مشاهدة النسخة كاملة : هيثم كابو يكتب حلقات عن رحيل محمودعبدالعزيز...
ZANOON
28-01-2013, 11:35 PM
الحلقة الاولى
قصة مغادرة الطائرة الطبية الخاصة لمطار الخرطوم .. وتفاصيل رحلة الوصول الي (ابن الهيثم)..!!
حقيقة الوضــع الصحي بعــد الوصـــول .. وصدمــة رؤيــة (الحــوت) بالعنايـــة المكثفــة ..!!
{.. وأكتملت كافة الإجراءات والترتيبات للطائرة الأردنية الطبية الخاصة التي ستصل مطار الخرطوم في تمام الساعة السادسة إلا ثلثاً فجر يوم السبت الخامس من يناير ،لذا علينا مغادرة المستشفى الآن فهاهو ليل الجمعة يكاد أن ينتصف تماماً .. فموعد عودتنا في الساعة الخامسة صباحاً لم يتبق منه سوى سويعات سيبدأ بعدها طاقم (رويال كير) في إعداد عربة الإسعاف بكافة الأجهزة الطبية المطلوبة لنقل محمود إلى مطار الخرطوم وما أدراك ما صعوبة نقل مريض في مثل حالته ...إفترقنا كي ينال كل منا قسطاً من الراحة ثم يهب في الفجر ميمماً وجهه شطر رويال كير ، ولأني (كائن ليلي) فمن الصعب عليَّ الاستيقاظ فجراً ولكن من السهل بالنسبة لي مواصلة السهر حتى صباح اليوم التالي رغم خطورة مواصلة يومين تباعاً دون نوم إلا أنه لم يكن أمامي خيار آخر ..قضيت ساعتين بشارع النيل مع مجموعة من الأصدقاء ثم أكملت ما تبقى من (السهرة) بصحبة الزميل الحبيب معاوية الجاك بشقته بحى الصفا، حيث كانت الدعوات بسلامة (الحوت) و قضايا المريخ معبرنا لإستبانة الخيط الأبيض من الأسود ..!!
{في الخامسة من فجر السبت وبعد إمتداد السهر و(عشرة الونسة وشراب الشاي مع ود الجاك) هاتفنى الفنان جمال فرفور وقال : إنه في الطريق لي حتى نذهب سوياً لمطار الخرطوم لتكملة إجراءات المرافقين لمحمود ومتابعة تفاصيل هبوط الطائرة الخاصة كى تتحرك من بعد ذلك عربة الإسعاف للمستشفى..وبالفعل اتجهنا للمطار، وأخجلنا هناك كل من وضعنا على طاولته أوراقاً تخص إجراءات السفر بسرعة التفاعل وتقدير الموقف ،فالكل يخدمك والابتسامة تزين وجهه.
*هبطت الطائرة في السادسة إلا ثلثاً بتصريح هبوط يحمل الرقم (7005) وبدأت في التزود بالوقود في ذات الوقت الذي كانت تعد فيه عربة إسعاف (رويال كير) لنقل محمود للمطار ..أسرته وأصدقاؤه المقربين موجودين بالمستشفى ..وفي الطريق للمطار عبد الحكم وأحمد الصاوي بينما اكتملت إجراءات سفر (خال محمود) أمين محمد الطاهر وشقيقه مأمون عبد العزيز كمرافقين..!!
{صوت سارينة الإسعاف التى وقفت أمام بوابة المطار يمزق الأفئدة..تصريح الدخول موجود والإجراءات مكتملة والطائرة تنتظر المريض ..تحركنا وصديقنا عبد الحكم وجمال فرفور من أمام البوابة الخارجية بعربة (نصف نقل) خلف عربة الإسعاف التى شقت طريقها داخل المطار متجهة نحو المدرج الذي تقبع فيه الطائرة الطبية ..توقف الإسعاف الذي رافقته الدكتوره إيناس وإحدى معاوناتها من مستشفى (رويال كير) أمام الطائرة ..بدأت عملية فك الأجهزة الملحقة بجسد محمود والغصة تعتصر الحلوق وتطعن كنصل سكين حاد .. (الحوت) يقاوم الألم ..آهاته المكتومة تشق الأفئدة نصفين ..ومن يعرف محمود جيداً يضع لآهاته ألف حساب فالفتى من النوع الذي يصارع الآلام في تحد غريب ..مهما اشتدت عليه المعاناة فإنه يتملل دون أن يشكو ولكنه هذه المرة يريد التعبير عن أوجاعه بنبرات لا سبيل إلى سماعها ..الدكتور الأردني المرافق للطائرة شرع في فك كافة أجهزة الإسعاف حتى يقوم بتركيب أجهزته الموجودة داخل الطائرة الصغيرة ..هاهو السرير الذي سيرقد عليه محمود في مقدمة الطائرة.. د. إيناس تساعد الطبيب الأردني بهمة عالية ..والموجودين يقومون بحمل (الحوت) من النقالة إلى الطائرة ويا سبحان الله ها هو محمود صاحب أقوى حنجرة عرفتها الساحة الفنية يصوم بأمر المرض عن الكلام ويتحدث معنا بتحريك عينيه بتعب، ونحن نحاول التخفيف عليه بكلمات تشجيع لا أظنه وقتها يسمعها أو يستوعبها مع أننا نحتاج إلى من يشجعنا حتى نصبر على رؤيته في تلك الحالة ولكنه ابتلاء كنا نسأل الله العلي القدير أن يعافيه ويعود لنا بهيبته المعروفة وسحره الطاغي وصوته المجلجل الذي يخلخل أوتار ثبات خشبات المسارح والصالات !!
{استقر جسد محمود عبد العزيز على السرير الموجود في بطن الطائرة ففارقنا نحن الثبات ..صارعتنا الدموع وانهمرت من أعيننا مدراراً حاولت أن أدس وجهي بين كفي فلحظات الضعف البشري قاسية ولكن دون جدوى ...استدار فرفور للوراء وأعطى الواقفين أمام الطائرة ظهره حتى لا يرون الدموع وهي تتساقط من عينيه ولكن محاولات إخفاء الحزن الدافق باءت بالفشل الذريع !!
{ولا أحد يستطيع أن يلومنا على غسل وجوهنا بالدموع طالما أن د. محمد فضل الله بكل جلده وصبره صعد للطائرة للإطمئنان على (الحوت) قبل الإقلاع فصارعته أحزانه عقب نزوله للأرض وصرعته فاستعان بالمنديل ..أقلعت الطائرة فتحركت عربتنا صوب البوابة الخارجية وليتها لم تفعل ..ما أن وقعت عينا والدة محمود (الخالة فائزة) وبناتها (سهام والهام) علينا ونحن نهم بالخروج حتى إنفجرن بالبكاء فتساقطت دموعنا من جديد.. وعندما عانقت الصاوي كانت حاجة فائزة تحتضن فرفور وكلاهما يبكي بصوت عالٍ ويعيد لنا مشهد نجاح عملية محمود قبل شهور مضت !!
{عجيب أمر (الحواتة) ..أنهم يمثلون سدرة منتهى الوفاء ..ها هو حامد ومحمد الطيب وبعض رفاقهما بالخارج ينتظرون خبر الإقلاع حتى يغادروا باحة المطار ...إنه اختلاف جمهور محمود عن غيره من محبي كل الفنانين ..يطاردون فنانهم المفضل في الحفلات ولا يبتعدون عنه في المحن والأزمات ..كثير ما رأيتهم يفترشون الأسفلت أمام بوابة المستشفى رافضين الذهاب إلى منازلهم، ووجدتهم أيضا على ضفاف شارع النيل بمدني قبالة قسم الشرطة إبان مشكلة (الحوت) الأخيرة على خلفية أحداث مسرح الجزيرة .. (الحواتة) يا سادتي نسيج وحدهم ولا يقبلون القسمة على معايير الإعجاب المعروفة وأسس الحب المألوفة..!!
{كانت الساعة السابعة والنصف من صباح ذلك اليوم تعنى مزيداً من القلق والتوتر فالطائرة حلقت متجهة صوب الأردن مجهزة بكل الاحتياجات الطبية التى كانت متوفرة بغرفة العناية المكثفة بالمستشفى ولكن الضغط الجوي والمطبات والتحليق لمدة ساعتين ونصف يزيد من حجم الخوف، لذا فإن فرحتنا وقتها بوصول الطائرة لمطار عمان ونقل (الحوت) لمستشفى ابن الهيثم لم تقل عن فرحتنا بنجاح العملية الجراحية التي أجريت له في يونيو من العام الماضي.
اللحاق بالحوت
{ غادرت عقولنا وأرواحنا وإهتماماتنا الخرطوم برفقة الطائرة الطبية التي نقلت محمود عبدالعزيز الي مستشفي (ابن الهيثم) بالعاصمة الأردنية عمان .. عدم وجود تأشيرة سفر للأردن وقفت سداً أمام مرافقتنا لـ(الحوت) علي ذات الطائرة ولكنها بالطبع لن تعني عدم وصولنا الي هناك ولو بعد يوم أو يومين ، لذا فقد كان التحرك سريعاً جداً وقنصل سفارة الأردن بالخرطوم يتجاوب مع ضرورة منح التأشيرة بسرعة البرق ويعود مشكوراً في المساء خصيصاً لإكمال إجراءاتها في تقدير يحسب له ولطاقم السفارة .
