كم من جميل يأخذه الموت ... وكم من أجمل يأخذ الموت عنك
مدخل أول:
ما بلومك
لسه حايم فوق غيومك
رغم ما بي من سمومك
وحتى لو طال التسكع
في انتظار رحلة قدومك
شاري منديلك ضرايا
وأكسي بيك كل العرايا
وأحقن البال بي همومك
ما الشدر ساءلني عنك
ولسه فيني طعم كرومك
مدخل ثاني:
تمددي ما شئتي في براحات الخاطر غدوا ورواحا فخلايا التورط فيك ما زالت تؤز .. وأنا من تحتها أنز أنز ... وغيري بجزع النخل يهز يهز ونامي في مآقي الناس مِشعلةً تخز ومئذنة وريح لا تجز
...
إضاءة خجولة
الخميس 26/02/2004 الرابعة والنصف عصرا
الرياض شارع الشيخ جابرالصباح قرب استاد الملك فهد ...
أميرة كرار تحزم حقائب الرحيل.. تحلق نحو والديها وتترك وليدها ووليدتها وأنا بين البين أستفيق هنيهة بغرفة المشفى .. جراح تعلوني وأخرى تودعني فراشي فتلجم أحزاني وصراخي .. جلابيب وثياب تهرع نحونا أسمع من خلف الباب نشيج حار ،إختلاجات بكاء،،كبار يحاكون الثواكل ونساء فتقن أحزانهن ببابي والدمع مثخن والقلب منقبض يأبى أن ينبسط ...جدران المشفى تطبق على حزننا السوداني تتوشح الدهشة يغلبها الصمت .. أراها متصدعة ... أنا أتماسك برهة ثم أتميع في دمعي وشلال صقيع يأخذني ... وحياة تعدو من حولي والموت يعاود في أبني .. محادثات هنا وهناك فجيعة وتماسك حتى خيل لي أنهم في نشرة الصباح بالمشفى قالوا خطأ عمد "هنا أمدرمان" أوراق الشجر بشارع النيل تسقط على سريري...
...
بارقة
أسيل ... بنت أمها ..ناعمة يحاكيها الحرير حنينة كأمي وولوية بنت أختي .. أشعر وهي بين أحضاني أني آمن من كل شر بل وأضم بين جانبي الحياة .. أول من جذبني للحياة ...وأخذ عني الموت وهي بنت الشهرين
نهلة وجيهان عبد العاطي .. أمهات أسيل بالرضاعة .. آمنه أمهما ...بل هي مأمن ..أخي محمد حسن ..مأمون .. مبارك يوسف إجلال مروان علام .. شيخ محمد وشيخ الأمين مقدم إسماعيل مقدم الريح ..وفقراء الشيخ الجعلي بالرياض رضا غسان عبد الرحمن عصام عبد الحي عصام حسن نهلة أحمد جلابي ورباب غالب مالك الصادق محمد الأمين عصام الشفيع ناس كولزمان خليل ناس هرتز عبدالقادرناس الجامعة حاتم فتحي سلافه ...ناس جدة ناس المدينة ومكة وحائل والدمام ناس بركات طارق جداد.. سند يا سلاااااام أناس يتقاسمون الموت ليدفعوه عنك ...
إبتسام كرار وخالد الطيب جاءا من الدمام وهما نصف وعي .. إحتبست الدمع حتى يحضرا .. دخلت علي ابتسام وكلها ثبات ..كانت قد قذفت بقلبها خارج باب غرفتي وشدت رباطة جأشها فأدهشت الحضور ... بكيت عند حضرتها بكاء الفطيم... ثم أخذت الموت عني وخرجت ..
...
محطة
6/4/2004 رحلة الخطوط السعودية تحط بسلام بمدرج مطار الخرطوم محطة الحزن المؤجل .. أنا أحمل أسيل على كتفي وهي تتلوى لترتمي في حضن أمي الجزعة ونورة خالة الفقيدة .. أنا بين هذا وذاك أغسل القلب بكاء ويخرج مارد أحزاني من جديد فينهزم صبري تترامى أشلاء الوجع الخرافي أرى سؤالات الأمكنة عنها .. بركات تحتويني من جديد ورفاق .. صديقي شرف يجلس أرضا ... بعيدة هي "مي" هذا اليوم ولطالما رقصنا لأجلها سويا يا صديق!!! لكنكم جميعاً تأخذون الموت عني ..
