره الخامسة وقفت في المحطة سياره فارهه ومظللة . ونزل الزجاج وناداه صاحب السياره . وطلب منه ان يسقي كل ابناءه بالسياره .
بينما كان هو يوزع الماء على ابناء صاحب السياره . كان صاحب السيارة يستخرج له في الفلوس . لاحظ ان صاحب السيارة اطال البحث في جيوبه . ويلتفت ناحية زوجته( فتحية ما معاك قروش للراجل ده الظاهر انا جزلاني ناسيه في البيت ) تفتح زوجته المحفظة ولا تجد فيها شيئا . وشعر الجميع بالخجل وخاف الرجل ان يتهمهم الساقى بالتحايل . ولكن شاهدوا باعجاب واندهاش ان الرجل بكل تهذيب جمع كيزانه . وعباره اثارة دهشتهم اكثر ( والله ما نحن البلد البتتباع فيها الموية نحن الله اكرمنا بنيل طويل وعريض ودايم ولم يطالبنا بثمنه لكن المعايش جبارة وضاقت علينا السبل وما لقينا طريق نكسب منه رزقنا غير دا . كان ما دفعتو هو حققكم ومره ثانية نتلاقى )
وقف الرجل وزوجته فترة طويلة منبهرين ومندهشين من شلال الحكم الذي تدفق من هذا الرجل البسيط . وحركو سيارتهم فعلا بعد ان شكروه وبعد خمس دقايق . بعود الرجل وينادي على الطاهر ويمنحه مبلغا كبيرا من المال (يا اخ الطاهر انت الزيك يستحق مهنة احسن انشاء الله المبلغ ده وهو خمس ملايين تكون ليك راس مال لمشرع احسن من بيع الماء وان كانت هي مهنة الساقى ايضا مهنة كريمة )

درديري كباشي
17-08-2009, 11:05 PM
المحطة الرابعة
محطة مكتظة خلال النهار الحار والشمس كانها تأبى ان تفارق كبد السماء بصورة تكاد لا تترك ظل لشئ يتخطى تحته . اكتظت المظلة بالمنتظرين وطلاب المدارس والذين ينتظرون البصات التي تقلهم الى ذويهم . حتى اخيرا وكعادة شهامة السودانيين تنازل الرجال عن ظل المظلة الشحيح للنساء والبنات . واكتفى الموظفون بوضع الجرائد على رؤوسهم والطلاب بوضع الشنط . اما النساء والطالبات فانحشرن تحت المظلة في زحمة وهن يستجدين الظل . والكل يترقب وينظر في اتجاه السوق في انتظار ما يلوح في الافق من حافلات او وبصات .
اما اصحاب السيارات الصغيرة من طراز امجاد وركشات فهم يتجولون وسط المنتظرين لا قتناص المستسلمين منهم وهم يهمسون ويلوحون بمفاتيحهم بصورة مغرية وهم يعرضون بضاعتهم المسجاة على الطريق .
( يا ابوالشباب امجاد كيف لغاية بحري مكيفة ومحمد الامين استريو ) وواحد آخر ( يا اخي ركشة وانت والشباب المعاكم ديل يعني عاجبكم الحر دا كلها خمسماية زيادة عن الحافلة المنتظرنها بالساعات دي )
اصحاب الركشات والامجاد يستعرضون في سياراتهم والمنتظرون يتجنبون النظر اليهم والاستماع الى اغراءاتهم ربما خوفا من الاستسلام لهم . لانه حتما مبلغا زياده سيكون على حساب شئ آخر اما كيس الخبز او بطيخة وعد بها الابناء في ذلك اليوم .
ورغما عن ان اصحاب الامجاد والركشات تنازلوا عن السعر حتى كاد يلامس سعر الحافلات الا انهم لم يجدوا اي تنازل من المنتظرين . الى ان جاءت الهزه في لحظة من سائق تاكسي حاقد على كل الاطراف . فهو حاقد على المواطنين لانهم اذا توفر لديهم المال تركوا الحافلة وبحثوا عن الامجاد . واذا كان المشوار قريب بحثوا عن الركشات . اصبح التاكسي لا مكان له من الاعراب . جاء صاحب التاكسي ورمى قنبلته على الجميع .