{ إكتملت الإجراءات ولابد من اللحاق بـ(الحوت) سريعاً فكانت الرحلة رقم (511) المتجهة الي عمان علي متن الخطوط الملكية الأردنية .. ودعت الخرطوم في الساعات الأولي من صباح الأربعاء برفقة صديقنا الحبيب الموسيقي عثمان محي الدين الذي أوصلني مشكوراً للمطار لم تنقطع دعواته ورجاءاته بألا ينقطع إتصالنا به حتي يقف علي الحالة الصحية لمحمود ..!!
{مرت الدقائق (طويلة النفس والأمد وعريضة المساحة) بمطار الخرطوم إلا أن الصدفة التي جمعتني بدكتور صلاح الدعاك المدير الإقليمي لمنظمة الإغاثة الإنسانية بعمان خففت عليّ من قلق الإنتظار .. تبادلنا أطراف الحديث في عدد من المواضيع وسألني د. الدعاك : (هل هي المرة الأولي التي تزور فيها عمان فالأجواء باردة وهناك موجة جليد .. وما سر سفرك يا تري )..؟؟
أجبته بأنها ليست المرة الأولي فقد سبق وأن كنت ضيفاً علي مهرجان (جرش) وإستمتعت بحفلات فضل شاكر ونوال الزغبي وهاني شاكر وحاورت ديانا كرزون بمنزلها بالصوفية .. كان البرد قارساً ولكنه لم يصل حد التجمد .. ولكني هذه المرة أزورها للإطمئنان علي صحة محمود عبدالعزيز ..!!
{ حط رحالنا بعمان يومها فوجدتها منزوعة الحرارة .. (درجة واحدة تحت الصفر) لا أكثر .. ودعت د. صلاح الدعاك الذي طلب من سائقه أن يأخذني الي مستشفي (ابن الهيثم) فشكرته وأعتذرت له فهناك سائق آخر بعثت به إدارة المستشفي ينتظر وأيضاً الرجل الفلسطيني الراقي هاني الذي يعمل بالعلاقات العامة بالسفارة السودانية يقف علي أهبة الإستعداد .. ودعت د. الدعاك .. وطلبت من هاني أن يبقي بالمطار ساعة لأن الأستاذ حسن فضل المولي مدير قناة النيل الأزرق الفضائية سيصل علي متن الخطوط الجوية المصرية ..!!
الطريق الي (ابن الهيثم) ..!!
{ 35 كيلو تفصل المطار عن المستشفي .. الأمطار تتساقط وبعض من ثلوج .. برد قارس لا يحتمل .. مدفأة العربة تخلق نوعاً من التوازن بالداخل بينما كثير من السيارات تركها أصحابها بعد أن تعلقت بالثلوج وهرعوا لمنازلهم مشياً علي الأقدام للإحتماء بين الجدران .. صوت المُقرئ الذي ينبعث من سماعات المسجل يبث في النفس الطمأنينة وآيات سورة (مريم) تعطر الأفئدة والآذان والمكان .. والتركيز يذهب مع قصة العذراء التي إنتبذت من أهلها مكان شرقيا حتي طلب الوحي منها أن تهز جذع النخلة فتساقط عليها رطباً جنيا .. (وآيات كتاب الله الحكيم تدفع المرء لتكثيف الدعاء وتعيده لمناطق التسليم بالإبتلاء والقضاء والقدر كلما ضعفت النفس البشرية) ..!!
{ قطعنا نصف الطريق ولا يزال ينتظرنا ذات الزمن الذي مضي وذات المشوار .. عزيمة الرجال التي شقت الجبال طريقاً معبداً بالإرادة تتضح بجلاء في شارع المطار .. حركة سير العربات يومها كانت أقل من عادية مع أننا نسير في أكثر الطرق أهمية وحيوية ، فوصول الحرارة الي (درجة واحدة تحت الصفر) و تساقط الثلوج وتجمد الإسفلت دفع المؤسسات الحكومية والخاصة الي إعلان عطلة لمنسوبيها فالمولي سبحانه وتعالي لم يأمر بالهلاك .. المناخ هناك يذكرك بمفخرة السودان الأديب الراحل المقيم الطيب صالح وحكاية البلاد التي يموت بالبرد حيتانها ونحن نزور عمان هذه المرة حتي نضخ الدم والحيوية في أوردة (الحوت) الذي غادر بلاده في حالة صحية متأخرة ووضع يرثي له .
{ الضباب الكثيف يكاد يحجب رؤية سائق عربة مستشفي (ابن الهيثم) والثلوج علي الأرض تشكل خطراً علي السيارات ومعوقاً للحركة .. لافتات المرشحين لإنتخابات البرلمان الأردني تغطي علي لوحات إعلانات الشركات التجارية ، وما بين المطالبة بضرورة التصويت لمرشح يدعي نصار القيسي بصلعته المهندمة وآخر يسمي عامر البشير يرفع شعار (بصوتك لا بصمتك) ما بينهما تصافحك وجوه عشرات المرشحين للبرلمان والكل يزعم أنه يخوض الإنتخابات لمكافحة الفساد مثلما يحدث هذه الأيام في كل مكان ..!!
مسؤول شؤون المرضي ينتظر ..!!
بالرغم من أن الموظفين بالأردن دخلوا في عطلة ذلك اليوم وثلاثة أشخاص ماتوا بسبب الثلج أو (الزائر الأبيض) طبقاً لخبر أوردته صحيفة (الدستور) إلا أن الأستاذ عمر محمود عبدات مدير مكتب شؤون المرضي العرب بـ(ابن الهيثم) كان ينتظرني في عربته قبالة المستشفي .. (الملابس الكاجول الثقيلة جداً) التي يرتديها توضح لك بجلاء أنه لم يأت للعمل إنما فقط لإستقبالنا وتنويرنا بالوضع الصحي للحبيب محمود عبدالعزيز ، وماذا فعلوا منذ أن وصلهم .. وكيف أصبحت حالته .. وما هي المشاكل التي يعاني منها .. وكيف ستكون الحلول والمعالجات .. وهل الوضع ينبئ ببشارات قادمات وغيرها من التساؤلات التي طرحتها علي مسؤول ملفات شؤون المرضي العرب بوضوح سنتحدث عنه غداً ، ونحكي صدمة رؤيتنا لـ(الحوت) داخل العناية المكثفة بعد دقائق معدودات من وصولنا للمستشفي ..!!
(وغداً للرحلة المأساوية بقية )....
ZANOON
30-01-2013, 01:18 AM
الحلقة الثانية
صدمــة رؤيــة (الحــوت) بالعنايـــة المكثفــة ..ولعنة الله علي الدموع ..!!
الحقائق الصادمة ..الاسئلة الحرجة .. معادلة الثلج واللهيب .. وامنيات ضد الواقع ..!!
*{ ملخص الحلقة الاولى ..!!
*{ المسافة بين مطار الملكة علياء بعمان ومستشفي (ابن الهيثم ) 35 كيلو الأمطار تتساقط وبعض من ثلوج .. برد قارس لا يحتمل .. مدفأة العربة تخلق نوعاً من التوازن بالداخل بينما كثير من السيارات تركها أصحابها بعد أن تعلقت بالثلوج وهرعوا لمنازلهم مشياً علي الأقدام للإحتماء بين الجدران .. صوت المُقرئ الذي ينبعث من سماعات المسجل يبث في النفس الطمأنينة وآيات سورة (مريم) تعطر الأفئدة والآذان والمكان .. والتركيز يذهب مع قصة العذراء التي إنتبذت من أهلها مكان شرقيا حتي طلب الوحي منها أن تهز جذع النخلة فتساقط عليها رطباً جنيا .. (وآيات كتاب الله الحكيم تدفع المرء لتكثيف الدعاء وتعيده لمناطق التسليم بالإبتلاء والقضاء والقدر كلما ضعفت النفس البشرية) ..!!
*{ قطعنا نصف الطريق ولا يزال ينتظرنا ذات الزمن الذي مضي وذات المشوار .. عزيمة الرجال التي شقت الجبال طريقاً معبداً بالإرادة تتضح بجلاء في شارع المطار .. حركة سير العربات يومها كانت أقل من عادية مع أننا نسير في أكثر الطرق أهمية وحيوية ، فوصول الحرارة الي (درجة واحدة تحت الصفر) و تساقط الثلوج وتجمد الإسفلت دفع المؤسسات الحكومية والخاصة الي إعلان عطلة لمنسوبيها فالمولي سبحانه وتعالي لم يأمر بالهلاك .. المناخ هناك يذكرك بمفخرة السودان الأديب الراحل المقيم الطيب صالح وحكاية البلاد التي يموت بالبرد حيتانها ونحن نزور عمان هذه المرة حتي نضخ الدم والحيوية في أوردة (الحوت) الذي غادر بلاده في حالة صحية متأخرة ووضع يرثي له .
