لا ادري من قائل هذه العبارة الفنون جنون ولا المقصود بها .. ولكن هي كلمة مالوفة اعتدنا نقولها كل ما نشاهد لوحة جميلة او غريبة او اي عمل فني لا نستطيع استيعابه ... انا استعنت بهذه العبارة لانها ذكرتني بمحطات في حياتي مع الفنون .. وتحديدا الرسم ... كانت لي موهبة وهواية في الرسم .. ذهبت الهواية ولكن الموهبة لاادري باقية ام زالت هي الاخرى لاني لم اختبرها قريب ..
ومن المعروف انه الانسان اذا ربنا اكرمه جعل هوايته وموهبته هما مصدر رزقه .. بحيث يجد نفسه يعمل ويستمتع في ذات الوقت .. لذلك تجد الفنانين الذين يحترفون الفن لايملون من عملهم ابدا .. ممكن تجد واحد يعمل اكثر من ثمانية عشر ساعة دون ان يمل او يحس بالوقت وخاصة اذا كان يرسم في لوحة كاملة زيتية .. لان الوان الزيت تحديدا مغرية جدا .. كل ما نظرت لها اوحت لك بفكرة جديدة .. انا اول ما جئت الى السعودية اقنعني ابن عمي بان اعمل في مجال الفنون وبالفعل ذهبنا الى احد الفنانين السودانيين المشهورين وهو الاستاذ عبد القادر الكدرو وعرضت عليه لوحاتي واعجب بها .. ولكن لا ادري هل من حسن حظي انا او من حسن حظ الفن الاستاذ رجع السودان فجاه وانا صرفت النظر عن الموضوع .. ولم اتطرق له الا الان .
والطريف والغريب ان طيلة مسيرتي مع الرسم في المراحل الدراسية المختلفة ادخلني في متاهات ومشاكل .. من المفترض انها هواية جميلة تدر على صاحبها الجوائز او على الاقل المدح وثناء الاخرين .. ولكن انا من المشاكل التي ادخلني فيها الرسم .
اذكر ونحن في المرحلة المتوسطة وفي الصف الثالث كان معنا زميل سمين جدا طول بعرض .. لا لا لا.. طول ايه .. عرض بعرض فقط .. ليس فيه طول .. وكان هو مهزار جدا ويحب الضحك والمشاغبة .. ومعي انا بالذات لانه كان يجلس قربي .. مثلا يجدك تكتب .. يرش الحبر على الورقة ويضحك .. ولكن ماذا حدث انا ذات يوم حضرت مبكرا .. وبعد ما وضعت كتبي في الدرج ذهبت ناحية السبورة للممارسة هوايتي الصباحية في الرسم ؟؟ في ذلك اليوم خطر لي خاطر شيطاني في اني رسمت شخص سمين جدا .. بدون ما اقصد به شخص معين .. ولكن لسوء الحظ طلع مطابق تماما لشخص اخينا المشاغب .. وبدا بعد ذلك اي زميل يدخل ينظر الى السبورة وينفجر ضاحكا .. واكثر من ذلك وقف قربي زميلان واحد منهم حاول يقلد رسمتي والثاني كتب اسم التلميذ ثالثا مثلثا .. ليدخل هو بعد ذلك .. ويغضب غضبا شديدا ويخرج من الفصل .. انا اول مره اشوفه غاضب .. لانه هو يحب الضحك ويضحك لاتفه سبب ... وعندما خرج لم يتوقف الا عند مدير المدرسة واشتكى له .. ونحن ماصدقنا انه اشتكى للمدير وانا شخصيا لم اكن اتوقع انه سيشتكيني لاننا نتبادل الهزار بكثرة ..ليعدي اليوم بعد ذلك عادي .. وفي فترة الظهر نسمع صوت جرس مفاجئ لغير العادة ليحضر الساعي وينبئنا عن اعلان طابور طارئ عز الظهر .. وخرجت كل الفصول .... لنعرف بعد ذلك انه تلاميذ من الصف الاول التموا على احد الاساتذة وضربوه .. ليخطب فينا المدير خطبة عصماء .. ويؤتى بتلاميذ الصف الاول ويتم جلدهم في الطابور .. ويخلص الموضوع على ذلك .. او كنا نتوقع .. ولكن يتوقف الناظر بعد ذلك وينادي .. يا عبدالله من هم الجماعة الذين رسموك في السبورة ؟؟؟انفجر كل الطابور ضاحكا .عداي انا طبعا . لاني ا انا شعرت راسي اصبح اكبر من جبل التاكا .. وهو فعلا بدا ينادينا بانفعال شديد يا استاذ هم :
درديري كباشي
جلال محمد الحسن
ابراهيم الزناتي .
خرجت انا امشي ناحية الساحة كاني رجل آلي .. وسمعت المدير يقول للاستاذ اجلد كل واحد منهم خمسة جلدات .. الحقيقة انا تحملت الخمسة حلدات ليس شجاعة او جعلية مني .. لكن لاني شعرت انه جسمي مخدر تماما من الغضب والصدمة والمفاجاة .. الغضب من الزميل المهزار الذي اشتكانا .. والغضب من الناظر الذي جلدنا في طابور طوارئ كاننا مرتكبين جريمة حدية .. وانا راجع الى مكاني في الصف في هذا لوقت كان الزميلان يتحاججا مع المدير في انهم ما رسموا ولا حتى يجيدون الرسم .. سالني المدير : يا درديري الجماعة ديل رسمو معاك .. ,انا رديت باسلوب غاضب مع رفعة اليد : ما رسموا ... ويبدوا انه الناظر غضب مني وقال تعال ارجع .. اجلدوه خمستين تاني بدلهم لانه تستر عليهم .. وفعلا رجعت للكنبة واخذت العشر جلدات الاخرى .. ورجعت الى الطابور ممزق تماما نفسيا وجسديا .. والحمد لله صمدت ولكن كما ذكرت ليست شجاعة ولكن يمكن تكون زهلله او اي شئ آخر .
ورجعت وانصرف الطابور بعد ذلك لكن هذه العلقة كادت ان تنهي مسيرتي التعليمية لاني فكرت ان اجمع الكتب و اسلمها للناظر واغادر المدرسة للابد .. لكن تريست وجلست في الفصل وضعت يدي في الدرج ورقدت عليها .. لا اكلم احدا .. لكن الحدث بعد ذلك ومن ايجابيات هذا الموقف انا تلقيت تاييدا تاما وتعاطفا من كل المدرسة تلاميذا واساتذة .. وفي ذلك الوقت خسر الشاكي كل شئ اذا قاطعه كل الفصل والمدرسة مثل ما نقاطع الدنمارك وسنقاطعها اكثر انشاء الله .. والغريبية جائني بعد كذا يوم يعتذر لي .. وقلت له يا عبد الله انا حتى الان ما قادر اجلس على الكرسي .. تاسف شديد وسامحني والحمد لله عد الامر عادي ... والا ربما كنت الان عامل او ميكنيكي يعمل بالمنطقة الصناعية بكسلا وياكل من عرق جبينة ... والحمد لله .
والى موقف آخر.
المفضلات