( انت يا اخوان منتظرين شنو ما سمعتو انه ناس الحافلات والبصات عاملين اضراب )

بعد هذه الصاعقة وجم الجميع وبسرعة تصرف اصحاب الامجاد والركشات كل واحد جرى نحو سيارته وفعلا بدا الركاب في مزاحمة الامجاد والركشات بل ذهب جمع منهم وبداو في مساومة صاحب التاكسي .
اصحاب الامجاد وبكل راس مرفوع عادوا الى سعرهم الاول ورفضوا التنازل عنه بصورة سادية اشبه بالانتقام . بل بعضهم تمادى في تعذيب المواطنين . وبدا الطلاب يبحثون في شنطهم عساهم يعثرون على بواقي مبلغ منسي يفك كربتهم .
المنتظرين وهم يعتريهم الاحباط والسائقين تسودهم روح السادية والانتقام وبين هذا الصراع الصامت والزحمات التي اصقلها حر ذلك اليوم اذا يقطع الصمت صوت سيارة ضخمة ومساعد صغير اطرب الجمع ذلك اليوم في صوت فاق طربا حتى غناء محمد الامين
( بحري بحري بحري بحري بحري بحري )
هرع الجميع نحو البص العملاق والطلاب والطالبات فرحين بهذا الاتقاذ واصحاب الركشات والامجاد ينظرون الى الفرصة التي لم يحسنون استغلالها تتبخر بين ايديهم كما جاءت وصاحب التاكسي ينسحب شامتا نحو محطة اخري يحبطها باشاعة ويحبط الامجاد والركشات بتكذيبها

درديري كباشي
17-08-2009, 11:16 PM
المحطة الخامسة
المحطة خمسة هي مطار الملك خالد الدولي بالرياض في صالة القدوم حيث يصطف الناس لاستقبال اقاربهم يوجد بين بوابة الخروج واصطفاف المستقبلين حاجز من المواسير الفضيه ممنوع تجاوزه . وبوابة الخروج نفسها تتكون من الزجاج المعتم الذي لايسمح بالنظر خلاله بالاضافة الى انها بوابة تفتح آليا .
اذا المشهد بصورة عامة هو درامي . تخيل نفسك انت وسط جمع غفير من الناس من مختلف الجنسيات واركان الكره الارضية كما التباين في اشكالهم والسنتهم في ترقب دائم وتركيز حاد نحو هذه البوابة . وحيث ان مطار الرياض يستقبل طائرة تقريبا في راس كل ساعة ولكن خدمات الجمارك والتفتيش وخلافه واحده يشترك فيها الجميع .
تفتح البوابة في كل مره وتجد احد الجمع تبسم وهرع لاستقباله سوى كان قريبا او صديقا او حتى صاحب عمل في استقبال عماله . وتنهال عبارات التهليل بدءا من (هالو ) الى حمد الله على السلامه وبينهما كثير من العبارات بمختلف الالسن لم نسمع بها ولو قيلت في غير هذا المكان لما عرفنا معناها .
لكن المشهد الذي توقفت عنده في مرة من المرات هو انه خرج من البوابة عريس وعروس مصريين . كيف عرفت انهم عرسان . لان العروس ترتدي الزفافا الابيض بنفس الهيئة الني تجدها في حفلات العرس وكذلك العريس يرتدي بدلة كاملة سوداء واكثر من ذلك يتأبط العريس يد العروس ويمشون الهوين كما يمشى الوجى الوحل . وتنقصهم موسيقى الزفة والدفوف . حتى تجد نفسك كأنك امام مشهد حي لمسلسل مصري او فلم .
تلفت انا لاختبر انطباعات الاخوة السودانيين عن هذا المشهد الدرامي وجدتهم منكمشين مثلي . لاننا شعب خجول جدا ,, وتذكرت انه اطول يوم مر علي هو يوم حفل زفافي لتجد نفسك وسط كم هائل من الناس وانت وعروستك محط انظارهم فقط .. فما بالك بمطار مع شعوب من كل بقاع الارض. بل انا اعتقد لو كانت لنا دروع مثل ابي القدح(السلحفاء )لدخل كل منا داخل درعه .
لكن المصريين انفسهم لهم مثل يقول ( ما عيب الا العيب ) بمعنى طالما الرجل مع زوجته ولم يفعل فعل يقع تحت بند خادش للحياء في مكان عام اذا لما الاختشا او الحياء .
اذا من هذه الناحية تجد ان الحق في جانبهم ونحن قوم تعودنا البوح عن مشاعرنا خلف الابواب المغلقة فقط
لكن هل منا من يتحمل ان يجول مع عروسته بالزفاف الابيض في مكان عام منتصف النهار وهو يتأبط زراعها .
وانا في غمرة هذا الهاجس نسيت التركيز في الوجوه السودانية للبحث عن الشخص الذي حضرت لاستقباله لاكتشف بانه ركب مع احد الزملاء وسبقني الى البيت.

