مدرسة مدني الثانوية للبنين
اليوبيل الذهبي
1956– 2006
بقلم / عمر حسن غلام الله
دلفت من الباب الشرقي لمدرسة مدني الثانوية- باب الأستاذة- ربما لأول مرة في حياتي (فمن كان يجرؤ على الدخول من ذاك الباب ليمر من وسط مكاتب المدير والمدرسين في ذاك الزمن الجميل)، فقد كان دخولنا نحن التلاميذ القاطنون شمال المدرسة وشرقها من الباب الشمالي، وأذكر أنه قبل حوالي عقد من الزمان مررت من أمام هذا الباب الشمالي فوجدته مغلقاً ومهجوراً، وكذلك منظر المدرسة كان كئيباً وموحشاً، وكانت المدرسة شبه خالية، وساعتها تحسرت على أعظم مدرسة ثانوية في مدني، وربما في السودان قاطبة، ففي وقتنا (أواسط السبعينات) كانت من كبريات المدارس الثانوية ومن أقواها، وفي وقت سابق كانت هي أحد ثلاث او أربع مدارس في السودان قاطبة الأعرق والأقوى؛ مدني الثانوية، حنتوب الثانوية، خور طقت، وادي سيدنا، الخرطوم الثانوية.
ولا أدري هل كان ما حاق بالسودان أواسط التسعينات هو السبب في خراب مدني الثانوية ام أن هناك أيد خفيه (وغير خفية) كانت تحيك الدسائس ضد مدرسة مدني الثانوية- وغيرها من المدارس- فطالتها يد الإهمال وتغيير الملامح، فحتى إسمها يقال أنه تم تغييره، وكذلك أسماء الفصول، ولنا رأي في هذا ذكرناه في مقالنا السابق عن مدرسة مدني الأهلية (أ) وللتذكير سأعيد سرد ما كتبته هنا:
في البلاد التي تحترم تاريخها وتعتمد عليه في سمعتها وسمعة منشآتها ومدارسها وجامعاتها ومعاهدها، يتم المحافظة على القديم الضارب جذوره في عمق الماضي، فكلما قدم كلما تعتق وازدادت قيمته، فها هي جامعات مثل هارفارد والسوربون وكمبردج تعيش على سمعتها المستمدة من عراقتها، ونحن في السودان نجتث القديم من جذوره ونلقي به في سلة المهملات.
![]()
وبمناسبة الحديث عن المدارس وتغيير الأسماء، فقد مررت أيضاً بقرب مدرستي الابتدائية "مدرسة السكة حديد غرب" فلم أجد الاسم، ووجدت اسماً آخر (نسيته أو بالأصح لم احفظه لأن المدرسة في نظري هي مدرسة السكة حديد غرب، سواء غيروا اسمها أم لم يغيروه، فلن يستطيعوا أن يغيروا التاريخ)، وحتى مع هذا الاسم الآخر لم يكتبوا تاريخ إنشاء المدرسة، ربما لأن الاسم الجديد عمره عامان أو ثلاثة، فلا يمكن أن يكون الاسم حديثاً والمدرسة يعود بناؤها إلى أربعينات القرن الماضي، فحتى هذه خضعت للتزوير، لأن عدم كتابة تاريخ إنشاء المدرسة يعني تزويراً في تاريخها الحقيقي.. لماذا أيها السادة تزورون التاريخ؟ إذا أعجبكم اسم وأردتم إطلاقه على مدرسة، فأسسوا مدرسة وأطلقوا عليها الاسم الذي تحبون، لكن اتركوا المدارس القديمة بأسمائها القديمة، فهذا تراث البلد، وقد أسسها غيركم، وسماها غيركم، فأسسوا غيرها وسموها ما شئتم.
.... نتابع



رد مع اقتباس

المفضلات