عدنا للعاشقين
خرج العاشقان العدوان من المطعم واقترح عوض على علوية لو يركبوا تاكسي لكن هي فضلت المشي حتى يكملوا ما بدا من حوار بينهما وخاصة انهم قريبين من السوق ..
وفعلا قال لها هو متشوق ليعرف قصتها ومن تكون كما قالت هي من قبل.. وبدات علوية الحديث .
قالت :نحن اصلا من اطراف السودان وعندما حدثت موجات الجفاف والمجاعات هاجرنا الى الوسط لنحتمي بالنيل مثل باقي اهلنا في السودان . وبما انه اهلنا عملهم كان يعتمد على الزراعة المطرية الموسمية والرعي وما كنا نشتري شئ من اكلنا ومن السوق لا نشتري سوى الملابس لانه كل مصادر اكلنا من انتاجنا .. وعندما هاجرنا بعد المجاعات فقدنا كل شئ .. وجئنا في السكن العشوائي في اطراف المدينة بنينا اكواخ مثل الناس الموجودين وسكنا فيها .. ابي نتيجة للصدمة اصبح مدمن خمر كل يوم يخرج من الصباح يشتغل قليلا في الحفر والنظافة وما يجمعه يغشى الخمارات ويسكر ويعود محولا البيت اقصد الكوخ لجحيم .. وهو اصلا ما كان ينقصه جحيم ... ,يضربنا انا وامي واخوتي الصغار لاتفه سبب ..و اخيرا تعرض لحادث سيارة وتوفى .. امي في الاول امتهنت بيع الكسرة البلدية ولكن في سوق صاحبت مجموعة من النساء الشريرات واللاتي يتخذن من بيع الكسرة ساترا ( الكسرة خبز سوداني يصنع من الزره الرفيعة وليس من القمح ) لترويج وبيع الخمور البلدية .. تعلمت امي منهن الصنعة بل اصبحت اشهر وتحول بيتنا على علاته لخمارة .. واصبح البيت يرتاده السكارى من كل صوب .. انا تمردت على الوضع واحتجيت على امي في انه نحن اللقمة الشريفة من بيع الكسرة حرمتنا منها وحولت حياتنا لجحيم بزبائنها .. نحن كان عندنا سكران واحد كرهنا العيشة اما الان فكل يوم اشكال جديدة .. امي لم تسمع كلامي واصرت على المواصلة وخاصة بعد ما رات الاموال بدات تتدفق عليها . واشترت قطعة الارض وشرعت في بنائها ..
انا في تلك الفترة كنت منتظمة في دراستي .. بل المدرسة كانت بالنسبة لي هي المفر والملذ الامن الذي اهرب له في كل صباح لاعود في المساء اعاني من جديد ..ولان المذاكرة والقراءه كانت مهرب بالنسبة لي تفوقت في الدراسة .. والتفوق نفسه كان ساترا لواقعنا القبيح والمرير امام معلماتي على الاقل .. لان بنات الاسر كنا يتحاشين التحدث معي ويبدو بتحذير من اهلهن بان يبتعدوا عن بنت صانعة العرقي .. انا كنت احمل هذه المرارة واحاول تعويضها بالتفوق ولكن تفوقي لم يشفع لي ولم يصنع لي ولو صديقة واحدة احكي لها همومي ... كل البنات كنا يرين انهن اشرف مني وارفع مكانا .. لذلك انا رايت انه كتب المدرسة ما عادت تكفيني لذلك اخذت الاموال من امي ووجدت طريق آخر للمكتبات وكنت ادفن باقي اليوم في كتب المكتبة .. وقرات كميات ضخمة من الكتب .. امي ما كانت تعترض على قراءتي وكانت تعتقد ان كل شئ اقرأه هو مقرر مدرسي وكانت تظن وتؤمن ان القراءه هي مخرجي الوحيد من هذا الوحل والمستنقع الآثن ...
امي لم تكن ترقمني على مساعدتها في عملها .. بعد الرجال كانوا يعاملوني كبنتهم والبعض الاخر كانوا ذئابا .. وطالما انا موجودة في بيت صاحبة الخمارة اذا لابد ان اكون جزء من وجبتهم المدفوعة الثمن .. بعضهم حاولوا يتغزلوا بي .. وكنت ازجرهم بل بعضم اضربهم اذا تجرا ومد يده نحوي .
الا ان كان يوم وهو اليوم الذي فقدت فيه عيني .... وامي
المفضلات