هل نجامل في الدين إذا
إذا كان الحق جل جلاله نهي نبيه عن الإستغفار لهما
العمل شنو يا أهلنا
الأدلة من السنة:
وأما السنة فما رواه مسلم عن أنس أن رجلاً قال يا رسول الله أين أبي.؟ فقال: ((في النار فلما قفى دعاه ، فقال: إن أبي وأباك في النار)).
وكذا ما رواه البزار من أنه أراد أن يستغفر لأمه فضرب جبريل صدره وقال: تستغفر لمن مات مشركاً.
وكذا ما رواه الحاكم في مستدركه وصححه ، أنه قال لابني مليكة: ((أمكما في النار فشق عليهما فدعاهما فقال إن أمي مع أمكما)).
وتعقب الذهبي له بكون عثمان بن عمير ضعفه الدارقطني لم يخرجه عن كونه ثابتاً حسناً قابلاً للاستدلال ، إما على الاستقلال ، وإما مع غيره لتقوية الحال.
وكذا ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أين أمي.؟ قال: ((أمك في النار)) قلت: فأين من مضى من أهلك.؟ قال: أما ترضى أن تكون أمك مع أمي)).
وكذا ما روى ابن جرير عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة أتى رسم قبر فجلس إليه فجعل يخاطب ثم قام مستعبراً فقلنا يا رسول الله إنا رأينا ما صنعت . قال: ((إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي ، واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي)). فما رؤي باكيا أكثر من يومئذ.
وسيأتي سبب بكائه منصوصاً عن بعض العلماء ، والله أعلم
وكذا حديث مسلم وأبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه : ((أنه استأذن في الاستغفار لأمه فلم يؤذن له)).
وأما القول بأنه ثم استأذنه ثانيا وأذن له فيحتاج إلى دليل صريح ونقل صحيح.
ثم لا ينافي الحديث الأول ما ورد من طريق آخر ولم يذكر فيه إن أبي وأباك في النار بل قال: ((إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار)).
فإنه يفيد التعميم والأول يدل على التخصيص فذكره أولا تسلية له وثانيا لئلا يتقيد بالحكم المذكور بل يعم من هو بالكفر مشهور كما يدل عليه رواية ابن ماجه من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سالم عن أبيه قال
(1/4)
وجاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحم وكان وكان فأين هو.؟ قال: ((في النار)) قال فكأنه وجد من ذلك فقال: يا رسول الله فأين أبوك.؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار)). قال فأسلم الأعرابي بعد وقال لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعباً ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار.
وفي هذا التعميم دلالة واضحة وإشارة لائحة بأن أهل الجاهلية كلهم كفار إلا ما خص منهم بالأخبار عن النبي المختار صلى الله عليه وسلم.
ومما ثبت في الكتاب والسنة ما أخرجه ابن جرير عن قتادة قال: ذكر لنا أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا نبي الله إن من آبائنا من كان يحسن الجواد ويصل الأرحام ويفك العاني ويوفي بالذمم أفلا نستغفر لهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((والله لأستغفرن لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه)) فأنزل الله {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين . .} الآية ثم عذر الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه . .} إلى قوله: تبرأ منه.
وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أوحي إلي كلمات قد دخلن في أذني ووقرن في قلبي أمرت أن لا أستغفر لمن مات مشركا ومن أعطى فضل ماله فهو خير له ومن أمسك فهو شر له ولا يلوم الله على كفاف.
وتأويل السيوطي أن المراد بأبيه عمه أبو طالب وأبي إبراهيم عمه آزر في غاية السقوط
فتدبر وسيأتي زيادة الكلام للرد عليه بالوجه الآخر.
وأخرج ابن جرير من طريق عطية العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ما كان للنبي والذين آمنوا الآية قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يستغفر لأمه فنهاه الله عن ذلك قال: فإن إبراهيم عليه السلام قد استغفر لأبيه فنزل {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه}. الآية
(1/5)
قال السيوطي: هذا الأثر ضعيف معلول فإن عطية ضعيف وهو مخالف لرواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس السابقة وتلك أصح وعلي ثقة جليل.
قلت عطية مختلف فيه ولو سلم أنه ضعيف فيتقوى بانضمام غيره إليه
ثم لا مخالفة بين الروايتين لإمكان الجمع بين القضيتين بتعدد الواقعة في الحالتين ، وقد نقله الحافظ عماد الدين في تفسيره عن العوفي عن ابن عباس وسكت عليه وهذا دليل ثبوته عنده
وقد أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً إلى المقابر فاتبعناه فجاء حتى جلس إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم بكى فبكينا لبكائه ثم قام فقام إليه عمر فدعاه ثم دعانا فقال: ((ما أبكاكم.؟
قلنا: بكينا لبكائك. قال إن القبر الذي جلست عنده قبر آمنة وإني أستأذنت ربي في زيارتها فأذن لي ، وإني استأذنت ربي بالاستغفار لها فلم يأذن لي ، وأنزل علي {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} فأخذ في ما يأخذ الولد للوالدة من الرأفة فذلك الذي أبكاني)).