*{ الضباب الكثيف يكاد يحجب رؤية سائق عربة مستشفي (ابن الهيثم) والثلوج علي الأرض تشكل خطراً علي السيارات ومعوقاً للحركة .. لافتات المرشحين لإنتخابات البرلمان الأردني تغطي علي لوحات إعلانات الشركات التجارية ، وما بين المطالبة بضرورة التصويت لمرشح يدعي نصار القيسي بصلعته المهندمة وآخر يسمي عامر البشير يرفع شعار (بصوتك لا بصمتك) ما بينهما تصافحك وجوه عشرات المرشحين للبرلمان والكل يزعم أنه يخوض الإنتخابات لمكافحة الفساد مثلما يحدث هذه الأيام في كل مكان ..!!
*{بالرغم من أن الموظفين بالأردن دخلوا في عطلة ذلك اليوم وثلاثة أشخاص ماتوا بسبب الثلج أو (الزائر الأبيض) طبقاً لخبر أوردته صحيفة (الدستور) إلا أن الأستاذ عمر محمود عبدات مدير مكتب شؤون المرضي العرب بـ(ابن الهيثم) كان ينتظرني في عربته قبالة المستشفي .. (الملابس الكاجول الثقيلة جداً) التي يرتديها توضح لك بجلاء أنه لم يأت للعمل إنما فقط لإستقبالنا وتنويرنا بالوضع الصحي للحبيب محمود عبدالعزيز ، وماذا فعلوا منذ أن وصلهم .. وكيف أصبحت حالته .. وما هي المشاكل التي يعاني منها .. وكيف ستكون الحلول والمعالجات .. وهل الوضع ينبئ ببشارات قادمات وغيرها من التساؤلات التي طرحتها علي مسؤول ملفات شؤون المرضي العرب بوضوح و صدمة رؤيتنا لـ(الحوت) داخل العناية المكثفة بعد دقائق معدودات من وصولنا للمستشفي ..!!
أين الحقيقة ..؟؟
*{ .. الشاب الأردني عمر عبدات مدير مكتب شؤون المرضي العرب بالمستشفي رجل دمث الأخلاق .. يدخل بلطفه وحسن معشره القلوب غازياً مقتحماً .. يعرف كيف يخفف عليك آلامك ويخرجك من حالة الإحباط والكآبة .. ثقافته ثرة ومعرفته بالسودان كبيرة وصلته بالسودانيين وطيدة .. اللوحات الفوتوغرافية المعلقة علي جدار المكتب تجعلك تشعر بأنك في أحد مستشفيات الخرطوم .. هاهي صور د. مصطفي عثمان إسماعيل ورياك قاي ود. احمد بلال عثمان والشيخ الياقوت تحجز موقعاً مميزا بالمكتب .. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه ويُنسيك سمر الجالسين حولك ودهشة الصور المعلقة أمامك :- (كيف هي حالة محمود الآن فاليوم هو الأربعاء التاسع من يناير ولم نسمع خبراً ساراً من الأنباء التي ننتظرها..؟؟)
*{ طلب مني السيد عمر عبدات أن أشرب كوب (الكابتشينو) الذي تم وضعه علي الطاولة أمامي ، ومن بعد ذلك نتجه لقسم العناية المركزة بالطابق الأول لرؤية الحبيب محمود ومعرفة تفاصيل حالته الصحية .. فأعتذرت له بلطف وطلبت منه الصعود علي التو فإستجاب لرغبتي وغادرنا مكتبه لحيث يرقد (الحوت) .. وأول ما لفت نظري ورقة (أي فور) معلقة علي باب العناية المركزة مكتوب عليها بـ(بنط كبير) : (ممنوع زيارة المريض محمود عبدالعزيز بأمر من الطبيب المعالج) ..!!
*{دلفنا الي داخل العناية المكثفة وعقّمنا أيادينا ثم إنحرفنا يميناً حيث يرقد ضابط شرطة سوداني سابق مقيم الآن بالدوحة اسمه معاوية متأثراً بعلة في القلب ، ومن بعده مباشرة في الغرفة الثانية حبيب الملايين محمود عبدالعزيز ..!!
لعنة الله علي الدموع ..!!
*{ الأجهزة الطبية المعلقة علي جسد (الحوت) تدفعك للخوف والفزع .. اللوحة علي يمين سريره تكشف عن قراءات النبض والضغط .. و(ضغط كل من يقف لرؤية محمود في هذه الحالة يرتفع الي أعلي معدلاته) ..!!
*{(يارب العالمين ترفع محمود .. يا شافي من كل علة ترفع محمود.. يا رب ترفعو وتكتب ليهو الشفاء يا شافي يا عافي) .. كانت تلك بعض دعوات رددتها سراً ، وحاولت من بعد ذلك أن أبدو صلباً متماسكاً ، ولكن الحالة التي رأيت عليها الحبيب تزلزل أركان الثبات وتخلخل أوتاد التماسك وينفطر لها قلب أكثر الناس قسوة .. هاهو (صاحب القلب الكبير والباب المفتوح والرئة التي يتنفس عبرها معظم السودانيين) يرقد بجسده النحيل علي سرير المرض ونحن لا نستطيع أن نقدم له شيئاً .. تباً للعجز الذي يشل المرء أمام حاجة عزيز لمساعدته .. وقفت الغصة في حلقي وأغرورقت عيناي بالدموع .. (ويا ليتني لو لم أحضر للأردن وأري محمود بهذه الصورة، ولكن لابد من التماسك والوقفة فالرجل يحتاجنا في مثل هذا الوقت أكثر من أي وقت مضي ، وإن لم يجدنا الآن فما جدوي العلاقة التي جمعتنا وصداقة السنوات و « العيش والملح» .. ما فائدة تلك الصلة إن إنقطعت بفعل (جرسة) في هذا التوقيت المفصلي.. هل العلاقة بين الناس « شوية أغنيات في المسارح وحبة مقالات في الجرايد») ..؟؟
*{ شق صوت عبدات صمت المكان وهو يطلب مني أن نمضي الي مكتبه .. تسمرت قدماي وتعثرت خطواتي وأحاط بي الخوف إحاطة السوار بالمعصم ، فكثيرة هي اللحظات التي رأيت فيها محمود عليلاً علي فراش المرض ، ولكن مشهد نقله للطائرة الطبية بمدرج مطار الخرطوم كان مخيفاً حد البكاء ، ومشهد جسده الممدود الآن علي فراش العناية يفوق ذاك المشهد إخافة .. (لك الله يا محمود .. لك الله يا خدام النبي) ..!!
*{ مسحت دموعي بكفي ونحن ننزل من عتبات سلم الطابق الأول الي الطابق الأرضي دون أن أشعر بمن حولي .. هل حقاً أنا أضع قدماي علي العتبة أم أهبط بها في هاوية (لست أدري) ..؟؟
أسئلة تبحث عن إجابة ..!!
*{ (يا سيد عمر :- محمود ما كويس .. يا جماعة الحاصل شنو .. بالله قولوا لينا الحقيقة .. الزول الراقد معاكم دا ما راجل ساهل .. دا ثروة بلد .. وأمل أمة .. دا قائد حزب حقيقي بصنع توازن لشعب بأكملو... الدكتور قال شنو .. ملف مرضو الحاصل فيهو شنو ..؟؟)
إنها حزمة من التساؤلات أقتحمت مكتب مسؤول شؤون المرضي العرب بمستشفي (ابن الهيثم) قبل أن أدخل بجسدي لمكتبه وأحجز مقعداً في مواجهته تماماً .. وبدأ الرجل يخفف عليّ ببعض كلمات ويقول :- (دعواتك .. هون عليك .. سأشرح لك الوضع كله .. أشرب « الكابتشينو» لأن الجو بارد) ..!!
*{ودخل علينا كل من مامون شقيق محمود وخاله أمين محمد الطاهر .. وبعد السلام والمصافحة والسؤال عن الحال و (حمد الله علي سلامتك .. وإنتو كيف) عدت لأسئلتي التي طرحتها علي المسؤول عن ملفات المرضي بالمستشفي ..!!
الحقائق الصادمة ..!!
*{ فتح عمر عبدات أحد مواقع محمود عبدالعزيز علي الإنترنت وبدأ متأثراً جداً وهو يقول لي : (عرفت يا أستاذ هيثم من أفراد الأسرة أنه بجانب أنك رئيس تحرير لصحيفة (فنون) السودانية المهمة فأنت من أقرب أصدقاء محمود ، ولقد ظللت من المرافقين له طيلة فترات مرضه .. والحقيقة أن حالة محمود متدهورة جداً جداً .. وهو في وضع صحي أكثر من حرج وأملنا في الله كبير .. التهاب الدم الذي أصابه عقب العملية التي أجراها بالخرطوم أثر علي أعضائه الحيوية .. أحدث فشلاً في الكلي .. وفشلاً في الكبد .. وفشل في الرئة .. ظل يتغذي بـ(تيوب) وجهاز التنفس لم يفارقه .. هناك نزيف .. و د.جمال العارضة المشرف علي حالته الصحية يبذل قصاري جهده .. نعم ، حدث تحسن في الأعضاء الحيوية .. عادت الكلي تعمل وكذلك الكبد والرئة ولكن المشكلة في أن التكسر في الدم (وعدم قدرة الدم علي التجلط) الذي جاء به لا يسمح بأي تدخل جراحي .. لو وضع الدكتور إبرة في جسده فإن كل دمه سينزف تماماً .. الدم لا يتجلط والآن نحن نعمل علي معالجة التهاب الدم بأقوي المضادات ونتمني أن يتحسن الحال ، ولكن الوضع حرج جداً وستستمع غداً للدكتور العارضة بتفصيل أكثر) ..!!
