بسم الله الرحمن الرحيم
يوميات سائق أمجاد ( 1)
عبدالغني خلف الله
مافي حتي رساله واحده من زبون يطلبني في مشوار.. وبيها أصّبر شويه .. ومنذ نصف ساعة وأنا أغدو وأروح جيئة وذهاباً بدون أن أحصل علي أي راكب من أي نوع إن شاء الله طلبه ابتدائي أو حتي تلاميذ روضة ..فقلت لنفسي لماذا لا تقتحم يا ولد مملكة الركشات حيث الطرق الترابية الجانبية مع احتمال العثور علي راكب ..وفعلاً لم يخب ظني فقد قدم نحوي شخص مهرولاً وهو يصيح في انزعاج واضح ..يا أوسطي .. يا أوسطي ..من فضلك عندنا حاجه طارئه ..خير إن شاء الله ..المدام جاها نزيف حاد ولازم ننقلها للحوادث فوراً ..ترددت برهة في القبول وتخيلت منظر الدماء علي الكراسي الخلفية والرجل يردد ..أرجوك يا أوسطي ما في زمن قدامنا ..هنا زجرت نفسي الأمارة بالسوء وتخيلت أن زوجتي في نفس الموقف ..هل أرضي أن يكترث أحدهم لمنظر الدم داخل العربة بينما زوجتي تموت ..لا ..لا ..يلاك بسرعه .. طبعاً حأنقلكم للحوادث ..وصف لي السكه ..شمال يمين ..شمال يمين ..أهو وصلنا ..نزل الرجل بسرعة لإحضار تلك المسكينة وسرحت ببصري بعيداً أتصور شكل الحياة لو أن كل شخص يضع نفسه في موقف من يلجأ إليه ..أكيد سوف تحل جميع مشاكلنا ..الحكومة مثلاً لو كل وزير أو والي أو معتمد يضع نفسه في مكان عامل بسيط لديه تسعة أطفال ..أكيد سيكون كريماً معه فلا يحيله للمعاش أو يطرده من المنزل الحكومي ..إذن مبدأ تبادل الأدوار والمواقع حتي في الخيال .. سيكون مفيداً لنا جميعاً ..عاد الرجل والزوجة تئن وتتأوه وهي تستند علي كتف والدتها فيما يبدو وشقيقة لها ..براحه ..واحده واحده ..أيواا ..كده تمام ومن ثمً انطلقنا لا نلوي علي شيء .. ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان إذ عندما كنا بصدد عبور الكوبري وجدنا صفوفاً رهيبة من العربات بسبب تعطل شاحنة عملاقة في منتصف الكوبري ..ضربت بوري واستعملت الكونتاك دونما أي جدوي .. فقد الرجل صبره فنزل من العربة وهو يطلب من أصحاب العربات فتح ثغرة تمكننا من المرور وهو يركض ويردد ..يا جماعه عندنا حاله مريض مستعجله ..عندنا زول عندو نزيف حاد ..لم يقصر الأخوان باستثناء بعض المركبات التي كانت تقطع علينا الطريق الذي يوسعه الآخرون كعادتها معنا ..دائماً قاطعاها معانا ..أخيراً مر بقربنا عسكري مرور يمتطي دراجة ناريه ..فلم يتردد في تشغيل (السايرين )..وتشغيل الأنوار ففتح لنا الناس الطريق وانطلق أمامنا يسابق الريح وأنا بالكونتاك خلفه حتي لا يدخل بيننا سائق مستعجل وما أكثرهم ..شعرنا بشيء من الراحة ونحن نمضي في طريقنا قدماً وشعرت أنا بالتحديد بشيء من العظمة والغرور وتخيلت نفسي رئيساً أو والياً والموتركيت أمامي جاري ( فللي ) .. لا هماه إشارة مرور ولا خائف من لغم ..وبمناسبة الألغام أكاد أكون أحرف سائق أمجاد في تفادي مواضع الألغام وعندي أكثر من حيله ..ونادراً ما أقع في لغم بالرغم من أنني مركب لوحه بيضاء ..المهم وصلنا المستشفي وكانوا علي وشك إدخال شخص مصاب بحروق رهيبة في جميع أنحاء جسمه لغرفة العملية ونسبة لتحرج موقف تلك المرأة أدخلوها هي في الأول وقاموا بعمل جراحه سريعه داخل العنبر للشخص بتاع الحريق ..يعملوا شنو يعني ..؟ شيء أحسن من لا شيء ..حلفت من المشوار واكتفيت باحساس الترطيب الذي شعرت به وأنا خلف الموترجي بتاع الحركة ..مشيت لطرمبة البنزين وأدخلت العربيه للعفريتة فطلبوا مني تمنتاشر ألف جنيه ..الجنيه يحك الجنيه ..وكانت آخر ما أملك ..لكنني وبمجرد مغادرتي العفريته لقيت مشوار كارب للمطار اشتريت منو حاجات البيت وبطيخه للمدام ..سيد البطيخ قال لي أقطعها ليك ..قلت ليهو لا ..أصلي متعود أقطع البطيخه بحظوظ بناتي ..واحده خريجة إعلام والتانيه خريجة قانون وشريعه والتالته عندها دبلوم كمبيوتر ولا واحده شغاله ولا واحده جاها عريس ..قسمتهم كده ..حظهم الوحيد في البطيخ ..وحتي جديد اللقاء مع حلقة جديدة من يومياتي ..أترككم في رعاية الله وحفظه .
المفضلات