ما أن تحين ساعة خروج العاملين من مصانع النيل الازرق و مدني و الهدي حتي يتم إغلاق شارع المصانع من أولة لاخرة ببصات المزاد الكبيرة التي تحمل أكثر من 52 راكب و بعد قليل تتحرك هذه البصات و تمشي صوب الاتجاهات الاربعة فتتجه شمالا الي العيكورة أو ابعد منها و حنوبا الي البرياب و ماجاورها من القري و غربا الي المدينة عرب و مهله و شرقا الي الشبارقة ... آلاف البنات اللاتي يعملن بجد و نشاط و آلاف الاسر التي كانت تعيش علي مدخول مصانع النسيج ... الكل يتباري في نوعية القماش المنتج فمنها ما ينتج الدمورية و منها ما ينتج الاقمشة ذات الغزل الرفيع من التيترونات و التيل و المشجرات ... كما يقوم مصنع النيل الازرق بالتفنن في أخراج أنواع جميلة من الملايات و أقمشة القوات النظامية ... كل البيوت التي كانت فقيرة في بلدي عملت مصانع النسيج علي إنتشالها حيث طرحت تعاونياتها الثلاجات و الغسالات و البتوجازات و الاثاثات و كل الاحتياجات الحياتية علي عمالها بالتقسيط المريح و قدمت لهم الكساء و العلاج المجاني فما كانت هناك بنت في المدينة تجوب الشوارع تتسكع بحثا عن الرزق الحرام ... فقد كانت الفتيات يعملن هناك بشرف و يسر الحال ... كم زيجات تمت بين العاملين في تلك المصانع و كم من علاقات أسرية جمعتهم و كم و كم ... كان مجتمع المدينة يشكو من تشرب السيارات العاملة في المواصلات العامة في أوقات معينة لصالح عمال النسيج ... كانت لهم نقابات تأتيهم بالحقوق و تسهل عليهم سبل الحياة بالتقسيط المريح ... كانت بقالات الاحياء قد أذدهرت بفعل القوة الشرائية الكبيرة و كان سوق المدينة في حركة دائمة من البيع و الشراء و كان و كان ...
حتي أتي صلاح إدريس ليشتري كل المصانع بتراب الفلوس كما يقولون ثم يحصل علي قروض لتطوير صناعة النسيج بأضعاف الثمن الذي دفعة في تلك المصانع ... ثم قوم بإستثمار القروض في اشياء أخري و يقوم بإغلاق بوابات مصانع النسيج لتهدأ فيها الحركة و تموت
Array
Array
Array
ضوابط المشاركة
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد أحمد الصول
المفضلات