تعرض المدنيون في مدينة الفاشر لإطلاق النار في الشوارع واستُهدفوا في غارات بطائرات مسيرة وتعرضوا للدهس بالشاحنات، حسبما وصف شهود الأيام الأولى التي سيطرت فيها قوات الدعم السريع على المدينة، مقدمين في شهاداتهم لرويترز لمحة عن الاستيلاء العنيف على واحدة من أكبر المدن السودانية.
عزز سقوط الفاشر في 26 أكتوبر سيطرة قوات الدعم السريع على إقليم دارفور في حربها المستمرة منذ عامين ونصف العام مع الجيش السوداني. وأثارت مقاطع فيديو لمسلحين يقتلون المدنيين في ضواحي المدينة وتقارير عن هجمات على الفارين قلقا دوليا.
لكن لا يُعرَف الكثير عما جرى داخل المدينة التي انقطعت عنها الاتصالات منذ بداية هجوم قوات الدعم السريع. وتحدثت رويترز إلى ثلاثة أشخاص فروا إلى مدينة الدبة التي تقع على بعد أكثر من ألف كيلومتر في شمال السودان وشخص فر إلى بلدة طويلة القريبة.
وقال أحد الشهود إنه كان ضمن مجموعة تحاول الفرار من القصف المكثف عندما حاصرتهم شاحنات قوات الدعم السريع وأمطرت المدنيين بنيران الرشاشات وسحقتهم بمركباتها.
وفي حديث عبر الهاتف من طويلة قال شاهد لم يرغب في ذكر اسمه حرصا على سلامته إنهم دهسوا الشباب وكبار السن والأطفال. وأضاف أن بعض المدنيين اختطفهم مسلحو قوات الدعم السريع.
ولدى سؤاله للتعليق، قال قيادي بقوات الدعم السريع لرويترز إن التحقيقات جارية وإن أي شخص يثبت ارتكابه انتهاكات سيحاسب، لكن التقارير عن الانتهاكات في الفاشر مبالغ فيها من قبل الجيش وحلفائه، حسب قوله.
خمسون أو ستون قتيلاً في شارع واحد
قال شاهد آخر يدعى مبارك ومتواجد حاليا في الدبة إن عمليات القتل استمرت في اليوم الثاني من هجوم قوات الدعم السريع. وأضاف أن مسلحي قوات الدعم السريع داهموا المنازل في المناطق السكنية بعد أن سيطروا على قاعدة للجيش في اليوم السابق.
وأوضح "خمسين نفر ستين نفر في شارع واحد.. يمشوا يطخوهم تاك تاك تاك تاك إلين ما بينتهي الشارع ويخشوا في شارع تاني تاك تاك تاك تاك... دي مجزرة حصلت قدامي أنا شفتها"، وأضاف أن عددا من الأشخاص، وهم في الغالب جرحى أو مسنون، لم يغادروا المدينة وقتلوا في منازلهم.كان مقاتلو المقاومة المحلية، ومعظمهم من الشبان المسلحين، في الشوارع يصدون الهجوم، بينما كان جنود الجيش والمقاتلون المتحالفون معه في القواعد أو ينسحبون.
وقال مبارك متحدثا عن الشبان المحليين "ديل اللي ماتوا أكتر".
وأوضح مبارك أن أي شخص في الشارع كان يتم استهدافه "بمسيرات وذخيرة كتير برضو بيدقوا". وأبلغ سكان الفاشر عن طائرات مسيرة تلاحق المدنيين في الأشهر القليلة الماضية وتستهدف أي تجمعات.
وقال شاهد آخر يدعى عبد الله تحدث إلى رويترز في الدبة إنه رأى أيضا مدنيين فارين تستهدفهم الطائرات المسيرة. وقال إنه رأى 40 جثة على الأرض في موقع واحد في الفاشر.
ولم تتمكن رويترز من التحقق من رواياتهم بشكل مستقل، لكنها تتوافق بشكل عام مع تقارير مسؤولي الإغاثة والأمم المتحدة ومقاطع فيديو تم التحقق منها على وسائل التواصل الاجتماعي.
صور بالأقمار الصناعية
أظهرت صور أقمار صناعية نشرها مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل الأسبوع الماضي أجساما تشبه الجثث في عدة أجزاء من الفاشر. وأظهرت صور أخرى نُشرت هذا الأسبوع اضطرابات في التربة في ما اعتُبر مؤشرا على وجود مقابر جماعية، وكذلك اختفاء أجسام ووجود مركبات كبيرة مما يدل على نقل جثث أو أشخاص أو أعمال نهب.
وأشارت الصور أيضا إلى أن قوات الدعم السريع أغلقت نقطة خروج رئيسة من المدينة تؤدي إلى بلدة قرني.
وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك إن المدنيين الذين أربكهم هول الموقف واستولى عليهم الذهول لا يزالون محاصرين داخل الفاشر.
وأضاف "أخشى أن تستمر الفظائع البغيضة مثل الإعدامات الميدانية والاغتصاب والعنف بدوافع عرقية".