درديري كباشي
17-08-2009, 11:39 PM
المحطة السادسة
ونحن طلبة في المرحلة الابتدائية ذهبنا انا وابن خالتي لنقضي العطلة المدرسية مع جدنا عليه رحمة الله بحي العمال بمدينة كسلا . وقد كان سائق قطار . وقد كان كثير السفر بحكم عمله لايرجع من السفر ويقضي يوما الا ويستعد لسفرة اخرى . وفي احد اوباته اراد ان يكرمنا انا وابن خالتي وطلب منا مرافقته حتى المحطة .
اذا المحطة السادسة كانت محطة سكة حديد كسلا .
وفي ذلك اليوم رافقنا جدنا واركبنا معه في الديزل . والشي المدهش في الديزل الذي يجر القطار انه عباره عن مكينة عملاقة باستشناء قمرتي القيادة وكل الباقي مكينة مع وجود ممر ضيق بالجنبين لاستخدام الفنيين . ودخلنا في جولة داخل الديزل وشاهدنا عملية التدوير وكلما ادار شيئا ارتفع الصوت . ونحن لم نكن منزعجين بل سعداء جدا بهذا النصر . لانه ملايين الناس ركبوا القطار لكن كم منهم من ركب الديزل نفسه . هذا الشعور جعلنا في مصاف الاصفياء .
وكذلك اكرمنا بشي آخر اذا رافقنا جدنا ركوبا وهو يناور بنا بالديزل . ومصطلح المناورة في السكة حديد يعني تجميع العربات في خط واحد والتي سيجرها الديزل حتى تكون مايعرف بالقطار . وقد كان القطار مخصص للبضاعة وكانت العربات التي سيجرها مفرقة هنا وهنالك . ونحن كنا سعداء بالهزة التي تحدث كلما قطر الديزل احدى العربات . وهكذا حتى اخيرا ودعنا جدنا وطلب منا النزول لنكتشف بان القطار اصبح طويلا جدا .
وتحرك جدي بالقطار نحو بقيته ملوحا لنا بالوداع .
بعد ان اختفى القطار عن الانظار كان ابن خالتي ذلك مميز بالشقاوة . وهو من المفترض ان نرجع البيت الا هو انه رفض . وبعد ذلك قرر ان نواصل عملية الشعلقة في العربات المتحركة هنا وهنالك . وكنا نقف على سلالم عربات المناورة حتى اذا قاربت الدخول من الورشة قفذنا منها وجرينا نحو اخرى .
في هذه اللحظة لم ندري باننا كنا مراقبين من احد العمال او العطشجية والذي بدوره ابلغ شرطة السكة حديد . كما نعلم ان السكة حديد كانت دولة قائمة بذاتها اذ لها شرطة خاصة واطباء ومهندسين ومراكز صحية .
لحظات ونجد ان البوليس يقبض علينا ويوسعنا ضربا محاولا ان يخرج منا باقرار عن ذوينا ومن اتى بنا اذ عرفوا باننا لسنا من ابناء حي السكة حديد . ونحن فضلنا جلدهم على الاعتراف باسم جدنا لانه كان رجلا صعب جدا يمكن في معلومه كهذه تاخذ فيها اعدام . لذلك صمتنا وصمدنا حتى اخذنا ما فيه النصيب وجرينا نحو البيت كل منا يلوم الآخر . انا اقول له بعد ودعنا جدي قلت لك نذهب للبيت . وهو يقول لو كنت انت سريع لما قبض علينا.
طرأت في ذهني هذه الذكرى وانا اذكر آخر زيارة لكسلا في العام الماضي رايت كيف انهارت دولة السكة حديد في السودان ووزعت بيوتها الفخمة والفارهة على اساتذة جامعة كسلا . وخمد هدير القطارة وصفاراتهم التي كانت تطربنا ولا تزعجنا .
نسال الله ان يعيد الحياة لمحطات سكك الحديد بالسودان ببيوتها الطوبية المميزة وقطاطيها المبنية من الطوب والتي لم نشاهد لها مثيل في جميع انحاء العالم

