الماحي رجل لا تستطيع التكهّن بما يدور في رأسه من أفكار!!،،،
وهو خارج من بيته كل صباح يمرُّ أولاً ببيت فهيمة جارتهم ، يبتدرها بالسلام : خالتي بهيمة كيف حالك ، وترد بكل أريحية الكون والكواكب المجاورة : أهلاً يا الماحي ولدي ، كيف حالك!!
والله طيب يا خالتي بهيمة !!
يستقل أيضاً قلّة سمع (التوم) كل ما قابله في طريق ، الشوم ازيك!! أهلاً الماحي أخوي!!
لم يكن الماحي ذو حكمة ولا ذو رأي ، فعند ظهور أول علامات المخاض على زوجته لم يكن هنالك موضع شبر على الأرض إلا وقد تغطى بالطين بسبب الأمطار، لم يجد بد من إحضار قابلة المركز الصحي مشياً على الأقدام ، ولكن خطرت له فكره!!
امتطى دراجته الهوائية فزوجته تتوجّع ، والقابلة كالفيل أو أشد سمناً ولن تصل الا بعد طول ذهاب، أجبرها على ركوب الدراجة الصغيرة التي كادت أن تصرخ من ثقل ما تحمل!! وعند اول مطب كانت القابلة البدينة ملقاة على طين الأرض اللزج ، وفوقها الماحي وفوق الجميع الدراجة ، كأنما لفظتهم جميعاً بحرقةٍ وألم!! بكت يومها القابلة بكاءً مرّاً ، وندبت حظها الذي أوقعها في هذا الرجل، فقد التوى كاحلها وتلطّخت بالطين ، ثم انها لم تصل الا بعد فوات الأوان فقد انجبت زوجة الماحي بالعناية الإلهية ومن غير قابلة، الا انها ـ أي القابلة المسكينة ـ وجدت نصيبها من خروف العقيقة (السماية) ولم يكن ليصلها شيئ لولا التواء كاحلها وتلطخها ونيل حظّها من الطين!!
كذلك من سوء حظ هذا الرجل أن ذهب يوماً إلى مدينة ودمدني متسوّقاً ، ولسوء حظّه تزامن ذهابه مع تظاهرات طلاب جامعة الجزيرة في العام 1994م ، لم يكن يفهم في السياسة الا بالقدر الذي يقوله ود الطاهر (سيد الدكان) ... ، يومها قبض عليه مع مجموعة طلاب قذفوا مبنى الولاية بالحجارة، وجلدوه جلد غرائب الإبل، لم يكن يدري ما الذي يجري، وعندما سألوه أقسم بالله أنه لم يسرق شيئاً ، وعندما ضيّقوا عليه الخناق اعترف أنه لم يدفع لصاحب المطعم (قروش الفول) وأنه تائب توبة نصوحة لا رجعة فيها !! .
المفضلات