هديل .. آخر محطات النشيج وأول مقاطع النشيد حيث أنخت أحمالي وتوقيت الرحيل ..نامت عندها أسيل وتفتحت الحياة ..إحتملت جراحاتي وبكيت في حجرها أنى شئت فكانت كمن يعيد خلق إنساني بماء الدمع فأخرج لعوالم الإدراك والضوء الشفيف معافى من كل حزن
...
باب
18/11/2004 أوصد علي باب بيتي بعد طول سفر.. أنا وهديل وأسيل .. أوصد باب الموت لأشرع باب الحياة وأجدها تجذبني وأجذبها ..نتعارك أهزمها أحيانا وكثيرا ما يهزمها غيري .... لكن الموت ضعيف عندي .. انا أتكلم لا عن جلدي .. بل عن من هم حولي .... هاهي أميره جديدة تخرج للوجود بتوقيعي وهديل ... تشهر سيف الضحك بمملكتي ... هي تشبه محمد إبني في القسمات وتشابه لون اللوز وطعم النشوة والرمان ... تعلمني أشياءً جداً أجهلها وأراقب فيها ما قد كان ... وتدافع عني سيل الحزن وتأخذ موت أحبتنا رغما عن كل الأحزان
...
ناس
ناس دال عرفتهم عن كثب فأحببت الحياة معهم .. العمل هناك لا ينتهي كخوتهم .. يحملون عنك الموت بعذب حديثهم ونقاء ضحكاتهم ...جمال عشرة ورجال عسرة وكرم أخلاق
شباب الماجستير جامعة الخرطوم ..
ياسر جامع الرجل الجامع .. مرآتي وأخي الأكبر الذي أحتاج ..كثيراً ما ينتقد حماقاتي ولكنه حنين كالزقاق وجميل جمال قدامى الرفاق ..
د.أسامه "جريمة" كما ينعته الأصدقاء معطاء حتى اللامنتهى مثقف ومريح يذكرني بالبنسون كما شرقاوي ومشعل الذي لا يذكرني إلا بالحياة ..
بهاء الدين ..يأخذ من إسمه كل الأشياء ..بهي جدا ويفوق النقاء ...
عزة بدري .. فاتن .. آمنة : وعد بعزة جميلة نابغة مرتبة متأنقة ببلادي ..أتعلم منهن الكثير جميعهم جميعهن .. يدفعون بالحياة ..
...
خالد ماسا لم يكن يعرفني آنذاك ولم أعرفه بعد .. هو صدفة جميلة ولقاء غير مرتب له ان يكون علمني أن الحياة هي أن تحيا لأجل من هم حولك وان تشرع للناس باب الأمل .. هكذا العيش أن تسعد كل الأفلاك بمدارك وتبقى دورتك مرتين: أولى لهم والثانية لأجل القادمين....
جماعة باب الأمل علي العجب وباقي الكتيبة
....
أبوي حسن وأمي الفوز شبه الموز ... أحبكما جدا هذا الصباح ...
أميره كرار .. صباح الخير .. جميعنا نحبك لأنك من منحنا حب الحياة حتى بعد الموت .. فالرحيل ليس غياب
أشقائي وشقيقاتي ..زوجتي وبناتي .. أحببت معكم الحياة ....
ثم غادة نوري
شعلة الحياة الجميلة ... إمرأة تقهر المرض وتحتقن الدموع فلا تمنح مآقيك فرصة ليتسرب البكاء تهب كل من حولها كل ما عندها إلا الألم ...
ختام
أرفع أكف الضراعة أن يتغمد المولى الفقيدة ويوسع مرقدها .. اللهم أغفر لها وأرحمها اللهم زدها كل صباح لديك درجة وقربها منزلة وبارك في ذريتها وأرحمنا إذا صرنا اليها ...
اللهم أشف مرضانا وعافهم وأعف عنهم وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
المفضلات