مساحة الاسي تتمدد ..!!
*{وماقاله عمر عبدات يومها كان شرحاً مخففاً للحالة فعلي ما يبدو أن هناك مفاجآت غير سارة وصدمات جديدة تنتظرني عند جمال العارضة ..!!
*{سرحت بخيالي بعيداًَ وصور (الحواتة) المخلصين تمر بذهني .. يا تري كيف سيكون حالهم إن عرفوا كل الحقيقة أو بعضها .. أنهم ينتظرون نهوضه من الفراش وهزيمة المرض فجدران شوارع الخرطوم تفتقده وتشكوا (قلة الملصقات عليها) فهو الفنان الجماهيري الذي يفرض سطوته علي الخشبة وينفرد بـ(الشباك) ويترك لغيره الغناء علي أصوات (الملاعق والشوك وتوزيع أطباق العشاء) بالأعراس .. لمن سترفع لافتة (ما بطيق لغيرو أسمع) إن لم ينهض (الحوت) سريعاً .. ومابين حلم نهوض (الحوت) وحالة الأسي التي سيطرت علينا تماماً نهضت من مقعدي لأصافح الأستاذ حسن فضل المولي مدير قناة النيل الأزرق الفضائية الذي دخل برفقة (هاني) موظف العلاقات العامة بالسفارة السودانية بعد ساعة من وصولي لعمان ..!!
*{استمع (الجنرال) لشرح مفصل وصعدنا معه من جديد لرؤية محمود لتسيطر علينا ذات الحالة المأساوية التي لفتنا قبل ساعة إزاراً ورداء .. بدأ الحزن واضحاً علي ملامح وجه حسن فضل المولي خاصة وأن مسؤول ملفات شؤون المرضي يمنحك المعلومات مع بعض عبارات خاصمت الطمأنينة ولكن لابد من قولها طالما أنك تنشد المعلومات الحقيقية وتود معرفة تفاصيل الحالة الصحية ..!!
الثلج واللهيب ..!!
*{ خرجنا من المستشفي والشارع يغطيه الجليد مع أن نيران الخوف التي تشتعل في دواخلنا قادرة علي إذابة جبال الثلج التي أحتلت عمان .. أخترنا بتوجيه من عمر عبدات العمارة المقابلة لمبني المستشفي تماماً مقراً للإقامة .. حمل أحد المرافقين حقيبتي التي لم أكن أعرف مكاناً لها منذ وصولي الأردن ، فقط ما أعرفه أن محمود لم يغادر الخرطوم بخير وما عرفته بعد وصولي للأسف (أنه لا يزال في وضع حرج جداً) فمن أين يأتي التركيز والخير ومعرفة أماكن الحقائب والأرواح حزمت أمتعتها في رحلة السفر والقلق ..!!؟
أمنيات ضد الواقع ..!!
*{ العودة للمستشفي تزيد النار إشتعالاً علي إشتعالها .. المؤشرات مخيفة .. المعلومات مرعبة .. المعطيات غير مطمئنة .. الأكف ترتفع للسماء ضراعة .. والواقع يقول أشياء نود لو أنها لم تكن حقيقة .. نرفض تصديقها ولكنها قراءات ونتائج الأطباء التي سنعود لها بالتفصيل غداً فلا يزال للرحلة المأساوية بقية ....
ZANOON
31-01-2013, 01:30 AM
الحلقة الثالثة
بداية مواجهة الحقائق .. قصة الرسالة الخبرية الأولي .. وتوزيع المآسي علي درجات ..!!
ضرورة حجب معلومة الإصابة بنزيف الدماغ .. إفادات الدكتور لايمكن نشرها الآن .. و( الوضع الصحي حرج ) ضربة البداية للحقائق الصادمة ..!!
ملخص ما نشر الحلقة الثانية ..!!
*{.. دلفنا الي داخل العناية المكثفة وعقمّنا أيادينا ثم إنحرفنا يميناً حيث يرقد ضابط شرطة سوداني سابق ومقيم الآن بالدوحة اسمه معاوية متأثراً بعلة في القلب ، ومن بعده مباشرة في الغرفة الثانية حبيب الملايين محمود عبدالعزيز ..!!
*{ الأجهزة الطبية المعلقة علي جسد (الحوت) تدفعك للخوف والفزع .. اللوحة علي يمين سريره تكشف عن قراءات النبض والضغط .. و(ضغط كل من يقف لرؤية محمود في هذه الحالة يرتفع الي أعلي معدلاته) ..!!
*{هاهو (صاحب القلب الكبير والباب المفتوح والرئة التي يتنفس عبرها معظم السودانيين) يرقد بجسده النحيل علي سرير المرض ونحن لا نستطيع أن نقدم له شيئاً .. تباً للعجز الذي يشل المرء أمام حاجة عزيز لمساعدته .. وقفت الغصة في حلقي وأغرورقت عيناي بالدموع .. (ويا ليتني لو لم أحضر للأردن وأري محمود بهذه الصورة ولكن لابد من التماسك والوقفة فالرجل يحتاجنا في مثل هذا الوقت أكثر من أي وقت مضي ، وإن لم يجدنا الآن فما جدوي العلاقة التي جمعتنا وصداقة السنوات و « العيش والملح» .. ما فائدة تلك الصلة إن إنقطعت بفعل (جرسة) في هذا التوقيت المفصلي.. هل العلاقة بين الناس « شوية أغنيات في المسارح وحبة مقالات في الجرايد») ..؟؟
*{ شق صوت عبدات صمت المكان وهو يطلب مني أن نمضي الي مكتبه .. تسمرت قدماي وتعثرت خطواتي وأحاط بي الخوف إحاطة السوار بالمعصم ، فكثيرة هي اللحظات التي رأيت فيها محمود عليلاً علي فراش المرض ، ولكن مشهد نقله للطائرة الطبية بمدرج مطار الخرطوم كان مخيفاً حد البكاء ، ومشهد جسده الممدود الآن علي فراش العناية المركزة يفوق ذاك المشهد إخافة .. (لك الله يا محمود .. لله يا خدام النبي) ..!!
*{ مسحت دموعي بكفي ونحن ننزل من عتبات سلم الطابق الأول الي الطابق الأرضي دون أن أشعر بمن حولي .. هل حقاً أنا أضع قدماي علي العتبة أم أهبط بها في هاوية (لست أدري) ..؟؟
*{ فتح عمر عبدات مدير مكتب متابعة شؤون المرضي العرب أحد مواقع محمود عبدالعزيز علي الإنترنت وبدأ متأثراً جداً وهو يقول لي : (عرفت يا أستاذ هيثم من أفراد الأسرة أنه بجانب أنك رئيس تحرير لصحيفة (فنون) السودانية المهمة فأنت من أقرب أصدقاء محمود ، ولقد ظللت من المرافقين له طيلة فترات مرضه .. والحقيقة أن حالة محمود متدهورة جداً جداً .. وهو في وضع صحي أكثر من حرج وأملنا في الله كبير .. التهاب الدم الذي أصابه عقب العملية التي أجراها بالخرطوم أثر علي أعضائه الحيوية .. أحدث فشلاً في الكلي .. وفشلاً في الكبد .. وفشل في الرئة .. ظل يتغذي بـ(تيوب) وجهاز التنفس لم يفارقه .. هناك نزيف .. و د.جمال العارضة المشرف علي حالته الصحية يبذل قصاري جهده .. نعم ، حدث تحسن في الأعضاء الحيوية .. عادت الكلي تعمل وكذلك الكبد والرئة ولكن المشكلة في أن التكسر في الدم (عدم قدرة الدم علي التجلط) الذي جاء به لا يسمح بأي تدخل جراحي .. لو وضع الدكتور إبرة في جسده فإن كل دمه سينزف تماماً .. الدم لا يتجلط والآن نحن نعمل علي معالجة التهاب الدم بأقوي المضادات ونتمني أن يتحسن الحال ، ولكن الوضع حرج جداً وستستمع غداً للدكتور العارضة بتفصيل أكثر) ..!!
*{ نعم ،العودة الي المستشفي تزيد النار إشتعالاً علي إشتعالها .. المؤشرات مخيفة .. المعلومات مرعبة .. المعطيات غير مطمئنة .. الأكف ترتفع للسماء ضراعة والواقع يقول أشياء نود لو أنها لم تكن حقيقة .. إفادات نرفض تصديقها ولكنها قراءات ونتائج الأطباء ..!!
*{ صدمتنا في يوم وصولنا الأول لعمان معلومة خطيرة لم تكن علي بالنا أبداً .. معلومة جعلتنا نشعر بأن حالة (الحوت) متدهورة جداً ... علمنا للأسف الشديد بأن (حبيب الملايين) مصاب بنزيف في الدماغ .. والنزيف في منطقة حساسة و كانت علاماته واضحة قبل مغادرة محمود الخرطوم ، فالأطراف تورمت وبدأت تظهر بقع حمراء علي اليدين ..!!
*{ حدوث نزيف الدماغ دفع الطبيب المشرف علي حالة محمود د. جمال العارضة إستشاري الجراحة العامة وجراحة المنظار الي أن يقول عبارة صادمة لا يزال صداها المأساوي يتردد علي أذناي :- (لقد وصلنا الي مرحلة أللا عودة طبياً والحالة شبة ميئوس منها !!)