وكذا ذكره الواحدي في أسباب نزوله بإسناده عن مثله.
ورواه الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما نحوه كما ذكره القسطلاني.
قال القاضي عياض: وبكاؤه عليه الصلاة والسلام على ما فاتها من إدراك أيامه والإيمان به.
(1/6)
وأخرج ابن مردويه عن بريدة رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ وقف على عسفان فنظر يمينا وشمالا فأبصر قبر أمه آمنة فورد الماء فتوضأ ثم صلى ركعتين فلم يفجأنا إلا بكاؤه فبكينا ببكائه ثم قام فصلى ركعتين ودعا فلم يفاجأ إلا وقد علا بكاؤه فعلا بكاؤنا لبكائه ثم انصرف إلينا فقال: ((ما الذي أبكاكم.؟ قالوا: بكيت فبكينا يا رسول الله. قال: وما ظننتم.؟ قالوا: ظننا أن العذاب نازل علينا بما نعمل. قال: لم يكن من ذلك شيء. قالوا: فظننا أن أمتك كلفت من الأعمال ما لا يطيقون فرحمتها.؟ قال لم يكن من ذلك شيء ، ولكن مررت بقبر آمنة أمي فصليت ركعتين ثم استأذنت أن أستغفر لها فنهيت ، فبكيت ثم عدت فصليت ركعتين فاستأذنت ربي أن أستغفر لها ، فزجرت زجراً فعلا بكائي ثم دعا براحلته فركبها فما سار إلا هنيهة حتى قامت الناقة لثقل الوحي فأنزل الله {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآيتين
(1/7)
وأخرج الطبراني وابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اقبل من غزوة تبوك اعتمر فلما هبط من ثنية عسفان أمر أصحابه أن يستندوا إلى العقبة حتى أرجع إليكم فذهب فنزل على قبر آمنة فناجى ربه طويلا ثم بكى فاشتد بكاؤه فبكى هؤلاء لبكائه فقالوا ما بكى نبي الله هذا البكاء إلا وقد حدث في أمته شيء لم تطقه فلما بكى هؤلاء قام فرجع إليهم فقال ما يبكيكم قالوا يا نبي الله ما هذا البكاء إلا وقد حدث في أمتك شيء لم تطقه قال لا وقد كان بعضه لكنني نزلت على قبر أمي فدعوت الله ليأذن لي في شفاعتها يوم القيامة فأبى أن يأذن لي فرحمتها وهي أمي فدعوت ربي أن يرفع عن أمتي أربعا فرفع عنهم اثنتين وأبى أن يرفع عنهم اثنتين دعوت ربي أن يرفع عنهم الرجم من السماء والغرق من الأرض وأن لا يلبسهم شيعا وأن لا يذيق بعضهم بأس بعض فرفع الله عنهم الرجم من السماء والغرق من الأرض وأبى أن يرفع عنهم القتل والهرج
قال إنما عدل إلى قبر أمه لأنها كانت مدفونة تحت كدى وكانت عسفان لهم وبها ولد النبي صلى الله عليه وسلم أي على قول.
وقد أخرج العماد ابن كثير هذا الحديث بسند الطبراني المتصل إلى ابن عباس رضي الله عنهما مع تغيير قليل وزاد في أخره
ثم جاء جبريل وقال وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه فتبرأ من أمك كما تبرأ إبراهيم من أبيه فرحمتها وهي أمي ودعوت ربي . . . إلى آخره
وأخرج ابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال
وجاء ابنا مليكة وهما من الأنصار فقالا يا رسول الله إن أمنا كانت تحفظ على البعل وتكرم على الضيف وقد وأدت في الجاهلية فأين أمنا قال أمكما في النار فقاما وقد شق ذلك عليهما فدعا رسول الله فرجعا فقال ألا إن أمي مع أمكما في النار.
وأخرج ابن سعد عن الكلبي وأبي بكر بن قيس الجعفي نحوه وفي المعالم
رغم أن هذه الأدله اقروا بأنها ضعيفة إلا أنهم أخذوا بها هنا
فمتي نأخذ بالأحاديث الضعيفة
هل هي في تشريع معين أم نأخذ بها إذا صادفت هوانا واتفقت مع معتقداتنا وإذا اختلفت صارت ضعيفة لا يؤخذ بها ؟
أفتونا يا أهل العلم
المفضلات