--------------------------------------------------------------------------------
خفائف و لطائف في تفاسير الأحلام والرؤى!!
ومن طريف ما روت كتب الأدب و السير أن أميراً رأى في منامه أن أسنانه كلها خلعت إلا واحدةً، فدعي شيخاً ممن إلى الرؤيا يعبرون ليؤول له أضغاث حلمه، فقال له أحد متلقي الحجج: يهلك أهلك كلهم ، ثم تلحق بهم، فأمر الأمير بقطع لسان ذاك المنجم التعيس عقاباً لشلاقته. ثم عرض منامه على عالم بدا أنه ذكيٍّ حصيف فقال له: أنت أطول أهلك عمراً أيها الأمير!.فطابت نفسه، و أمر له بإكرامية بأن ذبح له عجلاً سميناً وقربه إليه..و يلاحظ أن التأويل في الحلمتين كان هو هو، ونتيجته واحدة ،مع فارق أن التفسير الثاني أحكم وصادف شنه طبقاًلائقاً و و قعاً ألطف على مزاجية أمير المؤمنين الحالم.
كذلك يحكى أن رجلاً جشعاً رأى بأم عين نومه خزانةً في بيته تحترق، فسأل أحد المفسرين، فقال له: لعل تحتها مالاً أو خيراً، فحفر تحت الخزانة فوجد جرةً ملئت ذهباً يتلاصف. و بعد وقت قصير رأى ذات الحالم أن الخزانة نفسها تحترق؛ ثم لشح في نفسه ، آثر الاستئثار بكنزها والانفراد بجلبها، اللجوء لذاك المفسر ، و جعل يبحث تحت الخزانة، فخرج له ثعبان أقرع ، فلدغه، ثم عولج و شفي ثم راح يتأول لدى ذاك العالم متعجباً لاختلاف الأمرين لرؤية واحدة. فقال له: إن رؤياك الأولى كانت في الشتاء، والنار فيه دفء وهناء ثم برد وسلام، و أما الثانية فكانت في الصيف، والنار فيه شدة و ضيق وأذى و شقاء. و لو سألتنا في الثانية كما فعلت في الأولى لنجوت، و لكنها كانت خفة عقل منك و قدر من الله وقضاء ..
وقد روي أيضاً عن الإمام بن سيرين -إمام مفسري الأحلام- أنه لجأ إليه رجلان -كل منهما على حدة - فقال الأول إنى أرى فى المنام أنى أؤذن وقال الآخر كذلك فعلت -. فنظر الإمام للأول وقال له: ستحج بمشيئة الله، لعامك هذا؛ ثمحدج الثاني بنظرة رثاء و مواساة وقال وأنت سارق ، وعليك أن تسارع غلى توبة نصوح مما أنت فيه فلما خرج الرجلان ضحك ابن سيرين و سأله تلاميذه:أضحك الله سنك يا إمام؟! لم تعددت الإجابات و الحلم واحد؟ فقال : نظرت فى وجه الأول فتوسمت فيه نور الطاعة فتذكرت قوله تعالى(وأذن فى الناس للحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأين من كل فج عميق) ثم نظرت فى وجه الثاني فلمحت شؤم المعصية فتذكرت قوله تعالى: ( وأذن مؤذن: أيتها العير إنكم لسارقون).
من هنا يؤكد أهل الذكر في التفاسير أن تفاسير الرؤى لا تكون ا لعبرة بمجرد قراءة الحلم ؛ بقدرما يجب التمعن بالأحرى في وجه صاحب الرؤيا والتفرس في سماته، إن كان خيراً فخير ؛ وإن كان غير ذلك فالله المستعان.
المفضلات