*{ جئنا من الخرطوم وصحفها تنشر أخباراً عن تحسن حالة محمود عبدالعزيز و أرتفاع معدل القراءات .. الكلي تعمل جيداً .. الكبد تحسن .. الرئة تمضي الي الأفضل والخبر اليقين عند دكتور جمال العارضة الذي قال لنا الحقيقة مجردة :
(لقد وصلنا مرحلة اللا عودة والحالة شبه ميئوس منها) فيا تري ماذا نفعل ، وماذا نقول .. وما هو الذي سنكتبه .. وكيف نضع الحقائق علي طاولة أناس يلفهم التفاؤل ويتداولون أخباراً يحسبونها سعيدة ولكنها مجافية للواقع وهي والحقيقة بمثابة خطان متوازيان لا يلتقيان ..!!
توزيع المآسي علي درجات ..!!
*{ قلت للأستاذ حسن فضل المولي مدير قناة النيل الأزرق بعد أن جلسنا علي إنفراد (لو كنت مكاني ماذا ستفعل .. هل تخدع الناس بمعلومات كاذبة وفرح مغشوش وحالة محمود الصحية تمضي للأسوأ ، أم تنقل الوقائع مجردة وتطالب محبي (الحوت) بتكثيف الدعاء وختمات القرآن ، فإن قال الاطباء قولهم فأن المعجزات ليست ببعيدة علي المولي سبحانه وتعالي ..؟؟)
*{ سكت (الجنرال) برهة والحسرة تغطي تقاسيم وجهه والحقائق المؤلمة والمعلومات الطبية المؤسفة تنهال علي رأسه كالصواعق .. ثم قال : (تعرف يا هيثم لازم تقول الحقيقة عشان الناس ما تعيش في وهم ويتم الترويج لمعلومات كاذبة .. لكن المسألة دي تتم بطريقة مدروسة تراعي مشاعر محبيه المنتظرين أخبار كويسه ، وسامعين في الجرايد والإنترنت أنو محمود أتحسن وكويس ، ولما نحنا جينا الأردن لقينا صورة مختلفة وحالة صعبة) ..!!
*{دار نقاش مستفيض بيني وحسن فضل المولي ، وصلنا فيه الي أن الخطاب الإعلامي في هذه الفترة العصيبة لابد وأن يقترب من الحقائق شريطة أن تأتي علي جرعات وأتفقنا أن عبارة (الوضع الصحي حرج جداً) هي الأنسب للإستهلال الآن ، ومن بعد ذلك تبدأ عملية التمرحل وتدفق المعلومات تباعاً لأنه لا يعقل أن تخرج علي الناس غداً في أول رسالة من الأردن بكل المعلومات (الصادمة) والعبارات (الناسفة) وإيراد جمل من شاكلة :(الحالة ميئوس منها .. والدكتور قال أنهم وصلوا مرحلة اللا عودة طبياً) ..!!
قصة أول رسالة خبرية من الأردن ..!!
*{بعثت للحبيب أمير عبدالماجد مستشار تحرير (فنون) الذي قاد دفة الصحيفة إبان فترة غيابي بالرسالة الأولي ، وقلت له عبر الهاتف :- (يا أمير .. ربنا يرفع محمود .. دعواتكم .. المعلومات الكان بتجينا من الأردن عن التحسن مجرد (عملية تخدير) و الوضع سيئ جداً جداً .. سنبدأ في تهيئة الناس لنقل الحقائق تباعاً .. لن أكتب معلومات الآن حتي لا يموت الآلاف بالخرطوم بالحسرة والأسى ممن وزعوا الحلوي عندما سمعوا بتحسن حالة محمود .. يا ريت (مانشيت الخط الأول) لعدد بكرة الخميس يكون (محمود عبدالعزيز في وضع صحي حرج) لتهيئة أولي .. قلت ذلك والغصة تطعن في حلقي كنصل سكين حاد والدموع تنهمر من عيني .. وياليتني لو كنت أعرف الزيف والتضليل و (اللعب بمشاعر الناس) حتي أهديهم ما يحبون من أخبار مفرحة لا موضع لها من الإعراب في خارطة الواقع والحقائق .
*{ أكتفيت في الرسالة الأولي بالتركيز علي أن الوضع الصحي حرج ولم أقدم كافة المعلومات التي بحوزتي وجاءت الجزئية التي تتحدث عن الحالة الصحية طبقاً للخبر الذي نشرته (فنون) في عددها رقم (1111) الصادر بتاريخ الخميس 26 صفر 1434 هـ الموافق 10 يناير 2013 علي النحو التالي :-
(عمان : خاص (فنون))
دخل الفنان محمود عبدالعزيز في وضع صحي حرج نتيجة تأثير التهاب الدم الذي أصابه عقب العملية الجراحية التي أجراها بالخرطوم علي أعضاء جسمه الحيوية ، وشهدت حالته الصحية تدهوراً كبيراً في الوقت الذي أرتفعت فيه أكف الملايين بالدعاء لفنان الشباب الأول سائلة المولي عز وجل أن يمن عليه بالعافية ، ووقف رئيس التحرير هيثم كابو أمس ميدانياً علي التطورات التي شهدتها حالة (الحوت) وزاره بغرفة العناية المكثفة بمستشفي (ابن الهيثم) بالعاصمة الأردنية عمان التي شد الرحال اليها فجر أمس للإطمئنان علي صحة محمود ، والتقي رئيس التحرير بإدارة المستشفي التي تبذل قصاري جهدها حتي تعود العافية لجسد فنان الشباب الأول بالسودان ، وقال عمر محمود عبدات مدير مكتب شؤون المرضي العرب بمستشفي (ابن الهيثم) لـ(فنون) أنهم يعلمون قيمة محمود عبدالعزيز وجماهيريته العريضة وحب الملايين له ويضعونه في حدقات عيونهم ، مطالباً عشاق فنه بضرورة الدعاء له فمحمود بحاجة ماسة لدعوات محبيه الذين أسعدهم بالروائع علي إمتداد مشواره الفني ) ..!!
*{تلك كانت الجزئية التي تتحدث عن الحالة الصحية في الرسالة أما الجزء الثاني فإنحصر في زيارات السودانيين لمستشفي (ابن الهيثم) للسؤال عن (الحوت) و متابعة طاقم السفارة السودانية بعمان لتطورات الحالة لحظة بلحظة ، وغيرها من الإشارات والخواطر والمعلومات والوقفات ..!!
لابد من الحقائق وإن طال الزمن ..!!
*{كثيرون لم تعجبهم الرسالة الأولي وكانوا ينتظرون أخباراً من تلك الأنباء المغشوشة التي يودون سماعها لا الحقيقية التي ينبغي أن يسمعوها (ولو أنهم علموا بمقدار المعلومات التي حجبناها لإحتفوا بالخبر الذي أطلعوا عليه مقارنة بالوضع الصحي لمحمود) .. كنا نتقطع من الألم كأصدقاء تهمنا صحة (الحوت) وعافيته والتقارير الطبية تذبحنا من الوريد للوريد .. كنت أعاني كصحافي يعز عليّ رؤية الناس يسبحون في بحار الوهم دون أن يصلوا لشواطئ الحقيقة واليقين بينما دعواتنا لحبيب الملايين لم تنقطع ونحن نمني أنفسنا بأن يضخ المولي سبحانه وتعالي دماء العافية في شرايينه فيهُب من رقدته صحيحاً معافاً ..!!
*{ مضت الليلة الأولي بعمان طويلة الحجم والمساحة والمقياس والتيلة .. كلما ندخل المستشفي ونلقي نظرة علي محمود داخل عرفة العناية المركزة كلما إزدادت آلام النفس وكبرت رقعة أحزان القلب المفجوع فثمة تناسب طردي ما بين النظرات والدموع ..!!
معلومة نزيف الدماغ تنتظر ..!!
*{ لابد أن نقول للناس أن الوضع الصحي لم يتحسن .. قلنا في الرسالة التي نشرت يوم (الخميس) أن الحالة حرجة ، واليوم حان ميقات الكشف عن معلومة الإصابة بنزيف الدماغ مع وضع ما قاله د. جمال العارضة بعيداً عن النشر في الوقت الراهن .. وهاهي الحاجة فائزة والدة محمود وإبنيه التوأم حاتم وحنين يصلون عمان .. والأمور تمضي الي غير ما نحب ... والسودان كله ينتظر المعلومة الحقيقية ويود أن يطمئن علي (الحوت) .. وشائعات تملأ مواقع الإنترنت ، وإجتهادات ضارة تخرج من هنا وهناك وتفاصيل أخري نحكي عنها بعد غدٍ في الحلقة الثالثة فما زال للرحلة المأسوية بقية ..!!
ZANOON
01-02-2013, 09:59 AM
الحلقة الرابعة
قصة مريض بالإنعاش يدعو لـ(الحوت) بالشفاء .. والتفاصيل الكاملة لتدهور الحالة الصحية ..!!
نشر خبر نزيف الدماغ الحاد .. معلومات قررنا حجبها .. وعبارة الدكتور الصادمة!!
ملخص الحلقة الثالثة..!!
