أرحام تدفع وقبور تجمع و تبلع !!
أرحام تدفع وقبور تجمع وتبلع
يقول المولى جل و علا في محكم تنزيله:
{ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى. أَلَمْ يَكُ نُطْفَةًمِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى. ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى. فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى. أَلَيْسَ ذَلِكَبِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى }
إن هذا المقطع الأخير من سورة القيامة عظيم ، يتضمن لفتات عميقة إلى حقائق كبيرة .. وأولى هذه اللفتات تلك اللفتة إلى التقديروالتدبيرفي حياة الإنسان: ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى) .. فلقدكانت الحياة في نظر القوم حركة لا علة لها ولا هدف ولا غاية .. أرحام تدفع وقبورتبلع.. وبين هاتين الحقيقتين (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته، ثم يهيج فتراه مصفراً ، ثم يكون حطاماً، وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله و رضوان، و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور )، ومتاع قريب من متاع الحيوان .. فإما أن يكون هناك ناموس ، وراءه هدف، ووراء الهدف حكمة ؛ وأن يكون قدوم الإنسان إلى هذه الحياة وفق قدر يجري إلى غاية مقدرة ، وأن ينتهي إلى حساب وجزاء ، وأن تكون رحلته على هذه الأرض ابتلاء ينتهي إلىالحساب والجزاء .. أما هذا فكان أبعد شيء عن تصور الناس ومداركهم ، في ذلك الزمان . و هذا هو التصور الكبير الذي نقل القرآن الناس إليه منذ ذلك العهد البعيد ، نقلة هائلة بالقياس إلى التصورات السائدة إذ ذاك و ماتزال هائلة بالقياس إلى سائر التصورات الكونية التي عرفتها الفلسفة قديماً وحديثاً . وفي غير تعقيد ولا غموض يأتي بالدلائل الواقعية البسيطة التي تشهد بأن الإنسان لن يترك سدى .. إنها دلائل نشأته الأولى : ( ألم يك نطفة من منييمنى ثم كان علقة فخلق فسوى ، فجعل منه الزوجين الذكرو الأنثى ) . فما هذا الإنسان ؟ مم خلق؟ وكيف كان ؟و كيف صار ؟ ألم يك نطفة صغيرة من الماء ، من مني يمنى و يراق ؟ ألم تتحول هذه النطفة من خلية واحدة صغيرة إلى علقة ذات وضع خاص في الرحم ، تعلق بجدرانه لتعيش وتستمد الغذاء ؟ .. ثم من ذا الذي خلقها بعد ذلك جنينا معتدلا منسق الأعضاء؟ .. ثم ف يالنهاية . من ذا الذي جعل من الخلية الواحدة . . ذكراً و أنثى ؟ . . وأمام هذه الحقيقة التي تفرض نفسها فرضاً على الحس البشري ، يجيء الإيقاع الشامل لجملة من الحقائق التي تعالجها السورة : ( أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) . بلى و هو الخلاق العليم و القاهر فوق عباده.
سبحانك اللهم وبحمدك اشهدان لا اله الا انت استغفرك واتوبالي
أجمل تحية
إحساس قلب