ـ يا عم عوض ظبط الفول!!
ـ يا عم عوض كتر الزيت!!
ـ ويا عم عوض الشمار وينو؟
ـ والشطوط.. والابصال.. والفتة كيف؟
وعم عوض منهمك في تصليح الفول بكل همة وهو يبتسم والشعب السوداني «يكشر» لانه لا يعرف الابتسام ولكنه يجيد التكرار والالحاح وسوف يظل يلح على مدار السنة حتى في رمضان تجد عم عوض مطالب بتظبيط الفول ليلا حتى يرضى الزباين..
ولكن من الذي سوف يدفع ثمن كل هذه التكاليف «تكاليف التظبيط» من شمار وثوم وبصل وزيت وموية جبنة واحيانا «موية زيت» وكل العشرة الكرام الشعار الذي يرفعه «ابو العباس» ملك الفول.
وبالرغم من ان عم عوض يقوم بتظبيط الفول لدرجة انك تشتم فيه رائحة السمك احيانا الا ان الزبائن في حالة تذمر دائم لانهم لا يحمدون الله ولا يقدرون المجهود الذي يبذله العم عوض!
الى ان جاء يوم في ذلك اليوم تمردعم عوض «وركب راسه» واعتكف في المنزل وترك المهنة واعتزلها لانه كره شيء اسمه فول وتعب من عبارة «ياعم عوض ظبط الفول» وعم عوض معه حق لانه بني آدم مثلي مثلكم له شعور واحساس لذلك ترك «الشغل للاولاد» وعاد للمنزل مبكرا على غير العادة وعندما رأته الحاجة صاحت:
ـ ووب علي الليلة مالك يا عوض؟
ولكن عم عوض لم يعبرها وانما قذف بالمركوب بعيدا بعد ان «قلع العراقي» وملص الطاقية وانبطح في العنقريب وفتح «الرادي» وبدأ في متابعة اخبار الفلوجة والشيشان من اذاعة لندن.
وعندما سألته الحاجة للمرة الثانية :
ـ الحصل ليك شنو يا عوض؟
رد عليها عم عوض:
ـ ده ما شغلك.. المهم بكرة عاوزك «تظبطي لي عصيدة بملاح شرموط في الفطور».
ـ بلحيل يا عوض.
ـ وفي الغدا عاوزك تظبطي لي كسرة رهيفة بملاح ام رقيقة.
ـ بلحيل يا عوض.. معاك ضيوف؟
ـ ده ما شغلك.. والكسرة لازم تكون خميرة!
وانهت الحاجة الحوار بعبارة «بلحيل يا عوض» وابتسم عم عوض لانه اول مرة في حياته ينطق كلمة «ظبطولي»
وعندما وجدها كلمة لذيدة استعلمها للمرة الثالثة:
ـ وهسي عاوزك تظبطي لي كباية شاي.
وبعد ان ردت عليه الحاجة «بلحيل يا عوض» خرجت وهي تهمس بينها وبين نفسها «وووب علي.. الليلة عوض مالو».
وسرح عم عوض مع اخبار الفلوجة ومقتل امريكي في الموصل وعندما عادت الحاجة وهي تحمل كباية الشاي المظبطة كان عم عوض يشخر في «سابع نومه» والرادي بجانبه يتحدث عن المضادات الحيوية وامراض النساء والولادة والحاجة تردد بينها وبين نفسها «مخير الله يا عوض».
في تلك الليلة رأي عم عوض احلاما مزعجة وكوابيس واناس يقفون في رأسه وهم يتصايحون «يا عم عوض ظبط ملاح الشرموط.. يا عم عوض الكسرة لازم تكون خميرة» والحاجة تجلس بالقرب منه وهي تقرأ المعوذتين بصوت عالي: بسم الله.. بسم الله...
وعندما استيقظ عم عوض في الصباح كان «مخلوعا» وهو يردد «اللهم اجعله خير» ولم يسأل عن العصيدة بملاح الشرموط ولم يسأل عن الكسرة الخميرة وانما توجه نحو «مكان الشغل» وعندما وصل «المحل» بدأت الجماهير تصيح «ياعم عوض ظبط الفول يا عم عوض ظبط الفول» وابتسم عم عوض ولكن لا احد يبادل عم عوض الابتسامة!!!


رد مع اقتباس


المفضلات