*{ جئنا من الخرطوم وصحفها تنشر أخباراً عن تحسن حالة محمود عبدالعزيز و أرتفاع معدل القراءات .. الكلي تعمل جيداً .. الكبد تحسن .. الرئة تمضي الي الأفضل والخبر اليقين عند دكتور جمال العارضة الذي قال لنا الحقيقة مجردة :
(لقد وصلنا مرحلة اللا عودة والحالة شبه ميئوس منها) فيا تري ماذا نفعل ، وماذا نقول .. وما هو الذي سنكتبه .. وكيف نضع الحقائق علي طاولة أناس يلفهم التفاؤل ويتداولون أخباراً يحسبونها سعيدة ولكنها مجافية للواقع وهي والحقيقة بمثابة خطان متوازيان لا يلتقيان ..!!
*{ قلت للأستاذ حسن فضل المولي مدير قناة النيل الأزرق بعد أن جلسنا علي إنفراد (لو كنت مكاني ماذا ستفعل .. هل تخدع الناس بمعلومات كاذبة وفرح مغشوش وحالة محمود الصحية تمضي للأسوأ ، أم تنقل الوقائع مجردة وتطالب محبي (الحوت) بتكثيف الدعاء وختمات القرآن ، فإن قال الاطباء قولهم فأن المعجزات ليست ببعيدة علي المولي سبحانه وتعالي ..؟؟)
*{ سكت (الجنرال) برهة والحسرة تغطي تقاسيم وجهه والحقائق المؤلمة والمعلومات الطبية المؤسفة تنهال علي رأسه كالصواعق .. ثم قال : (تعرف يا هيثم لازم تقول الحقيقة عشان الناس ما تعيش في وهم ويتم الترويج لمعلومات كاذبة .. لكن المسألة دي تتم بطريقة مدروسة تراعي مشاعر محبيه المنتظرين أخبار كويسه ، وسامعين في الجرايد والإنترنت أنو محمود أتحسن وكويس ، ولما نحنا جينا الأردن لقينا صورة مختلفة وحالة صعبة) ..!!
*{دار نقاش مستفيض بيني وحسن فضل المولي ، وصلنا فيه الي أن الخطاب الإعلامي في هذه الفترة العصيبة لابد وأن يقترب من الحقائق شريطة أن تأتي علي جرعات وأتفقنا أن عبارة (الوضع الصحي حرج جداً) هي الأنسب للإستهلال الآن ، ومن بعد ذلك تبدأ عملية التمرحل وتدفق المعلومات تباعاً لأنه لا يعقل أن تخرج علي الناس غداً في أول رسالة من الأردن بكل المعلومات (الصادمة) والعبارات (الناسفة) وإيراد جمل من شاكلة :(الحالة ميئوس منها .. والدكتور قال أنهم وصلوا مرحلة اللا عودة طبياً) ..!!
*{بعثت للحبيب أمير عبدالماجد مستشار تحرير (فنون) الذي قاد دفة الصحيفة إبان فترة غيابي بالرسالة الأولي ، وقلت له عبر الهاتف :- (يا أمير .. ربنا يرفع محمود .. دعواتكم .. المعلومات الكان بتجينا من الأردن عن التحسن مجرد (عملية تخدير) و الوضع سيئ جداً جداً .. سنبدأ في تهيئة الناس لنقل الحقائق تباعاً .. لن أكتب معلومات الآن حتي لا يموت الآلاف بالخرطوم بالحسرة والأسى ممن وزعوا الحلوي عندما سمعوا بتحسن حالة محمود .. يا ريت (مانشيت الخط الأول) لعدد بكرة الخميس يكون (محمود عبدالعزيز في وضع صحي حرج) لتهيئة أولي .. قلت ذلك والغصة تطعن في حلقي كنصل سكين حاد والدموع تنهمر من عيني .. وياليتني لو كنت أعرف الزيف والتضليل و (اللعب بمشاعر الناس) حتي أهديهم ما يحبون من أخبار مفرحة لا موضع لها من الإعراب في خارطة الواقع والحقائق .
*{كثيرون لم تعجبهم الرسالة الأولي وكانوا ينتظرون أخباراً من تلك الأنباء المغشوشة التي يودون سماعها لا الحقيقية التي ينبغي أن يسمعوها (ولو أنهم علموا بمقدار المعلومات التي حجبناها لإحتفوا بالخبر الذي أطلعوا عليه مقارنة بالوضع الصحي لمحمود) .. < إن كان الذين يرفعون أكفهم بالدعاء لمحمود عبدالعزيز في تلك الأيام كُثر فإن أمر (معاوية) يبدو مدهشاً ومختلفاً أكثر من غيره ...معاوية الذي قلنا أنه ضابط سابق بقوات الشرطة ومقيم حالياً بالدوحة ويرقد في الغرفة المجاورة لمحمود بالعناية المكثفة بمستشفى (إبن الهيثم) بعمان كان يعاني من إشكالات في القلب ، والقلق يسيطر على أسرته وأهله ونحمد الله أن حالته تمضى في تحسن كبير ، ولكن الغريب حقاً أن معاوية يدعو المولى سبحانه وتعالى أن يسبغ ثوب العافية على محمود ...لم تمنعه الآمه التى يعانيها وهو يرقد بـ(الإنعاش) من الدعاء لـ(الحوت) بالشفاء (ولعمري أنها محبة خاصة خالصة وحالة مختلفة تحتاج الى تنقيب وقراءة ودراسة..!)
< تبادلت أطراف الحديث مع معاوية من داخل العناية المكثفة صباح الخميس الموافق العاشر من يناير وسألت الله أن يكتب له الشفاء ثم إنحرفت يميناً نحو غرفة محمود ومن خلفي لافتة تشير الى منع الزيارة بأمر الطبيب...دعواتي لم تنقطع والمعلومات التى قالها الأطباء عن حالته تقّطع الأفئدة إرباً إرباً ...(ويا لسعادة الذين لا يعرفون حقيقة وضع محمود الصحى ويا لتعاسة اصدقائه ومحبيه الذين يدركون الحقيقة المٌره ويلقون بأجسادهم على الآسرة في أخر الليل بحثاً عن إغماضة بينما خاصمهم النوم تماماً وملأت الدموع وسادة كل منهم ...وقفت أمام سرير محمود وحدقت بعيني في أرقام (النبض والضغط) ، وتدني القراءات يوماً تلو الأخر يزيد من مخاوفي شيئاً فشيئاً ..كبسولة الزمن تعود بي للوراء لقرابة العشرين يوماً فقط لا اكثر ، وهاهو سواد الوقائع ودجنة التفاصيل يغطى على كل شئ ...قبل عشرين يوماً كنت أتبادل اطراف الحديث مع محمود في مواضيع خاصة جداً ، وفتحنا ملفات مشاريع مشتركة وأخرى تحدثنا عنها كثيراً ولم ننجزها ...من بعدها عانى محمود من ألم في البطن فحسب نفسه قد تسمم مع أنه لم يأكل غير (فتة فول) ..إندهشت ساعتها من حديثه واتهمت (الجبنة) بأنها وراء ما اصابه ...دخل مستشفى (رويال كير) بـ(التسمم) الذي أفترضه فاشارت الفحوصات هناك الى أنه يعاني من التواء غير كامل في المصران ويحتاج لعملية جراحية لإزالة بعض الفطريات العالقة بالبطن وعندما غادر المستشفى في اليوم التالي (ذات زهجة) ميمماً وجهه صوب مطعم (الموناليزا) الشهير أعدته بمعاونة شقيقه مأمون ..وصعدت معه للغرفة في ساعة متأخرة من الليل وعندما طلب مني البقاء للأنس أعتذرت له بلطف لأنه كان يحتاج لبعض الراحة خاصة وأنه سيُجري العملية صباح الغد ...أرسلنا له عشرات التطمينات بأن العملية سريعة وعادية جداً ووحده الذي كان يشعر بالخوف أنذاك على غير عادته ...وصدقت مخاوفه فبعد خروجه من غرفة العمليات للعناية المكثفة شهدت حالته الصحية تدهوراً كبيراً ...تزداد حالته في السوء مع اشراقة كل صباح ..كان الاطباء يدفعون لنا بالطمأنينة دفعاً ومانراه بأعيننا يجبرنا على الغرق في بحور الخوف والفزع ...قالوا أن محمود في حاجة الى نقل دم ومن بعد ذلك جاء حديث جديد عن تكسر في الصفائح الدموية وتقليل من حجم المخاوف ...ثم تغذية بأنبوب وتركيب جهاز تنفس صناعي وتسمم في الدم وفشل في الكلى والكبد والرئة وعشرة ايام كاملة قضاها (الحوت) بالعناية المكثفة بالخرطوم لم نذق فيها طعم النوم ...تحركات هنا وهناك لإنقاذ الموقف ثم عملية النقل لعمان بطائرة طبية خاصة ، وخمسة أيام قضاها (الحوت) في عمان والتحسن الذي طرأ على الأعضاء الحيوية من كلى وكبد ورئة لا طعم له طالما أن رقعة النزيف تكبر وتشتد ، والإستشاري المشرف على الحالة يصدمنا بعبارات : (وصلنا مرحلة اللاعودة طبياً ...والحالة شبه ميؤوس منها) ...وغيرها عشرات الخواطر والمعلومات مرت بذهني وقدماي قد تسمرتا تماماً أمام الغرفة الزجاجية التى يرقد بها حبيب الملايين محمود عبدالعزيز .
