أجثو في محراب حبي، أعاني خربشات الذكرى، ونزفاً يأبى البوح. تقتحمني صور آتية من أصقاع زمن مضى.. لم أزل أحيا بداخله بكل خلجات نفسي الملتاعة.. على الرغم من أني أراك ممعناً في الهجرة نحو زمن آخر..
حينما باغتتني تلك الصور المرئية المؤطرة بالحكايات.. لملت شتات نفسي، وارتحلت صوب أعماق البحور، لعل أمواجها العاتية تغرق سفن اشتياقي.. ولكني وجدت روحي تدعوك: " كن إلي جواري.. فقاربي من دون ربان.. وبحوري بلا شطآن.." .
وعلى الرغم من صقيع المسافات بيننا، فإن قلبي يناديك : " ياغائب الحضور، يا سراً يسكن فؤادي.. يا مالكاً كل خلجات نفسي العطشى.. يا سامعاً كل لغات بوحي، ويا أمل الأمنيات.. أما آن لهذا الغياب أن ينتهي.. ولهذا السفر من رجوع..؟! " .
ثم وجدتني أسائل البحر وقد غلبتني الدهشة : كيف للذكرى، وكل هذا الحضور الطاغي.. أن تتحول إلي مجرد حزن نبيل أحلامه متوحشة تستصرخني وتسألني حقها المفقود ؟!
وحينما احتضنتني أمواج البحر، وسألتني الأصداف عن سر البعاد.. ارتجفت أوصالي واهتز وجداني.. وناديتك أثناء الغرق أن تعود..
فأجابني البحر متعجباً..
ساخراً : " وهل يسمع الموج أنات الغريق..؟! " ..
المفضلات