( 3 )
دخل حاج احمد على زوجته وسلم عليها , وكعادتها وجدها تنتظره بالطعام .
فهي لا تتذوق طعاماً ولا تستسيغه في غيابه عنها , ولا تأكل طوال اليوم حتى يأتي هو فتأكل معه وهما يتجاذبان اطراف الحديث , حين يجلس معها حينها يحس كم يحب هذه المرأة التي يدخر لها حباً عظيماً , بل كان يذوب فيها عشقاً وهوىً ,
رغم عدم قدرتها على الإنجاب , وكان يحس بغنى لا يضاهيه غنى , رغم خصاصته وعسر حاله وضيق ذات يده وحالة الكفاف والعوز التي يحياها هو وزوجته .
فكان قانعاً راضياً , صابراً محتسباً وكله ثقه أن ذلك الأمر ما هو إلا إمتحان من رب العباد , وانه رب رؤوف بعبيده رحيم بهم , كان سعيداً
وكان دائماً ما يقول لنفسه : " إن الله مع الصابرين " ...
ورغم الضنك الذي يحياه إلا أنه عندما يجلس بجوار زوجته في ذلك العنقريب الموسد بالجلد لتناول الطعام وينظر في عينيها ينسى كل ذلك , حتى أنه ينسى ما يضع في فمه من طعام .
يعشق النظر إليها , يغوص بعينيه في ملامحها , وكان يألم لعلمه بخوفها من أن يتزوج عليها طمعاً في الإنجاب
فكان دائم التطمين لها قائلاً : أنه لا يفكر في الإنجاب من سواها , وأنه راض كل الرضا بما قسمه له ربه ويذكرها بقوله تعالى :
" يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ " ...
وهي تلح عليه بلزوم الزواج بأخرى تستطيع أن تأتيه بمن يحمل اسمه ويكون عوناً له في كبره ...
المفضلات