وصول معلومة نزيف الدماغ ..!!
وصلت صباح ذاك اليوم والدة محمود وأبنيه (التوأم) حاتم وحنين على متن الخطوط الجوية المصرية ...المعلومات والتفاصيل التى وضعتها ادارة المستشفى على الطاولة محزنة وقاتلة ...هاتفي لم ينقطع عن الرنين والرسائل القصيرة تستفسر عن الحقيقة و(فنون) نشرت في ذلك اليوم خبراً يفيد بأن الوضع الصحي حرج جداً وما لم تنشره (فنون) يومها لا يمكن للعقل تخيله ..( والدعوات لم تنقطع فالمولى سبحانه وتعالى قادر على صناعة المعجزات )..!!
< أتفقت وافراد أسرته أن نقوم بوضع الناس أمام الحقائق شيئاً فشيئاً ...لابد من التوقف عن ترديد عبارات من شاكلة (محمود تمام والحالة مستقرة وهناك تحسن في الأعضاء الحيوية) فالجميع يريدون معرفة التطورات و (حبل ((التطمينات)) قصير)!!
< قررنا أن الجرعة الأعلامية الثانية ستكون عن معلومة اصابة محمود بنزيف حاد في الدماغ وتنشيط خلايا المطالبة له بالدعوات وبالفعل بعثت برسالة للصحيفة نشرت يوم الجمعة الموافق الحادي عشر من يناير تشير على لسان إدارة مستشفى (إبن الهيثم) الى أن الوضع الصحي حرج جداً ولم يتم اجراء أية عملية جراحية لمحمود منذ دخوله المستشفى نسبة الى أنه جاء من الخرطوم في حالة متأخرة بعد أصابته بتكسر في الدم (عدم قدرة الدم على التجلط) مما أدى الى نزيف حاد في الدماغ جعل محمود يغيب عن الوعي تماماً ، وتمنى يومها عمر عبدات مدير مكتب متابعة شؤون المرضى العرب بالمستشفى لو أن محمود وصلهم قبل أسبوع واحد من تاريخ دخوله (إبن الهيثم) لأن الوضع الصحي وقتها كان سيكون مختلفاً تماماً ويسمح بتدخل جراحي !!
جمعة الدعاء والمعاناة ..!!
كانت جمعة الثاني عشر من يناير تمثل بالنسبة لنا قمة المعاناة ...الدعوات متواصلة والشفاه تردد : (اللهم أشف محمود شفاء ليس بعده سقماً أبداً ...اللهم خذ بيده ...اللهم احرسه بعينيك التى لا تنام واكفه بركنك الذي لا يرام واحفظه بعزك الذي لايُضام ...واكلأه في الليل وفي النهار وأرحمه بقدرتك عليه أنت ثقته ورجائه يا كاشف الهم يامُفرج الكرب يا مُجيب الدعوات )..!!
< الأخبار تشير الى تكثيف الدعوات في كل مكان فـ(الحواتة) بالسعودية أطلقوا عليها أسم (جمعة الدعاء) في الوقت الذي أدى فيه ثلاثة من الشباب السودانيين المقيمين بالمملكة العربية السعودية العمره ووهبوها لفنان الشباب الأول ، والأدعية تتواصل هنا وهناك و(ختمات القرآن الكريم) مستمرة والأمل في المولى سبحانه وتعالى كبير ، ووضع محمود الصحي لايسر صديقاً ولاعدواً مع أن (الحوت) المعروف بالطيبة وحسن المعشر و (اليد الممدودة) والنقاء لا يمكن أن يدخل مع أحد في خصام وجفوة وعداء ...!!
< و (جمعة الدعاء) شهدت وصول مصعب النجل الأكبر لمحمود عبدالعزيز لعمان ..زار مصعب والده ووقف على التفاصيل من أدارة المستشفى والوجوم يغطي على الجميع هناك ...وشكوك الأطباء حول توقف الدماغ تجعل قلوبنا تتوقف تماماً ...و(يالصعوبة ما ينتظرنا من تطورات وتفاصيل فقد حجبنا ليومين متتاليين كثير من المعلومات السالبة التى نريد لها أن تأتى واحدة تلو الأخر بينما سرعة تدهور الوضع الصحى تضعنا على المحك ، والحيرة تسيطر علينا تماماً وسكاكين الحزن النجلاء تطعن في الخاصرة ، وها نحن على بعد خطوات من الأيام الفاصلة ) ..!!
< غداً ...نواصل تفاصيل الرحلة المأسآوية ونتحدث عن كهربائية الدماغ والمطالبة بالتخطيط والأشارات السالبة التى تتمدد هناك ، والسيناريو الذي يشخص أمام الأعين ويرفض العقل تصديقه ....
ZANOON
02-02-2013, 08:48 AM
الحلقة الخامسة
ملخص الحلقة الرابعة
وقفت أمام سرير محمود بغرفة العناية المكثفة بمستشفي (ابن الهيثم) وحدقت بعيني في أرقام (النبض والضغط) ، وتدني القراءات يوماً تلو الأخر يزيد من مخاوفي شيئاً فشيئاً ..كبسولة الزمن تعود بي للوراء لقرابة العشرين يوماً فقط لا أكثر ، وهاهو سواد الوقائع ودجنة التفاصيل يغطى على كل شئ ...قبل عشرين يوماً كنت أتبادل اطراف الحديث مع محمود في مواضيع خاصة جداً ، وفتحنا ملفات مشاريع مشتركة وأخرى تحدثنا عنها كثيراً ولم ننجزها ...من بعدها عانى محمود من ألم في البطن فحسب نفسه قد تسمم مع أنه لم يأكل غير (فتة فول) ..إندهشت ساعتها من حديثه واتهمت (الجبنة) بأنها وراء ما اصابه ...دخل مستشفى (رويال كير) بـ(التسمم) الذي أفترضه فاشارت الفحوصات هناك الى أنه يعاني من التواء غير كامل في المصران ويحتاج لعملية جراحية لإزالة بعض الفطريات العالقة بالبطن وعندما غادر المستشفى في اليوم التالي (ذات زهجة) ميمماً وجهه صوب مطعم (الموناليزا) الشهير أعدته بمعاونة شقيقه مأمون ..وصعدت معه للغرفة في ساعة متأخرة من الليل وعندما طلب مني البقاء للأنس أعتذرت له بلطف لأنه كان يحتاج لبعض الراحة خاصة وأنه سيُجري العملية صباح الغد ...أرسلنا له عشرات التطمينات بأن العملية سريعة وعادية جداً ووحده الذي كان يشعر بالخوف آنذاك على غير عادته ...وصدقت مخاوفه فبعد خروجه من غرفة العمليات للعناية المكثفة شهدت حالته الصحية تدهوراً كبيراً ...تزداد حالته في السوء مع اشراقة كل صباح ..كان الأطباء يدفعون لنا بالطمأنينة دفعاً وما نراه بأعيننا يجبرنا على الغرق في بحور الخوف والفزع ...قالوا أن محمود في حاجة الى نقل دم ومن بعد ذلك جاء حديث جديد عن تكسر في الصفائح الدموية وتقليل من حجم المخاوف ...ثم تغذية بأنبوب وتركيب جهاز تنفس صناعي وتسمم في الدم وفشل في الكلى والكبد والرئة وعشرة أيام كاملة قضاها (الحوت) بالعناية المكثفة بالخرطوم لم نذق فيها طعم النوم ...تحركات هنا وهناك لإنقاذ الموقف ثم عملية النقل لعمان بطائرة طبية خاصة ، وخمسة أيام قضاها (الحوت) في عمان والتحسن الذي طرأ على الأعضاء الحيوية من كلى وكبد ورئة لا طعم له طالما أن رقعة النزيف تكبر وتشتد ، والإستشاري المشرف على الحالة يصدمنا بعبارات : (وصلنا مرحلة اللاعودة طبياً ...والحالة شبه ميؤوس منها) ...وغيرها عشرات الخواطر والمعلومات مرت بذهني وقدماي قد تسمرتا تماماً أمام الغرفة الزجاجية التى يرقد بها حبيب الملايين محمود عبدالعزيز .
وصلت صباح ذاك اليوم والدة محمود وأبنيه (التوأم) حاتم وحنين على متن الخطوط الجوية المصرية ...المعلومات والتفاصيل التى وضعتها إدارة المستشفى على الطاولة محزنة وقاتلة ...هاتفي لم ينقطع عن الرنين والرسائل القصيرة تستفسر عن الحقيقة و(فنون) نشرت في ذلك اليوم خبراً يفيد بأن الوضع الصحي حرج جداً وما لم تنشره (فنون) يومها لا يمكن للعقل تخيله ..( والدعوات لم تنقطع فالمولى سبحانه وتعالى قادر على صناعة المعجزات )..!!
* أتفقت وأفراد أسرته أن نقوم بوضع الناس أمام الحقائق شيئاً فشيئاً ...لابد من التوقف عن ترديد عبارات من شاكلة (محمود تمام والحالة مستقرة وهناك تحسن في الأعضاء الحيوية) فالجميع يريدون معرفة التطورات و (حبل ((التطمينات)) قصير)!!
