مايو ذلك الحي المتفرد
كانت هذه المنطقة عندما رحلنا إليها وانا عمري بين السابعة والثامنة عبارة عن بيوت متفرقة تتخللها مساحات كبيرة تحتلها اشجار العُشر (6) وشجر الماسكيت وشجر الشوك. كانت عبارة عن غابة متفرقة، ومعظم البيوت لم تكن مسكونة لأصحابها فقد كان يسكنها العاملين (الطُلب) وعندما يحين وقت المغرب كان الشارع يعج بالسكارى وأرياح (المُشق) (7) ولم يكن السكن في ذلك الوقت مريحاً مع هذه الروائح التي نستنشقها طوال اليوم. كانت (المريسة) اشهر وجبة سُكر على الاطلاق ورخيصة الثمن وتشتهر بأنها جالبة للقوة، لهذا كانت كثيرة التناول من العاملين.
مراجعات:
(6) يسميها البعض شجرة الجن ، (حبائل الصحراء ) وفي كتاب للمؤلف : محمد بن سليمان اليوسفي ذكر أن العشر من النباتات التي تستخدم طبياً , وجميع أجزائه سامة خصوصاً العصارة اللبنية الموجودة في جميع أجزاء النبات و يُروى من القصص الشعبية ( السباحين ) أن امرأةً تزوج زوجها بغيرها وهجرها بعد أن أخذ آنيتها وأدوات الطبخ ليعطيها لزوجته الثانية , ولما طال هجر الزوج لزوجته الأولى ذهبت إلى شجرة عشر وجلست تحتها تندب حظها وتستنجد قائلةً :
(جن العشر , هو من خَطَرْكم يخَطّر , قشي غدا وأبو عيالي تنكر , وأبو عيالي يالنشاما فقيدة).
والخاطر هو الزائر أو الضيف , وقشي تقصد أدواتها وآنيتها . وتخلص هذه القصة إلى أن ( شهامة الجني المزعومة ) تحركت فتلبس زوجها ورفض الخروج حتى أرغمه على العودة إلى زوجته الأولى !
وكان يعتقد قديماً أن إحراق أغصان العشر يجلب الجن وأن إحراق نبات الحرمل يؤدي إلى طردهم.
وفي الأمثال الشعبية يُقال ( خضرة عشر ) عن الرجل الذي يجمع بين أناقة الشكل وسوء المخبر , وذلك أن خضرة شجر العشر ونضارته تخدع من لا يعرف حقيقة النبات وسميته.
(7) المشق يخرج بعد تصفية المريسة وهو عبارة عن بقايا من محتويات السُكر - ومن ناحية علمية هو عبارة عن طبقه جلديه يابسه تتكون على الجسم بسبب البرد والوسخ
المفضلات