وقالت قوات الدعم السريع إنها وافقت على اقتراح من الولايات المتحدة وقوى عربية لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، وأضافت أنها منفتحة على إجراء محادثات بشأن وقف الأعمال القتالية. وقال شهود إن القوات شبه العسكرية شنت صباح الجمعة هجمات بطائرات مسيرة على العاصمة الخرطوم ومدينة عطبرة.
ووافق كل من قوات الدعم السريع والجيش السوداني على عدد من مقترحات وقف إطلاق النار خلال الحرب التي نتج عنها مجاعات في عدة مناطق، بما في ذلك الفاشر. ولم ينجح أي من تلك المقترحات.
فرار محفوف بالمخاطر
تحدث أولئك الذين تمكنوا من مغادرة الفاشر عن رحلات محفوفة بالمخاطر مع عمليات تفتيش شابها العنف قامت بها قوات الدعم السريع واختفاء رجال وعمليات اختطاف مقابل فدى.
وتمكنت أم جمعة من الوصول إلى الدبة مع أربعة من أحفادها، لكنها لم تتمكن من العثور على ابنيها، وكلاهما جندي في الجيش، أو ابنتها. وقالت إنها قبل أن تفر من الفاشر شاهدت مسلحي قوات الدعم السريع يقتلون المدنيين.
وحكت ما رأت وهي تحاكي طريقة حمل السلاح بيديها قائلة "ضرب بس ويرقدوهم ضرب ضرب ضرب.. دي ما مات يقولهم تموه (أجهزوا عليه) تموه.. ودي ما مات تموه تموه... قتلوهم بالآلاف".
أطباء بلا حدود تحذر
حذرت منظمة أطباء بلا حدود من أنّ مصير مئات الآلاف من الفارّين من العنف العرقي في مدينة الفاشر في غرب السودان لا يزال مجهولا، وذلك غداة إظهار صور بالأقمار الصناعية مؤشرات إلى وجود "مقابر جماعية".
والشهر الماضي، سيطرت قوات الدعم السريع التي تخوض حربا مع الجيش منذ العام 2023، على المدينة الاستراتيجية في إقليم دارفور، بعدما حاصرتها لمدة 18 شهرا.
وعقب السيطرة عليها، أفادت الأمم المتحدة بوقوع مجازر وعمليات اغتصاب ونهب ونزوح جماعي للسكان.
وقال جافيد عبدالمنعم الرئيس المنتخب حديثا لمنظمة أطباء بلا حدود، إنّ "مصدر قلقنا الرئيس هو أنّه على الرغم من أننا رأينا نحو 5 آلاف شخص يخرجون من الفاشر باتجاه طويلة، فإنّنا لا نعرف أين ذهب مئات الآلاف الآخرون".
وأضاف للصحافيين في جوهانسبرغ "هذا الأمر مثير للقلق بالنظر إلى الطبيعة العرقية للاستهداف وللعنف ضد المدنيين من قبل قوات الدعم السريع".
وتقع بلدة طويلة على بعد نحو 70 كيلومترا غرب الفاشر، ولا تزال الاتصالات مقطوعة إلى حد كبير في المنطقة.
وقال عبدالمنعم وهو مواطن سوداني إيراني، إنّ ناجين رووا لأطباء بلا حدود قصصا "مروّعة" عن "تعذيب على أساس عرقي واغتصاب وإعدام تعسفي".
وأضاف أنّ ستة من كل عشرة بالغين خضعوا للفحص كانوا يعانون الجوع.
وتابع "لم أرَ شيئا مريعا كهذا طوال 15 عاما من عملي". وانضم الطبيب المولود في المملكة المتحدة إلى منظمة أطباء بلا حدود في العام 2009، وشارك في مهام في العراق وهايتي وإثيوبيا وسورية وأوكرانيا، وسيراليون خلال وباء أيبولا في غرب إفريقيا.
وأفاد تقرير لمختبر البحوث الإنسانية التابع لجامعة ييل ، بأنّه تمّ العثور على أدلّة تثبت "أنشطة للتخلّص من الجثث".
وأشار التقرير إلى "اضطرابات أرضية في موقعين على الأقل تتسق مع مقابر جماعية" بالقرب من مستشفى سابق ومسجد في الفاشر.
وأسفر النزاع في السودان عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص ونزوح نحو 12 مليون شخص متسببا بأكبر أزمتي نزوح وجوع في العالم، بحسب الأمم المتحدة.
---
جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/2160066]لقراءة الخبر كاملاً فضلاً اضغط هنا[/url]


تعرض المدنيون في مدينة الفاشر لإطلاق النار في الشوارع واستُهدفوا في غارات بطائرات مسيرة وتعرضوا للدهس بالشاحنات، حسبما وصف شهود الأيام الأولى التي سيطرت فيها قوات الدعم السريع على المدينة، مقدمين في شهاداتهم لرويترز لمحة عن الاستيلاء العنيف على واحدة من أكبر المدن السودانية.

المفضلات