* قررنا أن الجرعة الأعلامية الثانية ستكون عن معلومة اصابة محمود بنزيف حاد في الدماغ وتنشيط خلايا المطالبة له بالدعوات وبالفعل بعثت برسالة للصحيفة نشرت يوم الجمعة الموافق الحادي عشر من يناير تشير على لسان إدارة مستشفى (إبن الهيثم) الى أن الوضع الصحي حرج جداً ولم يتم إجراء أية عملية جراحية لمحمود منذ دخوله المستشفى نسبة الى أنه جاء من الخرطوم في حالة متأخرة بعد أصابته بتكسر في الدم (عدم قدرة الدم على التجلط) مما أدى الى نزيف حاد في الدماغ جعل محمود يغيب عن الوعي تماماً ، وتمنى يومها عمر عبدات مدير مكتب متابعة شؤون المرضى العرب بالمستشفى لو أن محمود وصلهم قبل أسبوع واحد من تاريخ دخوله (إبن الهيثم) لأن الوضع الصحي وقتها كان سيكون مختلفاً تماماً ويسمح بتدخل جراحي !!
*.. المعطيات والنتائج غير مبشرة إطلاقاً .. كلما تعلقنا بحبل أمل ذاب في أيدينا عبر تقرير طبي جديد ومعلومة صادمة .. هاهي شمس الأحد الثالث عشر من يناير تشرق علي أرض التوجس والمخاوف .. حبيب الملايين محمود عبدالعزيز يخضع اليوم لتخطيط كهربائية الدماغ وإدارة مستشفي (ابن الهيثم) أستقدمت طبيبين مختصين في المخ والأعصاب هما الدكتورين زيادة محازين وسمير فرح بطلب من إستشاري الجراحة د.جمال العارضة المشرف علي حالة محمود حتي يتبين موقف نزيف الدماغ الذي استمر لعدة أيام في منطقة حساسة جداً في الجزء الأيسر من الدماغ وقريباً جداً من الجذع الدماغي ، ويأتي إستقدام الطبيبين اليوم حتي تعرف إدارة المستشفي هل هناك عمل في الدماغ أم لا ، وكي يثبتوا حقيقة (الموت الدماغي) من عدمه من خلال تخطيط كهربائي يتم عبر جهازين مختلفين فالنتيجة ستحدد حياة إنسان من عدمها .. أنه يوم مفصلي بكل الحسابات والمقاييس ، وخرطوم الدعاء والإبتهالات لم يغمض لها جفن وهاهي الأكف تسأل المولي سبحانه وتعالي أن يمُن علي عبده محمود بالصحة والعافية ، والأنباء الواردة إلينا من السودان تفيد بأن مجموعتي (محمود في القلب) و (أقمار الضواحي) و (حيران الشيخ الصادق الصايم ديمه) أقاموا أمس (ختمة قرآن) بمسجد الشهيد بالخرطوم ، ويبقي الأمل في المولي سبحانه وتعالي كبيراً بالرغم من أني وضعت سؤالاً مباشراً علي طاولة د. جمال العارضة قلت له فيه : (ما معني إستقدام أخصائيي مخ وأعصاب للتأكد من وجود كهرباء بالدماغ من عدمها.. هل نفهم من ذلك أن نتيجة التشخيص العادية بالنسبة لك كأستشاري جراحة كانت سالبة فأردت التأكد بصورة رسمية ؟؟) ويا ليتني لو لم أطرح هذا السؤال علي د. العارضة فالرجل لم يتردد مطلقاً في الرد بقوله :- (نعم .. حسب تشخيصي الخاص أن الدماغ الآن ليس به كهرباء هذه حقيقة ، ولكني لست متخصصاً في المخ والأعصاب والنتيجة التي وصلت اليها لا يؤخذ بها ففي مثل هذه الحالات أستعين بمختصين وعبر أجهزة دقيقة حتي يقولوا لنا الرأي القاطع ويخرجوا بنتيجة نهائية) .
العارضة والحديث الرسمي ..!!
* مرت ساعات ذاك اليوم طويلة .. كلما دخلت المستشفي أسأل عن حضور أخصائيي المخ والأعصاب ونتيجة التخطيط تأتي الإجابة بأن التخطيط لم يتم بعد ، وتضارب الإفادات وتباين المعلومات حول صحة (الحوت) أثار حفيظة إدارة المستشفي لا سيما في ظل الإتصالات المتكررة التي تصل اليهم من جهات مختلفة لذا قررت الإدارة عقد تنوير صحفي رسمي يتحدث من خلاله د. جمال محمد العارضة إستشاري الجراحة العامة والجراحة بالمنظار ، وقال عمر عبدات مدير مكتب متابعة شؤون المرضي أن التنوير الصحافي سيتم بحضور مرافقي المريض ، وبعد إجتماع سريع بمكتب مدير متابعة شؤون المرضي تحركنا نحو مكتب د. جمال العارضة الذي أستقبلنا بحفاوة وبدأ في السرد التفصيلي عن حالة محمود ليقدم لنا إفادات صادمة بشرح مفصل ..!!
*إبتدر العارضة حديثه مؤكدا أن وضع محمود عبد العزيز لايزال حرجا وأنه جاء من السودان بحالة متأخرة حيث كان هناك هبوطاً لمختلف اعضاء الجسم فهناك هبوط في القلب وهبوط في وظائف التنفس والكلى والكبد وتجلط في الاوعية الدموية الدقيقة وقال العارضة أن هذا الوضع كان ناتجا عن وجود جرثومة سببت التهاباً وتسمماً جرثومياً نتج عنه هبوط وظائف الجسم. وأشار العارضة الى أن عدد صفائح الدم كان 6 الف عندما وصل محمود المستشفى والدم لا يتجلط مما يعني استحالة القيام بأي عمل جراحي وقال الدكتور المتابع لحالة محمود.
* (عملنا على تحسين وظائف الكلى والكبد وتحسين وضع الدم وتم تحسن في وظائف الكلى والكبد وتحسن وضع الدم حيث عادت طبيعية واصبحت الكلى تعمل بـ 0.7 وتحسن التنفس وارتفع عدد صفائح الدم الى 34 الف وما حدث من مضاعفات نتيجة تميع الدم وعدم تجلطه ، ومن بعد ذلك حدث نزيف في الدماغ منذ خمسة أيام ودخل المريض في غيبوبة كاملة ووضعه الحرج من هذه النقطة تحديدا ، كما اننا لا نستطيع اجراء عمل جراحي).
* أكد د.جمال العارضة أن محمود في غيبوبة كاملة ونزيف الدماغ حدث في منطقة حساسة جدا في المنطقة اليسرى من الدماغ وقريبا جدا من الجذع الدماغي وأوضح العارضة انهم طلبوا اجراء تخطيط للدماغ حتى يعرفوا هل هناك عمل في الدماغ ام لا ويثبتوا ان كانت قد حدثت (وفاة سريرية). وقال العارضة أن شخصا بحالة محمود عبد العزيز التي أمامه الان إن حدثت افضل السيناريوهات فانه من الصعب ان يقوم ويتعافى ويعود بحالته الطبيعية ولا بد أن يحدث امرا ما فالتلف في الدماغ لا يصبح معه شفاء ولا يمكن أن يعود للعمل بعده بصورة طبيبعة وذلك يتوقف على حسب حالة النزيف وشدته وان عاد المريض في مثل هذه الحالات للوعي فلا بد أن يصاب بشلل او غيره لأن النزيف في منطقة حساسة.
* ذكر د.جمال العارضة في توضيحه أن انبوب التنفس (التيوب) الموضوع لمحمود يمثل مشكلة كبيرة فيجب الا يزيد وضعه لاكثر من اسبوع والان هو موضوع منذ 26/12 الامر الذي يؤثر سلبا على الاحبال الصوتية ويصيبها بكسل وارتخاء وقال انهم يعلمون ان محمود مطرب كبير والتأثير على صوته مشكلة ولكنهم لا يستطيعون نزع الانبوب الا اذا تحسنت وظائفه أكثر. وختم د. جمال العارضة تنويره الرسمي سائلا المولى عز وجل لمحمود عبد العزيز الشفاء وقال : (محمود جاءنا متأخراً والأمر في الأول وفي الاخر بيد الله سبحانه وتعالى وهو القادر على فعل كل شيئ).
الله يكضب الشينة ..!!
* لا أعرف كيف خرجت من مكتب د. العارضة لأني في الحقيقة لم أر الباب وأظلمت الدنيا أمامي تماماً .. وبقيت آمالي معلقة في النتيجة التي سيخرج بها الدكتوران سمير فرح وزياد محاذين .. غابت الشمس التي رأيناها لأول مرة منذ وصولنا عمان ولم يأتِ الأخصائيان بعد .. الساعة تقترب من التاسعة وعلينا فقط الإنتظار ..!!
* تلقيت إتصالاً من المستشفي بعد التاسعة يفيد بأن د. سمير فرح جاء وبدأ في التخطيط لكهربائية الدماغ .. خرجت من الشقة التي أقيم بها بعمارة العليا قبالة مبني (ابن الهيثم) تماماً وتحركت الي هناك .. فيا تري كيف كان الحال هذا ما سنتناوله في حلقة الغد بإذن الله تعالي >>>
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir