** أحبتي الأعزاء ..
لقد سبق وأن تم نشر هذا النص ببوست زاوة للإتكاءة على القصة القصيرة .. ولكن عندما جاء الطوفان ذهب به مع بعض النصوص الأخرى .. وعند مراجعتي للبوست في قسم المكتبات ذلك الجهد العظيم والمقدر من الأديبة الدكتورة الأستاذة تغريد وجدت أن هذا النص غير موجود .. وبما أننا هذه الأيام نقف عند عنق الزجاجة .. وحالنا لا يخفى على احد .. وفاطمة السمحة بين المطرقة والسندان .. فاسمحوا لي أن أعيد نشره لكم مرة أخري .
صرخة عصفور الجنة
عصفور الجنة لا يقوى على الاحتمال .. جسده الهزيل تتقاذفه الريح العاصفة من أغصان الأشجار المترهلة على سقيفة البيت .. حاول الاختبـاء في انحنـاءات ألـواح ( الزنك ) بالسقف .. ولكن حرارتها أرغمته على الهبوط .. فصيف حزيران لا يطاق .. وحرارة الشمس فوق الاحتمال .. هبط على النافذة وتماسك بإعياء شديد وأطل فإذا بالبنت الصبوحة راقدة على فراشها تعبث بشعرها وتفرده بين أناملها ..
- مالي أراكِ حزينة المحيى .. ووجهك الملائكي يكسوه الشحوب
- انتظرتك سنوات .. ولكنك غبت عني كثيراً .. أحسست ببعدك عني .. وعشت لحظات الفراغ والوحدة ..
- لقد كانت رحلتي طويلة .. طويلة .. رأيت فيها غابات الأبنوس .. ولفحتني فيها شمس استوائية .. والتهمت أنواعا من الفاكهة أصابتني بعسر الهضم .. ومن ثم نمت طويلا بفعل ذبابة مقيمة هناك منذ عهد بعيد بعيد .. وزمن سحيق سحيق .. وها أنت ترين .. ما بي رغم الحنان الداخل القلوب .. والألفة المرسومة في كل الوجوه ..إن رحلتي كانت صوب الجنوب .
- آآآآآه ... فأنت أتيتني بالجديد المثير .. لتؤنس وحشتي .. وتعزيني في حيرتي .. وتسامرني في وحدتي .. فأنا أعشق الوحدة والاكتمال فبها نكون عقدٍ مكتنز بالجمال .
في تلك الأثناء كان الضحى قد حل .. وحفيف الأشجار بدأ يخفت ويصمت رويدا رويداً .. وبدأت الشمس تتعامد في كبد السماء .. ورغم ظلال السنديانة العمالقة التى تغطي جانب الدار .. إلا أن لهيب الحر يكوى .. وتموج الدواخل كالبركان .. وعصفورنـا الصغيـر لا يقـوى على الوقـوف فسيقانه نحيفة ضئيلة .. .. وبطنه طاوي منذ ليالٍ لا يعرف طعم الملح والسكر .. والدقيق واللحم المحمر .. فانتفض .. وأرتعش . وأنتفش ريشه .. وعاود الثرثرة .. ..
- نعم ولكن بما أني آتٍ من هناك فحالي كحالهم أريد الأمن والأمان أولاً لأحكى لك ما كان وما سيكون .. وأريد المأوي ثانياً .. لأكون أنيس وحشتك .. وأريد الحضن الدافئ ثالثاً لنتآخى في وحدة ووئام .. .. فأنتِ ترين أن ريشي قد نفش " نفشاَ " ونتف نتفاً حتى صحت " يا أبي آآآآآي " .. " أبي آآآآآي " .. " يا أبييييييييييي " من ضيم الهجر والهجير .. وعدم المقيل .. .. ومطر العصر وعواصف الليل .. .. ومن عناء السبيل .. وغدر الصديق .. وهجر الحبيب .. وعدم أكل الطيبات من الرز والزبيب .
- يا لك من طائر مرهف .. إن في كلامك لسحر .. ورمز .
- أخالك ذات الحسن والفهم .. يا فاطمة يا سمحة .. يا راجحة العقل .. وسديدة الرأي .. يا من كنت ملاذاً للمهاجرين .. ولقمة للجائعين والمساكين .. ..
- لك من عندي ما تريد .. .. فإذا نحن تناغمنا وتوحدنا .. وعلى الحب تعاهدنا .. وللأحقاد نسينا .. وللمستقبل عملنا .. ولهذا المرقد نظرنا .. ومن هويتنا وعمق الحب الكامن فينا انطلقنا .. فلن تضام .. ولن تزل أو تهان .. فهلم إلي جنبي .. وتعال إلي حضني .
... وهنا نهاية الصرخة الأولي .. هجعة في حضن مؤقت حتى الصباح .. فهل سيعاود الصياح والصراخ ...
عصام عبدالرحيم
عصام الدين أحمد عبدالرحيم تابر
المفضلات