درديري كباشي
18-08-2009, 12:13 AM
المحطة السابعة
ونحن على وشك التخرج من الجامعة طلب منا اجراء فترة تدريبية في احدى المؤسسات الاقتصادية الكبيرة تمهيدا لاعداد مشروع التخرج . وقد اخترت انا ضمن شلة من الزملاء بنك السودان ( اي البنك المركزي ) مما هو معروف اقتصاديا انه في اي دولة يكون البنك المركزي بمثابة القلب لجسم الانسان . اذا تعطل هو تعطلت جميع المصالح الاخرى .
وبحكم مسكننا بالخرطوم بحري اخترت انا وسيلة مواصلات لعبر نهر النيل الازرق وهي عبارة عن بص النقل النهري والتي تعبر النيل بالقرب من جزيرة توتي . وقد كان مشوارا جميلا عبر النيل بصورة دائمة مما جعل الاجازة نفسها ممتعة وعبارة عن سياحة خلال محطة النقل النهري .
وقد كانت العبارة تسير بمحازاة جزيرة توتي لكن من مسافة ليست بالقريبة بحيث تتيح لك رؤية الاشياء المتحركة ولكن دون التمعن في تفاصيلها .
وفي مره من المرات لفت نظر الناس الي الجزيرة احد الركاب مشيرا الى ان هنالك تمساح يتحرك في جزيرة توتي . وبدا تركيز الناس والمغالطات دا تمساح لا لا دا تيس لا لا في تيس لونه اخضر . ويستمر الغلاظ الى ان تخلص الرحلة .
انا وجدتها ماده لذيذه في اليوم الثاني كلما لاحظت ان ركاب المركب صامتين سخنتهم بنفس الموضوع .
( يا اخوانا انتو الشي البتحرك داك ما هو تمساح ؟؟؟) ويبدا الموال من جديد ( تمساح ما تسماح غنماية تيس لا تور وووووو) يضج المركب بالمغالطات الى ان تخلص الرحلة .
وطبعا ليس نفس الركاب يتكررون في كل يوم لذلك انا بسهولة كنت افتح موضوع التمساح كل يوم لاكسر به حاجز الصمت .
الا ان جاء يوم وحصل تحول جزئي في الموضع . اذ انا ابدا بجملتي المعهوده . يا اخوانا داك تمساح ولا شنو
يبدا الغلاط في تمساح معزه لا تيس وتتكرر الاسطوانة . الا ان قطع الاسطوانة احد القرويين والذي يبدو من لهجته انه من اهل الشمال وقال هو تمساح وانتايي كمان يعني ما هو تمساح ضكر .
وهنا تحول النقاش الى انثى ذكر لا ذكر لا انثى عرفته كيف .... يا اخوان انتو ما بتعرفو التماسيح ولا شنو التمساح الانتاية تكون بطنه صفراء .
ويضج الجميع مره اخرى با نثى لا ذكر ووووو
والا ان الاقي مجموعة اخرى في صباح اليوم التالي

عبدالرحمن مدثر
18-08-2009, 12:30 AM
محطة (1)

ابتسامة جميلة تمسك بيد الخيال بعد ان راح بعيدا

واكتفى بوردة وعطر جميل يفوح من ابداعاتك

محطة (2)

بتذكرنى بمشاكلنا مع الخريف وحاجة حواء صاحبتى

ومرجيحة الامطار المصنوعة من الطوب والتى كالعادة

خالية من الامن والسلامة

محطة (3)

رمضان كريم

حاشرب موية وارد عليك لانى عطشت

مااجمل التذكرة عندما يقطعها لك رجل يحتاج الى مساعدة

لان قيمتها اكبر وابلغ




درديرى كباشى ياكل الروعة

بجيك تاااااانى

ونقيف على باقى المحطاااااااااات

درديري كباشي
18-08-2009, 01:29 AM
محطة (1)

ابتسامة جميلة تمسك بيد الخيال بعد ان راح بعيدا

واكتفى بوردة وعطر جميل يفوح من ابداعاتك

محطة (2)

بتذكرنى بمشاكلنا مع الخريف وحاجة حواء صاحبتى

ومرجيحة الامطار المصنوعة من الطوب والتى كالعادة

خالية من الامن والسلامة

محطة (3)

رمضان كريم

حاشرب موية وارد عليك لانى عطشت

مااجمل التذكرة عندما يقطعها لك رجل يحتاج الى مساعدة

لان قيمتها اكبر وابلغ




درديرى كباشى ياكل الروعة

بجيك تاااااانى

ونقيف على باقى المحطاااااااااات



في انتظارك يا ابو مدثر ..

