وقفت انتظر خروج من بالمنزل المهجور وقد تجمدت الدماء في عروقي خشية ان يكون ذئبا بشريا اخر لحق بي وانا اتجول خلسة في الشارع
فكرت في وسيلة للدفاع عن نفسي وعصف حزنا بداخلي وانا استرجع هجوم الوغدين علي لسلبي اعز مااملك , فقمت بكسر القنينة الزجاجية لاصنع منها اداة حادة للدفاع عن نفسي
فجاءة صمت الصوت المنبعث من الداخل , واظن ان من في الداخل سمع صوت كسري للزجاجةترقبت خروجه للحظات لياتيني صوت طفل صغير متسائلا : سعد هل اتيت ياصديقي؟!!
وقفت في دهشة وحيرة لصوت الطفل الذي بدد خوفي وبداءت اختلس النظر برفق حتى رايته ,طفل يبدو في العاشرة من العمر جالسا القرفصاء وقد وضع امامه كومة خبز مفتت وقليل من بقايا مشروبات متهالكة الحاويات ,رمقني بنظرة متسائلة وخائفة جدا
ترك كسرة الخبز التي كانت في يده وسالني: من انتي ؟ وماذا فعلتي بصديقي سعد؟
اجبته على الفور: انا سارة ؟ ولكن من انت ومن هو سعد ؟ اقصد لماذا انت هنا الان في هذا الليل المخيف؟
فابتسم الصغير بعد ان شرع في تناول كسرة الخبز وقال لي: فهمت فهمت انتي متشردة مثلنا انا وسعد ولا عجب ان قلتي لي انك بلا والدين اصلا
فقاطعته على الفور: لا لا انا لدي والدان ,وهما على قيد الحياة ايضا
ثم تنهدت بحزن وادرفت: لكنهما منفصلان ولا اظنهما يعلمان كم اشتاق لاحضانهما الان
فاشار لي الصغير يدعوني لتناول بعض الخبز ان اردت , لكنني اخبرته باني قد اكلت قبل قليل
تبادلنا اطراف الحديث انا والصغير الذي اخبرني ان اسمه عبد الله وانه بلا والدين فمنذ فتح عيناه للدنيا وهو بلا ديار ولا اهل ,وان دار للايتام وفاقدي الوالدين كفلته لكنهم اخرجوه بعد ان اصبح عمره تسعة اعوام ليعتمد على نفسه ويشق طريقه في الحياة !!!
اصابتني الدهشة وانا اسمع قصة عبد الله المثيرة
فباغتني بسؤال مؤلم: وانتي ياسارة ماهي قصتك ؟
لم اجبه بل اعتدلت في جلستي وقلت له : قصتي ياعبد الله لا تصدق او لنقل لا تحكى ,ولعلني استطيع ان احكيها لك يوما ما , لكن دعني استوعبها في بدء الامر
قطع حديثنا وقع اقدام شخصا قادم فقال لي عبد الله : اطمئني انه سعد , فانا اعرف طريقة مشيته خاصة وانه ...
ليقطع حديثه صوت سعد الذي وقف امامنا في ذهول بعد ان شرع في القاء التحية ,لم يكن سعد بالشي المفاجئ لي فعبد الله قد اخبرني من قبل ان له صديق يعيش معه هنا, لكن ماجعلني انظر لسعد بصمت بالغ هو ان سعد كان مبتور الرجل اليمنى ولا زلت اذكر كيف انه بذكاء بالغ ثبت عصا كبيرة في مكان رجله المقطوعة !!!
فقطع عبد الله صمتنا معرفا سعد بي ومعرفني بسعد اكثر
واردف قائلا: سعد هذا مثلي لكن يبدو ان الكلاب الضالة لم تفلت قدمه حين وجدته عاجز عن الدفاع عن نفسه بعد ان رمته امه في كومه اوساخ لتلتقطه سيدة تبيع الشاي وتذهب به لذات الدار التي كنت فيها
لم اشعر بغير الدمع ينساب على خدي حزنا واسافا لحال عبد الله وسعد
ودار بخلدي سؤال بلا اجابة : ماذا كان ليكون حال طفلا انجبه انا بلا قصد ؟؟
يا الله , كم هي قاسية نهاية الاشياء
جلس سعد وتبادلنا اطراف الحديث ثلاثتنا بعد ان اتفقنا على ان نعيش معا بما اننا لا نمتلك ديار مناسبة
فاخترت حجرة وتركت الاخرى لسعد وعبد الله بعد ان اتفقا معي على الا اغادر المنزل ابدا خوفا علي من الطامعين ووعداني بان يحضرا لي كل مااحتاجه شريطة ان لا اسبب لهما المتاعب
تمددت تلك الليلة على الارض بعد ان توسدت قطعة قماش اعطاني اياها عبد الله ,لم انم في تلك الليلة بل شرعت في تفكير طويل وانا استرجع قصتي المشؤمة وقصة عبد الله وسعد
وفي بالي سؤال حائر: وماذا بعد ؟

المفضلات