هل نحن نحب النوم؟
كثر اتهامنا نحن السودانيون بالكسل وحب النوم وكثرت النكات والسخرية التي تصب في ذات الاتجاه من الجنسيات الاخرى .. واشتد غضبنا نحن ودفاعنا المستميت عن هذا الاتهام الباطل .. وقد يكون هذا الاتهام غرضي ومرضي من جنسيات شعرت باننا ننافسهم ونفوقهم في قيم اخرى لذلك لجاوا لنشر شائعة الكسل حتى ينالوا من الطلب العالي علينا ( او هكذا نعتقد نحن ) لكن .. انا بعد شني عدة حروب مع الاخرين من اجل هذا الاتهام .. قلت دعونا نحن الاول نلقي نظره ذاتية على واقعنا ونرى هل هذا الاتهام ياتي من فراغ ام وراه ما يسنده من واقعنا .. وتعالوا نلقي نظرة ذاتية على واقعنا ونرى من اين استنبط الاخرون حبنا للنوم ..
اولا بيوتنا واثاثنا..
الحق يقال انه نحن تكون نصف او ثلاثة ارباع اثاث بيتنا عبارة عن سراير .. بل نحن نفرش الغرف بالسراير والصالات بالسراير والصالون بالسراير وحتى الحيشان فيها سراير حديد للاستخدام الليلي .. اذكر في منتصف التسعينات كنت مصادق خواجي وزوجته مسئولين من الصليب الاحمر السوسيري بمنطقة كسلا .. وكان بيننا زيارات اسرية .. الخواجية اول ما دخلت بيتنا .. لفت على كل البيت وكانت تنظر باندهاش اخر شئ قالت ( وووووووواو درديري بيتكم فيه خمستاشر سرير ) طبعا انا عمري ما حسبتهم لكن فعلا كان في سراير حديد في الحوش وسراير خشب في الصالات والصالون وسراير في الغرق.. وانا عندما زرت الخواجية اكتشفت انه بيتهم فيه سرير واحد دبل . وحاولت ابرر باني نحن اهلنا كثر يزورنا من الريف ويبيتوا معنا ونحن عيب انه نترك الضيف ينام في الارض .. واصلا النوم في الارض خطر .. لكن ما وجدت مبرر في انه انا ازحم بيتي بسراير طيلة عام من اجل ناس راح ياتوا يومين في السنة..
طبعة ثانية انه نحن السودانيين نكاد نكون الشعب الوحيد الذي ممكن ان نكون في جلسات انس ومستلقين على السراير .. لاحظوا هي اسمها جلسات انس .. يعني مثلا الصالون قد يكون مفروش بستة سراير مليئة بستة من الشباب مستلقين وضاربين الونسة .
ثالثا : نحن تقريبا الشعب الوحيد الذي يفرش صيوان العزاء بالسجاد ونخلي البيت من الكراسي والسراير ويفرش بالسجاد ونحن من نطلق على بيت العزاء بيت الفراش .. وتجد المعزيين منبطحين في السجاد يتجادلون ويضجون وهم رقود .
رابعا : نكاد نكون نحن الشعب الوحيد الذي يقدم دعوة قوامها النوم فقط . مثال. يعني ما حا تجوا تبيتوا معانا ... يا حاجة نحن ما قيلنا واتغدينا معاكم ... لا لا لاما كفاية لو ما بتو معانا يوم ولا تعتبروا نفسكم جيتونا ..
خامسا لو زرت احد اصدقاؤك مثلا بالنهار ولم تجده تجد اسرته كلها جندت نفسها لتنويمك .. عشان يتضح المعنى المقصود نقدم المشهد الدرامي الآتي :
طرق على الباب ( كو كو كو )
صوت من الداخل ... يا ولد يابت يازفت افتحوا الباب دا شوفو منو في الباب ..
يفتح الباب :
السلام عليكم
اهلا حاتم كيفك
هلا يا سامي حمد الله على السلامة ..
يا ولد منو في الباب
حاتم : يا يمه دا سامي صاحب عصام
الام: اتفضل يا ولدي .. وتجي بعد ما تلبس ثوبها .. وتسلم ..
الام : ازيك يا سامي يا ولدي كيف امك وكيف اخواتك ادخل على الصالون ارتاح من الحر دا .
سامي مستعجل يا خالتي علوية عصام ما قال رايح وين ..
الحاجة : اجي ياولدي ما تدخل تبرد الجو الشوية وتشرب ليك شربات .. عصام قال رايح المغتربين يجدد جوازه وقال ليك انتظره هو ساعة واحدة وبيجي .. ادخل لجوة ..
الحاجة : ولد يا حاتم شغل المرواح وفتح الشبابيك لسامي وجيب ليه موية باردة ..
يدخل سامي يجلس على طرف السرير في الصالون ( لايوجد كراسي في المجلس)
تدخل الحاجة يا ولدي ما تتوهط شوية ارجع لورى اقعد كويس .. طلع جزمتك دي .. تخرج الام تدخل الاخت الكبرى ..
سامي كيف حمد الله على السلامة وكيف فاطمة ما خلصت امتحانات ..
سامي : اهلا يا شادية وفاطمة بتسلم عليك ووقالت ليك حاتعملي شنو لعرس سناء ,,
شادية : انا بجيها بعد تخلص .. هي انت ما تتكي ضهرك دا مالك مصلب كدا واقف ديدبان؟ .. حاتم خت المخدة دي ورى ظهر سامي ,, اتكي يا سامي يا اخوي .. وتخرج ..
ليحضر الاب بعد ذلك : اهلا يا سامي يا ولدي حمد الله على السلامة ..
سامي اهلا يا عم الطاهر ..
عم الطاهر .. ومالك لسع قاعد ببنطلون الجنز ,, امشي يا حاتم جيب جلابية من دولابي لسامي ينوم بيها ..
سامي : يا عمي كدا انا مرتاح وانا منتظر عصام وبروح ..
الاب : يا ولدي فك الحزيم دا نتو ما زهجتو منه في الغربة ..
وتحضر الجلابية فعلا ويغير سامي ..
وتاتي الام وهي تهمس تطلب من ابنها الصغير انه ينزل الستائر حتى لا يدخل ضوء الشمس ..
ليحضر عصام بعد ذلك يجد صديقه يشخر في صالونهم في سابع نومة..
تحصل ولا ما تحصل .. انا شخصيا حصلت معي عدة مرات ويامى نمت في بيوت اصحابي وهم كذلك .
ولا زال النوم مستمر
المفضلات