يبدو انه محطاتك هي المحطات التي سنستريح بها من عناء السفر عبر محطاتنا ..

كون بخير ولا تنسانا من العودة

درديري كباشي
18-08-2009, 02:20 AM
المحطة الثامنة

حياة الانسان في الدنيا محصورة بين شهادتين الشهادة الاولى يسعى اهلك سعيا حثيثا لتحصل عليها انت والشهادة الثانية يسعى اهلك وانت سعيا حثيثا لمحاولة منعك من الحصول عليها . وبينهما شهادات كثر ابتدعها الانسان ليميز الناس عن بعضهم البعض علميا وفهميا ولكن بمقاييس وضعها الانسان نفسه . اما الشهادتان اللتان تحيطان بعمر الانسان فلا يملك لهما مقاييسا او يدا .
الشهادة الاولى وهي شهادة الميلاد والشهادة الاخيرة هي شهادة الوفاة . والغريب في الامر ان المصلحة التي تصدرهما هي مصلحة واحدة تختلف مسمياتها باختلاف الدول ولكن هدفها واحد وهي اصدار الشهادة للداخل الى الدنيا واخرى للخارج منها .

طرات على ذهني هذه الخواطر وانا واقف في الصف لاصدار شهادة الميلاد لمولودتي الجديدة . لاحظت ان الصف قصير ولكن بطئ جدا , وتحس بان الموظف يقلب في مستندات المتقدم باحثا عن الثقرات والهنات حتى يرجعه مره اخرى . ولاحظت ان الناس في الصف مميزون بعضهم تصرفاته تدل على انه اول مولود يتلقاه . بدليل انه يتم ارجاعه اكثر من مره .... وتسمع عبارات من نوع ( فين شهادة المستشفى التي وضعتم فيها مولودكم ) وهي اساس الموضوع . كما تلاحظ انه بعضهم خبير جدا بصورة تجعلك تتيقن تماما بانه تقريبا كل عام كان يشرف هذا الصف .

ارفع راسي لانظر مقدمة الصف واكتشف انه لا زال بيني وبين الشباك عدة اشخاص . انا لا ادعي باني اصبحت من ذوي الخبره في هذا المجال لكن كنت هنا قبل اربع سنوات وبالتاكيد زادت الاجراءات او تم تعديلها . وفعلا من ضمن الاشياء الجديدة اصبحت توجد استماره لا بد من الاب بتعبئتها . بعضهم ياخذ هذه الاستماره ويخرج بها خارجا حيث يوجد كتاب العرضحالات . انا اخذت الاستماره وملت على الجنب في طاولة قريبة وعبيتها بنفسي . هذا التصرف اغرى كثير من ذوي الناطقين بغيرها (أي اللغة العربية ) ان يلتفوا حولي وبمسكنتهم المعهوده وهزة الراس العجيبة (سديق انت في ممكن ابي هذا انا مافي معلوم عربي سيم سيم انت ) وقفت وشعرت باني سافتح على نفسي بابا ليس من السهل اغلاقه لاني بمسحة صغيره للمكان شعرت الابتسامات كثرت وبدات تتفتح واحدة تلو الاخرى . ولكن لاباس مادام الصف طويل والملل حادث لا محال . وفعلا عبيت اكثر من استماره . وكذلك دخل الفلبينيون باسمائهم العجيبة التي لا تنطق ولا تقرا ولا تؤكل ولا تشرب .... وتبدا في تكرار الاسئلة من نوع ايش قلت ( كوانبلسواي ناب ابببيساتل ) قابلوني لو عرفتوا تقراوها .
واخيرا بقى بيني وبين الصف شخص ثم جاء دوري وانا الحصيف بدات اخرج في مستنداتي واحدا تلو الاخر مبتسما في خبث واثقا في نفسي . وبعد فحص وتمحيص رد الى الورق في ابتسامة اخبث من ابتسامتي .... لماذا ..؟؟؟ قال ان عليك غرامه لانك تجاوزت الشهر في التبليغ عن مولودك . والغرامه خمسون واين تدفع في الصالة الثانية . وخرجت من هذا الصف البائس البطئ منهزما نحو صف آخر في صالة اخرى اشد بؤسا .
ووجدت هنالك صفوفا اخرى لغرض اخر ومن ضمنها شباك الرسوم . تخيلوا ان الصفوف الاخرى هي صفوف اصدار الشهادة الثانية . وهي شهادة الخروج من الدنيا شهادة الوفاة . سبحان الله بين دخول الدنيا والخروج منها جدار فاصل فقط . ولكن لاحظت شئ آخر ان سجلات المواليد زحمة اكثر من سجلات الوفيات . لكن طبعا الوفيات تبدوا بطيئة في الاحوال العادية ولكن ستاتي بالفرق في اقرب كارثة مثل التي حدثت في الصين او مثل اعصار تسونامي او حتى القنبلة الذرية ، والتي منحت شهادة الوفاة لمائتين الف ياباني خلال ثواني معدودة .

وقفت في صف الغرامه . وعندما حان دوري تعذر الموظف بانه لاتوجد فكة للورقة فائة المائة . والغريبة ان اقرب فئة للخمسين هي المائة بمعنى انه انا لم اقدم ورقة من فائة الخمسمائة . واضطريت انتظر حتى اتى شخص وقدم فئة الخمسين واستلمت الباقي . وجريا ناحية الصف الاول مره اخرى واتقدم الصفوف للشباك مباشرة . مع احتجاج الجمهور بمختلف اللهجات بما فيهم من عبيت لهم استماراته ( سديق انت في يجي متاخر ليش وقف قدام ) انا يا اخوان رحت ادفع الغرامه . اربعة من الصف يرفعون ايديهم بوصل الغرامه ( الحمد لله لست وحدي ) .

شهادة الوفاة ذكرتني بقصة شخص نزل المعاش في السودان وبطريقة ما تم تسجيله في صندوق المعاشات ضمن من توفوا . وعندما لاحظ توقف صرف المعاش راح يتحرى عن السبب قالوا له يا اخينا انت متوفي من زمااااان ... يا اخوان كيف الكلام دا انا واقف قدامكم اهو .... الموظف : معاك ما يثبت انك حي ...... يا اخوان هل في اثبات اكثر من وجودي امامك ..... الموظف ... يعني اشيلك اختك في الفايل ...انا عايز ورقة تنفي وفاتك ... بيني وبينكم الموظف معه حق ... يقوم يصرف له المعاش من جديد يمكن يطلع الرجل عفريت .... (الغريبة في السودان يطلقون على الناقتيف للصور العفريتة) .

دفعت الرسوم ورجعت للصف من اوله كما ذكرت لافاجا بان الشباك قد قفل لان مواعيدة العاشرة والنصف فقط عليك ان تعاود غدا صباحا ولنا عودة
عدت في اليوم التالي صباحا باكرا وانا اكثر دراية لاعلم الناس كيف يولدون وكيف يستشهدون . أي يستخرجون شهادات الميلاد لاولادهم . وبكل ثقة وقفت في الصف المعني دون ان اسال احدا ماذا سافعل .
كان هنالك اكتشاف غربي راقي جدا الغى حكاية الصف والوقوف والملل والتعب واعتقد ان مكتب المواليد تبعها قبل ذلك . وهو ان توجد اله فيها شريط للارقام تاخذ رقما وتجلس مكرما معززا وعلى ان يضغط موظف الشباك على اله عنده تصدر صوتا ويظهر رقما على شاشة حمراء تبين ما الرقم الذي عليه الدور .
ولكن نحن العرب كما اشتهرنا دوما في قلب مزايا التكنلوجيا بدلا ان تكون مفيده تصبح مضره . اصبح بعض الناس يا خذون ارقاما ويخرجون الى حال سبيلهم . لتاتي انت وتاخذ رقما وتكتشف ان بينك وبين الرقم الحالي حوالي خمسمائة شخص لا يوجد منهم جلوسا سوى عشره اشخاص .
جاء الدور عندي ووقفت امام الشباك وجها لوجه مع ذلك الموظف وتعمدت هذه المره الا اعكس أي انطباع على وجهي لا ابتسامه خبيثة ولا حميده . قلب الموظف في الاوراق واعتقد انه كاد يموت غيظا عندما لم يجد ثقره اخيرا تهللت اساريره ولسان حاله يقول وجدتها وجدتها مثل ارشميدس . ما هي .... فين اصل جواز الام واصل جواز الاب ؟؟؟؟ لارد انا هذه المره بابتسامه خبيثة لم استطيع كتمها وادخل يدي في جيبي (مثل الكاوبوي ) واستخرج الجوازات الاصليه ولسان حالي يقول له (تلقاها عند الغافل ) ويمسك الاوراق مضطرا بعد ذلك ويقل: انتظر استخراج الشهادة هنالك مع المنتظرين لاعود منتصرا متوسطا الحضور في الكراسي ومنتظرا استخراج الشهادة .

ملاحظة اخرى ان الناس يستعجلون شهادات الدنيا ولا يفعلون ذلك مع شهادات الآخره مثلا شخص نجح في الابتدائي تجد الجماعة يباركون له مع عبارة عقبال الدكتوراه . رغما عن يقينهم التام بان هنالك عشرات السنين والمراحل والشهادات بينه وبين الدكتوراه . لكن لا احد يتمنى ان ينال شهادة الآخره ولا حتى المنى موتا بالشهيد .

اذكر ايام اوج حرب الجنوب في السودان . كان احد الرتب الكبيره مجتمعا باحد الكتائب حديثة التخرج من الدفاع الشعبي ومن زمره حديثه وحماسه مع الكتيبة قال انا اتمنى انه هذه الكتيبة نشاهدها هنالك في الحرب واتمنى كلكم تنالوا الشهادة . بسرعة رد احد الحضور (فال الله ولا فالك ) ... لا احد يريد الموت وحتى لو كان شهادة . وحتى زمن الصحابة الشهادة كانت نتيجة حتمية يتعشمها المسلم المجاهد ويستحقها . ولكن لم تكن هدفا في حد ذاتها . بل يجب الا تكون هدفا لاي شخص والا قضيت جميع جنود المسلمين . انت لا تجعل الموت غايتك وانت تقاتل ولكن يقينك بانك ستكون من اهل الجنة اذا مت هو الذي يحفذك على الاستمرار في القتال ولكن هدفك هو النصر ولا شئ سوى النصر .

ندهت الاسماء واخيرا :سمر ممممممم مش عارف مين الامين . اخخخ اسمي مره اخرى كم عانيت من هذا الاسم الله يرحمك يا ابي هل كان لابد من( دردرتي وانت مكبش اصلا ) صعب على أي شخص قراءة اسمي اذا كان مكتوب صحيح فضلا عن انه كثير من الاحيان يكتب بالخطا . اذكر في الثانوية الاستاذ المصري يوزع في كراسات الطلاب وكلما جاء عند كراسي توقف برهة ثم اعاده الى اخر الصف الا ان لم يبقى بينه و بينه بد واخيرا قرا ... درويرري كبببشي مش عارف ايه؟؟؟ وانفجر الطلاب بالضحك . لاقوم انا مغتاظا من اسمي ونفسي وضحك الطلاب وااخذ كراسي

المره الوحيدة التي صادفني فيها شخص يحمل نفس اسمي في المرحلة الجامعية قد كان جرسونا في الكافتريا . وكنت اتبهدل بشده في ايام ذلك الجرسون لاني تعودت اذا سمعت اسم درديري فهو انا دون شك وارد بصورة آلية .. فما بالك الجرسون ينادونه الناس باعلي صوت عدة مرات في الساعة الواحدة . وخلقنا ثنائيا جميلا وكوراليا انا وهو لحظة النداء ...درديري في نفس اللحظة .... ايوة نعم ... معليش يا ابوالدر ما نستغنى نحن قاصدين الجرسون . ونتيجة عكسية لرد الفعل اصبحت دقيلا ولا ارد حتى لوسمعت اسمي في الغابة . في الداخلية ...درديري شنو ياخ ماقعد نناديك من قبيل ... ما انا قايل قاصدين الجرسون ... والجرسون حا يجيبو الداخلية شنو كمان يا ابو الدر ياخ ؟؟؟؟؟؟

استلمت شهادة سمر وتوكلت على الله وعقبال الدكتوراه يا سمر